هيلديغار ، أسقف كولون

كان هيلديغار، الذي يُعرف أحيانًا بـ "هيلديجر" أو "هيلدجر"، أسقفًا لكولونيا في فترة مضطربة وحاسمة من تاريخ الفرنجة، حيث تولى هذا المنصب الرفيع اعتبارًا من عام 750 ميلادي، وهو العام الذي سبق تغيرًا سياسيًا جذريًا في المملكة. تُشير السجلات إلى وفاته في الثامن من أغسطس عام 753 ميلادي.

أسقف في عصر التحولات الكارولنجية

يُعتقد أن هيلديغار كان من أصول نبيلة، وهو أمر لم يكن مستغربًا في ذلك العصر، إذ غالبًا ما كانت المناصب الكنسية العليا تُمنح لأفراد العائلات الأرستقراطية لما لهم من نفوذ وموارد. وكان ولاؤه السياسي واضحًا، حيث كان من أشد أنصار السلالة الكارولنجية الصاعدة. هذه السلالة، التي بدأت تفرض هيمنتها بقيادة بيبين القصير، أطاحت بالملوك الميروفينجيين الضعفاء في عام 751 ميلادي، مؤسسة بذلك عهدًا جديدًا في مملكة الفرنجة.

صراعات كنسية: كولونيا، أوترخت، وبونيفاس

شهدت فترة أسقفية هيلديغار صراعات كنسية معقدة، أبرزها خلافه مع الأسقف التبشيري الشهير بونيفاس، المعروف بـ "رسول الألمان". كان بونيفاس، بصفته مبعوثًا بابويًا، يقوم بجهود حثيثة لتنظيم الكنيسة الفرنكية وتأسيس أبرشيات جديدة في المناطق التي جرى تنصيرها حديثًا، لا سيما بين الفريزيين والساكسون. في سياق هذه الجهود، قام بونيفاس بتعيين إيوبان أسقفًا على أبرشية أوترخت، والتي كانت تاريخيًا تتبع الولاية الكنسية لكولونيا.

هذا التعيين لم يمر دون اعتراض من هيلديغار. فقد طالب هيلديغار بـ "حقوق المدينة على الكرسي" في إشارة إلى كولونيا، التي كانت أبرشية متروبوليتية (مطرانية) لها ولاية على عدد من الأبرشيات التابعة، ومن المحتمل أنه رأى في تعيين إيوبان من قبل بونيفاس تجاوزًا لسلطة كولونيا المتروبوليتية على أوترخت. نفى بونيفاس هذه الاتهامات في رسالة موجهة إلى البابا ستيفن الثاني، مؤكدًا شرعية تعييناته. ومع ذلك، يشير المؤرخ ماركو موسترت إلى أن رواية بونيفاس وحججه كانت "معيبة، إن لم تكن أكاذيب صريحة"، مما يلقي بظلال من الشك على دوافع الأطراف المتصارعة ويعكس مدى تعقيد العلاقات بين السلطات الكنسية المختلفة في تلك الفترة.

نهاية أسقف محارب: الدفاع عن آيبورج

لم يقتصر دور هيلديغار على الشؤون الكنسية والإدارية فحسب، بل امتد ليشمل الواجبات العسكرية، وهو أمر كان شائعًا للأساقفة النبلاء في العصور الوسطى المبكرة، حيث كانوا مطالبين بتقديم المساعدات العسكرية لملوكهم. في عام 753 ميلادي، اندلعت حرب ضد الساكسون، وهي نزاعات متكررة على الحدود الشمالية لمملكة الفرنجة. شارك هيلديغار في هذه الحملة العسكرية، التي كانت تهدف غالبًا إلى تأمين الحدود وتوسيع نفوذ الفرنجة. وقد وافته المنية وهو يدافع عن قلعة (أو حصن، وتُعرف باللاتينية بـ castrum) في منطقة تُعرف باسم يوبيرغ أو آيبورغ (أو إيهبورغ) بالقرب من أوسنابروك الحالية. تُشير المصادر إلى أنه ربما كان يقود فرقة عسكرية من كولونيا، ربما كانت تُشكّل حامية للقلعة، مما يبرز الدور المزدوج الذي لعبه في حياته كقائد روحي وعسكري في آن واحد.

الأسئلة الشائعة حول هيلديغار

من كان هيلديغار؟
كان هيلديغار أسقفًا لكولونيا في مملكة الفرنجة خلال الفترة من 750 حتى وفاته في 753 ميلادي. يُعتقد أنه كان من أصول نبيلة ومناصرًا للسلالة الكارولنجية الصاعدة.
ما هو الخلاف الرئيسي الذي شارك فيه هيلديغار؟
شارك هيلديغار في خلاف كنسي مع الأسقف التبشيري بونيفاس بخصوص تعيين إيوبان أسقفًا على أوترخت. طالب هيلديغار بحقوق كولونيا المتروبوليتية على أوترخت، بينما نفى بونيفاس صحة هذه الادعاءات.
ما هي الأهمية التاريخية لدعم هيلديغار للكارولنجيين؟
جاء دعم هيلديغار للكارولنجيين في فترة حاسمة، حيث أطاحت هذه السلالة بالملوك الميروفينجيين في 751 ميلادي. هذا الدعم يشير إلى انخراطه في التحولات السياسية الكبرى التي شهدتها مملكة الفرنجة.
كيف توفي هيلديغار؟
توفي هيلديغار في 8 أغسطس 753 ميلادي أثناء مشاركته في حملة عسكرية ضد الساكسون. وقد قُتل وهو يدافع عن قلعة في يوبيرغ أو آيبورغ بالقرب من أوسنابروك، ربما كقائد لحامية كولونيا.
ماذا كانت طبيعة العلاقة بين أساقفة كولونيا وأوترخت في ذلك الوقت؟
كانت كولونيا أبرشية متروبوليتية ذات ولاية على أبرشيات تابعة (سفراجانية)، ومن المحتمل أن أوترخت كانت تقع ضمن هذه الولاية أو كان هناك خلاف حول وضعها. أراد بونيفاس، بدعم بابوي، تنظيم الكنيسة في المناطق الجديدة، مما أدى إلى تصادم مع السلطات الأسقفية القائمة مثل كولونيا.