إبرهارد الثالث دوق فورتمبيرغ (ت 1674)
كان إيبرهارد الثالث، دوق فورتمبيرغ، شخصية محورية قادت دوقية فورتمبيرغ خلال واحدة من أحلك الفترات وأكثرها اضطرابًا في تاريخ أوروبا، وهي حرب الثلاثين عامًا المدمرة. وُلد إيبرهارد في مدينة شتوتغارت بتاريخ 16 ديسمبر 1614، وفي نفس المدينة أسدل الستار على حياته الحافلة في 2 يوليو 1674. امتدت فترة حكمه كدوق لفورتمبيرغ من عام 1628 حتى وفاته، وهي فترة شهدت تحولات عميقة وتحديات هائلة.
سنوات الوصاية والتحديات المبكرة
تولى إيبرهارد الثالث العرش كوريث للدوقية عام 1628، وهو لا يزال يافعًا في الرابعة عشرة من عمره، وذلك في أعقاب وفاة والده، يوهان فريدريك، دوق فورتمبيرغ السابع. كانت هذه الفترة المبكرة من حكمه متزامنة مع ذروة حرب الثلاثين عامًا، مما جعل مهام الوصاية عليه ضرورية وحاسمة. في البداية، تولى عمه، لويس فريدريك، دوق فورتمبيرغ-مونبيليارد، مسؤولية الوصاية. كان لويس فريدريك شخصية ذات خبرة، لكن وفاته عام 1631 أدت إلى انتقال الوصاية إلى عمه الآخر، يوليوس فريدريك، دوق فورتمبيرغ-ويلتنغن. هذه الفترة المبكرة من الوصاية كانت مليئة بالصراعات السياسية والعسكرية التي فرضتها الحرب على الدوقية.
لم تمضِ سنوات طويلة حتى بدأت فورتمبيرغ تشهد خسائر إقليمية فادحة. ففي عام 1629، فقدت الدوقية حوالي ثلث أراضيها، وهي إشارة مبكرة إلى مدى تأثير الحرب وتدخل القوى الخارجية في شؤون الولايات الألمانية. كان هذا الفقدان يمثل ضربة قاسية لمكانة الدوقية ومواردها، مما زاد من الضغوط على الوصاة والحكام.
تولي الحكم الكامل وويلات الحرب
في عام 1633، تم إعلان إيبرهارد بالغًا قانونيًا، وتولى زمام الحكم الكامل للدوقية بنفسه، منهيًا بذلك فترة الوصاية. ولكن التحديات الكبرى كانت تنتظره. فبعد عام واحد فقط، وفي 6 سبتمبر 1634، تعرضت قوات فورتمبيرغ لهزيمة كبرى في معركة نوردلينغن الحاسمة. لم تكن هذه الهزيمة مجرد انتكاسة عسكرية، بل كانت كارثة شاملة فتحت أبواب فورتمبيرغ أمام جحافل الجيوش المهاجمة، التي قامت بنهب الدوقية وتدميرها وسلب خيراتها بشكل منهجي ووحشي، مما أدخل البلاد في دوامة من الفوضى والدمار.
اضطر إيبرهارد إلى الفرار من شتوتغارت بحثًا عن ملجأ في مدينة ستراسبورغ، حيث مكث هناك عدة سنوات. خلال فترة نفيه، تزوج إيبرهارد في عام 1637، في خطوة تهدف إلى تأمين استمرارية سلالته. لم يتمكن من العودة إلى فورتمبيرغ إلا في عام 1638، وذلك بعد مفاوضات مضنية وطويلة مع فرديناند الثالث، إمبراطور الإمبراطورية الرومانية المقدسة. هذه المفاوضات كانت صعبة بشكل خاص لأن الإمبراطور كان قد قام بالفعل بنقل ملكية العديد من أراضي فورتمبيرغ إلى أطراف أخرى، كجزء من جهوده لتعزيز النفوذ الكاثوليكي في المنطقة وإضعاف الإمارات البروتستانتية.
السلام وإعادة البناء
جاء بصيص الأمل مع نهاية حرب الثلاثين عامًا التي استنزفت أوروبا بأسرها. فبعد مفاوضات شاقة استمرت لسنوات، تم التوصل إلى صلح وستفاليا التاريخي في عام 1648. هذا الصلح لم يضع حدًا للحرب فحسب، بل أعاد دوقية فورتمبيرغ إلى وضعها السابق، مستردةً أراضيها التي فقدتها وتأكيد استقلاليتها. ورغم أن السلام أعاد الأمل، إلا أن الآثار المدمرة للحرب كانت عميقة وطويلة الأمد. فقد عانت الدوقية من ويلات الفقر المدقع، والمجاعة التي فتكت بالعديد من السكان، إضافة إلى تفشي الطاعون الدبلي الذي حصد الأرواح بالجملة. كانت هذه الكوارث مجتمعة سببًا، أو ربما نتيجةً، لانخفاض كارثي في عدد السكان، حيث انخفض العدد من حوالي 350,000 نسمة في عام 1618 قبل بدء الحرب، إلى 120,000 نسمة فقط بحلول عام 1648. كانت مهمة إعادة بناء الدوقية من تحت الركام مهمة شاقة تطلبت جهودًا جبارة من الدوق ومن تبقى من شعبه.
ترسيخ الاستقرار الداخلي والميراث
إلى جانب جهوده في إعادة بناء الدوقية بعد الحرب، أولى إيبرهارد الثالث اهتمامًا خاصًا بترسيخ الاستقرار الداخلي والحفاظ على وحدة الأسرة الحاكمة. لهذا الغرض، أبرم اتفاقية ميراث مع شقيقه الأصغر فريدريك. بموجب هذه الاتفاقية، سلم إيبرهارد ملكية دوقية فورتمبيرغ-نوينشتات لشقيقه، وبذلك أسس فريدريك خطًا فرعيًا جديدًا للدوقية، وهو ما كان يهدف إلى تجنب النزاعات المستقبلية حول الميراث وتوزيع السلطة داخل العائلة المالكة. في عام 1651، كرر إيبرهارد إجراءً مماثلاً، حيث توصل إلى اتفاق مع شقيق آخر له، وهو أولريش، أثر على ملكية قلعة نوينبورغ. تعكس هذه الاتفاقيات رغبة الدوق في تنظيم شؤون الأسرة وضمان الانتقال السلس للسلطة والأصول في المستقبل، بعد أن عانت الدوقية من ويلات خارجية.
الأسئلة الشائعة
- من هو إيبرهارد الثالث؟
- إيبرهارد الثالث هو دوق فورتمبيرغ الذي حكم الدوقية من عام 1628 حتى وفاته عام 1674، وقادها خلال فترة حرب الثلاثين عامًا المدمرة.
- متى تولى إيبرهارد الثالث الحكم؟
- تولى الحكم عام 1628، وهو في الرابعة عشرة من عمره، تحت الوصاية في البداية.
- ما هو التحدي الرئيسي الذي واجهه إيبرهارد الثالث في بداية حكمه؟
- كان التحدي الأبرز هو تزامن بداية حكمه مع حرب الثلاثين عامًا المدمرة، والتي أدت إلى خسائر إقليمية وتدمير واسع النطاق للدوقية.
- ماذا حدث لفورتمبيرغ بعد معركة نوردلينغن عام 1634؟
- تعرضت فورتمبيرغ لنهب وسلب واسعين من قبل الجيوش المنتصرة، مما أدى إلى دمار كبير واضطر إيبرهارد الثالث إلى الفرار من الدوقية.
- كيف أثر صلح وستفاليا عام 1648 على دوقية فورتمبيرغ؟
- أعاد صلح وستفاليا دوقية فورتمبيرغ إلى وضعها السابق واستعادت أراضيها، منهيًا بذلك الدمار المباشر للحرب، لكنه ترك الدوقية تعاني من آثار الفقر والمجاعة والطاعون وانخفاض حاد في عدد السكان.
- ما هي الاتفاقيات الداخلية التي أبرمها إيبرهارد الثالث؟
- أبرم اتفاقيات ميراث مع إخوته الأصغر، فريدريك وأولريش، لتأسيس فروع فرعية للدوقية (مثل فورتمبيرغ-نوينشتات) وتنظيم ملكية بعض القلاع، بهدف ضمان الاستقرار الداخلي وتجنب نزاعات الميراث.