Sarvepalli Radhakrishnan ، الفيلسوف والسياسي الهندي ، الرئيس الثاني للهند (مواليد 1888)
سارفيبالي رادهاكريشنان: الفيلسوف والرئيس الذي بنى الجسور
يُعد الدكتور سارفيبالي رادهاكريشنان (واسمه الكامل سارفيبالي رادهاكريشنايا)، المولود في 5 سبتمبر 1888 والمتوفى في 17 أبريل 1975، شخصية محورية في تاريخ الهند الحديث، حيث جمع ببراعة بين عمق الفكر الفلسفي والقيادة السياسية الفذة. لم يكن مجرد رجل دولة يتقلد المناصب العليا، بل كان فيلسوفًا وباحثًا متميزًا كرس حياته لتعميق الفهم بين الحضارات وتقديم رؤية متكاملة للعالم.
المسيرة السياسية البارزة
تدرج رادهاكريشنان في أعلى مناصب السلطة الهندية، مما يعكس ثقة الأمة في حكمته وقدراته القيادية. شغل منصب أول نائب لرئيس الهند لمدة عقد كامل، من عام 1952 إلى عام 1962، وهي فترة شهدت ترسيخ الديمقراطية الهندية الفتية وتحديات بناء الدولة بعد الاستقلال. بعد هذه الفترة الناجحة، ارتقى ليصبح الرئيس الثاني للهند، حيث تولى هذا المنصب الرفيع من عام 1962 إلى عام 1967. خلال فترة رئاسته، جلب معه هدوء الفيلسوف وحكمة الباحث، موجهًا البلاد بمنظور فريد يجمع بين التقاليد العريقة وقيم الحداثة، ومؤكدًا على الوحدة والتفاهم.
عملاق الفكر والأكاديميا
قبل انخراطه في الحياة السياسية، لمع نجم رادهاكريشنان كواحد من أبرز الباحثين والفلاسفة في القرن العشرين، متخصصًا في مجالات مقارنة الأديان والفلسفة. لقد شغل كراسي أكاديمية مرموقة عالميًا، مما يعكس عمق معرفته وتأثيره الواسع. ففي الهند، تقلّد كرسي الملك جورج الخامس للعلوم العقلية والأخلاقية في جامعة كلكتا من عام 1921 إلى عام 1932، وهي فترة سمحت له بتطوير أفكاره الفلسفية في بيئة أكاديمية غنية. ثم انتقل ليُحدث تأثيرًا كبيرًا في الغرب، حيث شغل كرسي سبالدينج للدين والأخلاق الشرقية في جامعة أكسفورد بالمملكة المتحدة من عام 1936 إلى عام 1952، مما جعله صوتًا مسموعًا وممثلًا بارزًا للفلسفة الشرقية على الساحة العالمية.
الفلسفة والدفاع عن الهندوسية
تأسست فلسفة رادهاكريشنان بشكل راسخ في تقاليد أدفايتا فيدانتا، وهي مدرسة فكرية هندوسية تُعرف بمفهومها للوحدة غير الثنائية، حيث يؤكد على وحدة الروح الفردية مع الروح الكونية. لم يكتفِ بإعادة تفسير هذا التقليد القديم ليناسب الفهم المعاصر فحسب، بل كان أيضًا مدافعًا قويًا عن الهندوسية ضد ما وصفه بـ "النقد الغربي غير الواعي"؛ وهي انتقادات كانت غالبًا ما تفتقر إلى فهم عميق لتعقيداتها الروحية والثقافية، مقدمًا تفسيرات عميقة لأصولها وجمالياتها. لقد ساهم عمله بشكل فعال في تشكيل الهوية الهندوسية المعاصرة، وإعادة تقديمها بطريقة تعزز الاحترام والتفاهم، سواء داخل الهند أو في أروقة الفكر الغربي، مما أكسبه سمعة مستحقة كـ "باني الجسور" بين الحضارتين الهندية والغربية.
تكريم وتقدير على مدار الحياة
حظي رادهاكريشنان بالعديد من الأوسمة والجوائز الرفيعة تقديرًا لإسهاماته الجليلة، وهي شهادة على تقدير الهند والعالم لفكره وعمله الاستثنائي:
- في عام 1931، مُنح وسام الفروسية البريطاني (Knight Bachelor)، ليصبح فارسًا اعترافًا بإنجازاته الأكاديمية والفلسفية.
- حصل على بهارات راتنا، وهو أرفع وسام مدني في الهند، في عام 1954، مما يعكس مكانته كأحد أبناء الهند العظماء الذين تركوا بصمة لا تُمحى.
- وفي عام 1963، نال عضوية فخرية في وسام الاستحقاق الملكي البريطاني، وهو تكريم رفيع يمنحه الملك للمتميزين في الفنون والعلوم والأدب، مما يؤكد مكانته العالمية.
شغفه بالتعليم والخدمة المجتمعية
كان رادهاكريشنان يؤمن بشدة بأن "المعلمين يجب أن يكونوا أفضل العقول في البلاد"، وهي قناعة عميقة تعكس إيمانه بالدور المحوري للتعليم في بناء الأمة وتنشئة الأجيال. هذا الإيمان لم يكن مجرد كلمات، بل تجسد في مبادرات عملية؛ فقد كان أحد المؤسسين لمنظمة "هيلب إيدج إنديا" (Helpage India)، وهي منظمة غير ربحية مكرسة لرعاية كبار السن المحرومين في الهند، مما يدل على اهتمامه برفاهية المجتمع بأسره وحرصه على توفير الدعم لمن هم في أمس الحاجة إليه.
يوم المعلم في الهند
بسبب إيمانه الراسخ بأهمية المعلمين ودورهم في صياغة المستقبل، وتكريمًا لإسهاماته الفكرية والوطنية، قررت الهند الاحتفال بعيد ميلاده، الخامس من سبتمبر، من كل عام بصفته يوم المعلم. بدأ هذا التقليد الموقر منذ عام 1962، ليصبح هذا اليوم مناسبة وطنية لتكريم وتقدير دور المعلمين الحيوي في بناء الأجيال والمستقبل، ولتخليد ذكرى رجل آمن بقوة المعرفة والتعليم كركائز أساسية للتقدم والنهضة.
الأسئلة الشائعة (FAQs)
- من هو سارفيبالي رادهاكريشنان؟
- كان سارفيبالي رادهاكريشنان فيلسوفًا ورجل دولة هنديًا بارزًا، شغل منصب النائب الأول لرئيس الهند والرئيس الثاني للبلاد. كما كان باحثًا متميزًا في الفلسفة ومقارنة الأديان، معروفًا بجهوده في تفسير الهندوسية وربط الشرق بالغرب.
- ما هي أبرز المناصب السياسية التي شغلها؟
- شغل منصب النائب الأول لرئيس الهند من عام 1952 إلى عام 1962، ثم أصبح الرئيس الثاني للهند من عام 1962 إلى عام 1967.
- ما هو إسهامه الفلسفي الرئيسي؟
- كانت فلسفته متجذرة في أدفايتا فيدانتا، وقد أعاد تفسير هذا التقليد القديم ليتناسب مع الفهم المعاصر. دافع عن الهندوسية ضد النقد الغربي غير الواعي، وساهم في تشكيل الهوية الهندوسية المعاصرة، واكتسب سمعة كـ "باني الجسور" بين الحضارات.
- لماذا يُحتفل بعيد ميلاده كيوم المعلم في الهند؟
- يُحتفل بعيد ميلاده في 5 سبتمبر من كل عام كيوم للمعلم في الهند منذ عام 1962، تكريمًا لإيمانه العميق بأن "المعلمين يجب أن يكونوا أفضل العقول في البلاد" ولإسهاماته الجليلة في مجال التعليم والفكر.
- ما هي الجوائز والأوسمة الرئيسية التي حصل عليها؟
- حصل على وسام الفروسية البريطاني في عام 1931، وبهارات راتنا (أعلى جائزة مدنية في الهند) في عام 1954، وعضوية فخرية في وسام الاستحقاق الملكي البريطاني في عام 1963.