يُمثّل أحد الشعانين، أو كما يُعرف أيضًا بأحد السعف، بداية الأسبوع المقدس الذي يُتوّج بعيد الفصح المجيد. إنه عيد مسيحي هام يوافق الأحد الذي يسبق مباشرة احتفال القيامة. يحيي هذا اليوم ذكرى دخول السيد المسيح الظافر والمتواضع إلى مدينة القدس، قبل أيام قليلة من صلبه وقيامته المجيدة. هذا الحدث المحوري، الذي يرمز إلى تجديد الأمل وبداية الخلاص، مذكور بتفاصيله في الأناجيل الأربعة المقدسة: متى (الإصحاح 21)، مرقس (الإصحاح 11)، لوقا (الإصحاح 19)، ويوحنا (الإصحاح 12)، حيث يصف كل إنجيل كيف استقبل الجموع يسوع استقبال الملوك، فارشين ثيابهم وأغصان النخيل في طريقه، وهم يهتفون "أوصنا في الأعالي! مبارك الآتي باسم الرب!"، في مشهد مهيب يجسد تحقيق نبوءات الكتاب المقدس، ومنها نبوءة زكريا 9:9.
تُعدّ خدمات العبادة في يوم أحد الشعانين من أكثر الطقوس المسيحية حيوية وبهجة. تتميز هذه الخدمات بموكب مهيب من المؤمنين، حاملين سعف النخيل أو أغصان الزيتون في أيديهم، مرددين الترانيم والأناشيد التي تحاكي هتافات الحشد الذي استقبل يسوع عند دخوله القدس. هذا الموكب لا يمثل مجرد تقليد، بل هو إعادة تمثيل رمزي لذاك الدخول المظفر، حيث يُعتبر سعف النخيل رمزًا للنصر، الفرح، والسلام، وهو تقليد عريق يعود إلى العصور القديمة في منطقة الشرق الأوسط، حيث كان يُستخدم في الاحتفالات الترحيبية بالمنتصرين والملوك. هذه الممارسات الاحتفالية تُقام بها في كل من الكنائس الكاثوليكية، والأسقفية، والطوائف البروتستانتية الأخرى، بالإضافة إلى الكنائس الأرثوذكسية المتنوعة، مثل الكنيسة الأرثوذكسية الإثيوبية، والكنيسة القبطية الأرثوذكسية، والكنائس الأرثوذكسية اليونانية والروسية وغيرها، كلٌ بطقوسه الخاصة التي تُضفي عليها طابعًا محليًا فريدًا. لماذا تُستخدم سعف النخيل تحديدًا في هذا العيد؟ يُعتقد أن استخدام سعف النخيل يرمز إلى الانتصار والسلام، ويُشير إلى الطبيعة الملكية لدخول المسيح، حيث كان الحشد يلوح به ويفرشه تكريمًا له كملك آتٍ.
بدائل سعف النخيل وأسماء العيد المختلفة
في العديد من المناطق حول العالم، لا يتوفر سعف النخيل بشكل طبيعي بسبب المناخات غير المواتية لنمو أشجار النخيل. وقد أدت هذه المشكلة اللوجستية إلى ابتكار حلول إبداعية في الممارسات الدينية. ففي هذه المناطق، يتم استبدال سعف النخيل بفروع أشجار محلية وفيرة، وغالبًا ما تحمل هذه الأغصان البديلة دلالات رمزية خاصة بها. من هذه الأشجار: نبات الطقسوس (Yew) الذي يُستخدم في بعض أجزاء بريطانيا وأيرلندا، والصفصاف (Willow) الشائع في أوروبا الشرقية، مثل بولندا، حيث يُسمى العيد هناك "أحد الصفصاف"، بالإضافة إلى الزيتون (Olive) المنتشر في منطقة البحر الأبيض المتوسط والذي يرمز إلى السلام. كما تُستخدم أغصان أخرى مثل خشب البقس (Boxwood) والتنوب (Spruce) في مناطق أخرى. هل تُعرف هذه الأغصان البديلة بأسماء أخرى لأحد الشعانين؟ نعم، فبسبب استخدام هذه البدائل، يُطلق أحيانًا على هذا الأحد أسماء مختلفة تعكس نوع الشجر المستخدم محليًا، مثل "أحد الطقسوس" أو "أحد الأغصان النباتية" بشكل عام، مما يبرز التكيف الثقافي والديني مع البيئة المحيطة مع الحفاظ على جوهر الاحتفال.