نيكولاس تينبيرجن ، عالم أخلاقيات وعالم طيور هولندي-إنجليزي ، حائز على جائزة نوبل (توفي عام 1988)

يُعدّ العالم الهولندي نيكولاس "نيكو" تينبيرجن، المولود في 15 أبريل 1907 والمتوفى في 21 ديسمبر 1988، واحدًا من أبرز علماء الأحياء وعلماء الطيور الذين تركوا بصمة لا تُمحى في فهمنا للعالم الطبيعي. اشتهر تينبيرجن عالميًا بمساهماته الرائدة في دراسة سلوك الحيوان، وهو ما أهّله لنيل جائزة نوبل في علم وظائف الأعضاء أو الطب عام 1973، مناصفةً مع العالِمَين البارزين كارل فون فريش وكونراد لورنز. جاء هذا التكريم تقديرًا لاكتشافاتهم الجوهرية التي أضاءت جوانب تنظيم واستنباط الأنماط السلوكية الفردية والاجتماعية لدى الحيوانات، ووضعوا بذلك الأسس لعلم السلوك الحديث، أو ما يُعرف بالإيثولوجيا.

جائزة نوبل ومؤسس علم السلوك الحديث

في عام 1973، شهد العالم اعترافًا دوليًا غير مسبوق بالجهود المبذولة في فهم تعقيدات سلوك الحيوان، حيث تشارك نيكولاس تينبيرجن جائزة نوبل في علم وظائف الأعضاء أو الطب مع زميليه الرائدين. كارل فون فريش، بعمله على لغة رقص النحل التي كشفت عن طرق تواصلها المعقدة، وكونراد لورنز، المعروف بأبحاثه عن أنماط السلوك الفطري والانطباع عند الطيور. أما تينبيرجن، فقد قدّم مساهمات محورية في صياغة الأطر المنهجية لدراسة السلوك، مُركّزًا على تحليل آلياته التطورية والتكيفية، وكيف تتفاعل العوامل الداخلية والخارجية لتشكيل الاستجابات السلوكية. يُنظر إلى هؤلاء العلماء الثلاثة كآباء مؤسسين لعلم الإيثولوجيا (Ethology)، وهو الفرع العلمي الذي يُعنى بدراسة سلوك الحيوان في بيئته الطبيعية، مستخدمين منهجًا علميًا دقيقًا يجمع بين الملاحظة الدقيقة والتجريب المنظم. لقد أحدثت أعمالهم تحولاً جذريًا في كيفية دراسة الحيوانات، ونقلتها من مجرد المراقبة إلى التحليل العميق والتفسير العلمي.

الأسئلة الأربعة لتينبيرجن: إطار لفهم السلوك

لعل من أبرز إسهامات تينبيرجن المنهجية هو صياغته "الأسئلة الأربعة" التي تُعدّ حجر الزاوية في دراسة الإيثولوجيا. هذه الأسئلة توفر إطارًا شاملاً لتحليل أي سلوك حيواني وتفسيره من زوايا متعددة:

هذه الأسئلة لا تزال تُستخدم حتى اليوم كدليل للباحثين في فهم تعقيدات السلوك الحيواني بشكل شامل ومتكامل.

مساهماته الأدبية والسينمائية

كتاب دراسة الغريزة (The Study of Instinct)

في عام 1951، نشر نيكولاس تينبيرجن كتابه المؤثر والرائد "دراسة الغريزة" (The Study of Instinct). لم يكن هذا الكتاب مجرد عمل أكاديمي، بل كان بمثابة دليل شامل ومحفز للعديد من الباحثين، حيث جمع فيه تينبيرجن ونظم المعرفة المتوفرة عن السلوك الغريزي، وقدم تحليلاً عميقًا للمفاهيم الأساسية في علم السلوك. لقد ساهم هذا العمل بشكل كبير في ترسيخ مكانة الإيثولوجيا كعلم قائم بذاته، وقدم إطارًا نظريًا ومنهجيًا لفهم كيفية نشأة السلوكيات الفطرية وكيفية تفاعلها مع البيئة.

أفلام الحياة البرية وأثرها

خلال فترة الستينيات من القرن الماضي، لم يقتصر تأثير تينبيرجن على الكتب والمقالات العلمية فحسب، بل امتد ليشمل عالم السينما الوثائقية. تعاون مع المخرج السينمائي هيو فالكوس لإنتاج سلسلة من أفلام الحياة البرية التي كانت ذات قيمة علمية وتثقيفية عالية. ساعدت هذه الأفلام في جعل علم الإيثولوجيا مفهومًا ومتاحًا لجمهور أوسع، حيث قدمت توثيقًا بصريًا مذهلاً للسلوكيات الحيوانية في بيئاتها الطبيعية. من أبرز هذه الأعمال فيلم "لغز الغراب" (The Riddle of the Rook) الذي صدر عام 1972، وفيلم "إشارات للبقاء" (Signals for Survival) الذي أُنتج عام 1969. حظي هذا الأخير بتقدير كبير، حيث فاز بجائزة إيطاليا المرموقة في نفس العام، كما حصل على الشريط الأزرق الأمريكي في عام 1971، مما يؤكد جودته وتميزه في توصيل المفاهيم العلمية بطريقة شيقة وجذابة. لقد كانت هذه الأفلام بمثابة جسر بين البحث الأكاديمي والجمهور العام، مُظهرةً جمال وتعقيد السلوك الحيواني.

الأسئلة الشائعة حول نيكولاس تينبيرجن

من هو نيكولاس تينبيرجن؟
نيكولاس تينبيرجن هو عالم أحياء وعالم طيور هولندي، يُعدّ أحد الآباء المؤسسين لعلم الإيثولوجيا (دراسة سلوك الحيوان)، وحائز على جائزة نوبل في علم وظائف الأعضاء أو الطب عام 1973.
لماذا حصل نيكولاس تينبيرجن على جائزة نوبل؟
حصل على جائزة نوبل مناصفةً مع كارل فون فريش وكونراد لورنز تقديرًا لاكتشافاتهم المتعلقة بتنظيم واستنباط أنماط السلوك الفردي والاجتماعي في الحيوانات، وإسهاماته في وضع الأطر المنهجية لدراسة السلوك.
ما هي "الأسئلة الأربعة" لتينبيرجن؟
هي إطار منهجي يتكون من أربعة أسئلة أساسية لدراسة السلوك الحيواني: الوظيفة (لماذا يحدث السلوك؟)، والسببية (ما الذي يسببه؟)، والتطور (كيف يتطور في حياة الكائن؟)، والتاريخ التطوري (كيف تطور عبر الأنواع؟).
ما هو أشهر كتاب له؟
أشهر كتبه هو "دراسة الغريزة" (The Study of Instinct) الذي صدر عام 1951، ويعتبر مرجعًا أساسيًا في علم الإيثولوجيا.
هل كانت له مساهمات في مجالات أخرى غير الكتب؟
نعم، فقد تعاون في الستينيات مع المخرج هيو فالكوس لإنتاج أفلام وثائقية عن الحياة البرية، مثل "إشارات للبقاء" و"لغز الغراب"، والتي ساهمت في نشر علم الإيثولوجيا للجمهور العام وحازت على جوائز.