ماجي سميث ، ممثلة إنجليزية

تُعدّ السيدة مارغريت ناتالي سميث، المولودة في 28 ديسمبر 1934، إحدى أيقونات التمثيل الإنجليزي الخالدة. على مدار مسيرة فنية استثنائية امتدت لأكثر من سبعة عقود، بدأت في منتصف خمسينيات القرن الماضي، قدمت السيدة سميث إسهامات لا تُمحى للشاشة الكبيرة والصغيرة والمسرح، لتُصبح واحدة من أكثر الممثلات البريطانيات شهرةً وغزارةً في الإنتاج الفني. مع ظهورها في أكثر من 60 فيلمًا و 70 مسرحية، تركت بصمة عميقة في قلوب وعقول الجمهور والنقاد على حد سواء، بفضل تنوع أدوارها وعمق أدائها.

إنجازات وجوائز: سيرة حافلة بالتكريم

تحمل السيدة ماجي سميث مكانة مرموقة في عالم التمثيل، حيث تُعتبر واحدة من الفنانين القلائل الذين حصدوا "التاج الثلاثي للتمثيل". هذا الإنجاز النادر يُمنح لمن يحقق أعلى مستويات التكريم في السينما والتلفزيون والمسرح، وقد توجت مسيرتها بجائزتي أوسكار عن أدوارها السينمائية المتميزة، وأربع جوائز إيمي عن عملها التلفزيوني الرائد، بالإضافة إلى جائزة توني واحدة عن تألقها على خشبة المسرح. لم تقتصر جوائزها على هذا "التاج الثلاثي" فحسب، بل شملت أيضًا سبع جوائز من الأكاديمية البريطانية لفنون السينما والتلفزيون (BAFTA)، وثلاث جوائز غولدن غلوب المرموقة، وخمس جوائز من نقابة ممثلي الشاشة. تقديرًا لمسيرتها الفنية اللامعة، مُنحت سميث زمالة الأكاديمية البريطانية لفنون السينما والتلفزيون (BAFTA Fellowship) في عام 1996، وهو أعلى تكريم يمكن أن يحظى به الفنان في بريطانيا تقديرًا لمجمل إنجازاته. كما نالت تقديرًا ملكيًا رفيعًا، حيث منحتها الملكة إليزابيث الثانية لقب "سيدة" (Dame) في عام 1990 تقديرًا لمساهماتها الجليلة في الفنون، ثم مُنحت وسام رفيق الشرف (Companion of Honour) في عام 2014 نظير خدماتها الاستثنائية للدراما، ما يُبرز مكانتها كشخصية ثقافية بريطانية لا تُضاهى ودورها الحيوي في المشهد الفني.

المسيرة المسرحية: من أكسفورد إلى ويست إند

بدأت السيدة سميث مسيرتها الفنية على خشبة المسرح في مرحلة مبكرة من حياتها، حيث كانت طالبة متألقة. كان ظهورها الأول اللافت في مسرح أكسفورد بلاي هاوس (Oxford Playhouse) عام 1952، لتضع قدمها بقوة في عالم التمثيل. لم يمض وقت طويل حتى قدمت أولى عروضها في برودواي بالولايات المتحدة الأمريكية، وذلك في إنتاج "وجوه جديدة لعام 56" (New Faces of '56). على مر السنين، أصبحت سميث اسمًا لامعًا في مسارح لندن، حيث حصدت رقمًا قياسيًا بلغ ست جوائز "مساء أفضل ممثلة" المرموقة، تكريمًا لأدوارها الآسرة في مسرحيات مثل "الأذن الخاصة والعين العامة" (The Private Ear and The Public Eye) عام 1962، و"هيدا غابلر" (Hedda Gabler) عام 1970، و"فيرجينيا" (Virginia) عام 1981، و"طريق العالم" (The Way of the World) عام 1984، و"ثلاث نساء طويلات" (Three Tall Women) عام 1994، وأخيرًا "حياة ألمانية" (A German Life) عام 2019، مما يعكس استمرارية تألقها عبر العقود وقدرتها على التكيف مع مختلف الأدوار والتحديات المسرحية. كما نالت ترشيحات لجائزة توني المرموقة عن أدوارها في "حياة خاصة" (Private Lives) عام 1975 و"ليل ونهار" (Night and Day) عام 1979، قبل أن تتوج مجهوداتها بفوز مستحق بجائزة توني عام 1990 لأفضل ممثلة في مسرحية عن أدائها المبهر في "ليتيس ولوفاج" (Lettice and Lovage). لم يقتصر تألقها على لندن وبرودواي، بل شملت مشاركاتها البارزة إنتاجات مهرجان ستراتفورد شكسبير المرموق، حيث أدت دور كليوباترا في "أنطوني وكليوباترا" (Antony and Cleopatra) عام 1976، وليدي ماكبث في "ماكبث" (Macbeth) عام 1978، مما يدل على قدرتها الفائقة على تجسيد الشخصيات الكلاسيكية المعقدة ببراعة. كما شاركت في أعمال ويست إند المتميزة مثل "توازن دقيق" (A Delicate Balance) عام 1997 و"نَفَس الحياة" (The Breath of Life) عام 2002. وفي عام 2010، كُرمت بجائزة خاصة من جمعية مسرح لندن تقديرًا لمسيرتها المسرحية الأسطورية التي أثرت المشهد الفني البريطاني والعالمي.

النجومية السينمائية: أدوار أيقونية ونجاح عالمي

على الشاشة الفضية، بدأت السيدة ماجي سميث تحصد الإشادة النقدية مبكرًا، وتحديدًا عن دورها في فيلم الجريمة "لا مكان للذهاب" (Nowhere to Go) عام 1958، والذي نالت عنه أول ترشيح لجائزة الأكاديمية البريطانية لفنون السينما والتلفزيون (BAFTA)، مما بشر بقدوم موهبة سينمائية فذة. جاء ترشيحها الأول لجائزة الأوسكار عن أدائها القوي في فيلم "عطيل" (Othello) للمخرج لورانس أوليفييه عام 1965، حيث أظهرت قدرة درامية عميقة. لم يمض وقت طويل حتى فازت بأولى جوائز الأوسكار لها كأفضل ممثلة عن دورها الذي لا يُنسى في فيلم "زهرة الآنسة جين برودي" (The Prime of Miss Jean Brodie) عام 1969، مجسدةً شخصية معلمة كاريزماتية ومثيرة للجدل تركت بصمة في الذاكرة السينمائية. تبع ذلك ترشيح آخر لجائزة الأوسكار عن الكوميديا الساخرة "رحلات مع عمتي" (Travels with My Aunt) عام 1972، قبل أن تفوز بجائزة الأوسكار الثانية، هذه المرة كأفضل ممثلة مساعدة عن دورها الكوميدي الرائع في فيلم "جناح كاليفورنيا" (California Suite) عام 1978. يُذكر أنها واحدة من سبع ممثلات فقط في تاريخ جوائز الأوسكار اللواتي فزن بجوائز في كلتا الفئتين (أفضل ممثلة وممثلة مساعدة)، مما يؤكد تنوع موهبتها وقدرتها على التألق في أدوار مختلفة. استمرت الترشيحات المرموقة، حيث نالت ترشيحين آخرين لأفلام مثل "غرفة مع منظر" (A Room with a View) للمخرج جيمس إيفوري عام 1985، و"حديقة غوسفورد" (Gosford Park) للمخرج روبرت ألتمان عام 2001، مما يبرهن على استمرارية جودتها واختياراتها الفنية الموفقة. لكن الدور الذي أكسبها شهرة عالمية هائلة، وجعلها أيقونة لجيل جديد من المشاهدين حول العالم، كان تجسيدها لشخصية الأستاذة مينيرفا مكجوناجال الصارمة والدافئة في سلسلة أفلام "هاري بوتر" الشهيرة (من 2001 إلى 2011)، حيث أضفت على الشخصية مزيجًا فريدًا من الوقار والفكاهة. تشمل أدوارها السينمائية البارزة الأخرى التي لا تُنسى: "الموت على النيل" (Death on the Nile) عام 1978، و"هوك" (Hook) عام 1991، و"الأخت المتدربة" (Sister Act) عام 1992، و"الحديقة السرية" (The Secret Garden) عام 1993، و"ريتشارد الثالث" (Richard III) عام 1995، و"نادي الزوجات الأوليات" (First Wives Club) عام 1996، و"شاي مع موسوليني" (Tea with Mussolini) عام 1999، و"فندق بست إكزوتيك ماريجولد" (The Best Exotic Marigold Hotel) عام 2012، و"رباعي" (Quartet) عام 2012، و"السيدة في الشاحنة" (The Lady in the Van) عام 2015، وكلها أدوار تُظهر تنوعها وقدرتها على اختيار مشاريع ذات جودة عالية وترك بصمة في مختلف الأنواع السينمائية.

التألق التلفزيوني: من الإنتاجات الدرامية إلى "داونتون آبي"

لم يقتصر حضور السيدة ماجي سميث على خشبة المسرح والشاشة الكبيرة فحسب، بل اشتهرت أيضًا بعملها التلفزيوني المكثف والغني، والذي أثرى المشهد البريطاني والعالمي. خلال الفترة الممتدة من أواخر الخمسينيات وحتى التسعينيات من القرن الماضي، قدمت سميث العديد من العروض المسرحية المصورة المميزة في برامج درامية شهيرة مثل "مسرح ليلة الأحد" (Sunday Night Theatre)، و"مسرح الكرسي" (Playhouse)، و"رؤوس متكلمة" (Talking Heads)، و"الشاشة الثانية" (Screen Two)، مما أتاح لجمهور أوسع متابعة موهبتها الفذة. كان ظهورها التلفزيوني الأول في الولايات المتحدة الأمريكية في برنامج "عرض كارول بورنيت" (The Carol Burnett Show) عام 1975، حيث أثبتت براعتها الكوميدية وقدرتها على التفاعل مع ألمع نجوم الكوميديا، وشاركت في العرض عدة مرات لاحقًا. نالت ترشيحات لجائزة إيمي برايم تايم المرموقة عن أدائها في مسلسل "ديفيد كوبرفيلد" (David Copperfield) عام 1999، و"تصوير ماري" (Capturing Mary) عام 2006. وتوجت مجهوداتها بفوز بجائزة إيمي عن دورها في فيلم "بيتي في أومبريا" (My House in Umbria) عام 2003، مما يؤكد على جودتها المستمرة في التلفزيون. ومع ذلك، الدور الذي جلب لها شهرة عالمية جديدة وجعلها محبوبة لدى الملايين من مشاهدي التلفزيون حول العالم كان تجسيدها لشخصية فيوليت كراولي، الكونتيسة الأرملة لجرانثام (Dowager Countess of Grantham)، في سلسلة الدراما التاريخية الشهيرة "داونتون آبي" (Downton Abbey) للمؤلف جوليان فيلوز، والتي عُرضت من 2010 إلى 2015. بفضل أدائها الساخر والحكيم، الذي تميز بالتعليقات اللاذعة والعمق العاطفي، فازت السيدة سميث بثلاث جوائز إيمي، وخمس جوائز من نقابة ممثلي الشاشة، وجائزة غولدن غلوب عن هذا الدور الأيقوني الذي أصبح جزءًا لا يتجزأ من الثقافة الشعبية. وقد أعادت تجسيد شخصية الكونتيسة الأرملة المحبوبة في الأفلام السينمائية المستوحاة من المسلسل، وهما "داونتون آبي" (Downton Abbey) عام 2019، و"داونتون آبي: حقبة جديدة" (Downton Abbey: A New Era) عام 2022، لتُواصل إمتاع جمهورها بأداء لا يُنسى يؤكد مكانتها كواحدة من أعظم الممثلات في التاريخ.

الأسئلة الشائعة حول ماجي سميث

ما هو "التاج الثلاثي للتمثيل" الذي حققته ماجي سميث؟
هو إنجاز رفيع يُمنح للممثلين الذين يفوزون بجائزة أوسكار (سينما)، وجائزة إيمي (تلفزيون)، وجائزة توني (مسرح)، وهو ما حققته السيدة ماجي سميث، مؤكدة بذلك براعتها في جميع أشكال الفنون الأدائية.
كم عدد جوائز الأوسكار التي فازت بها ماجي سميث؟
فازت ماجي سميث بجائزتي أوسكار مرموقتين: الأولى لأفضل ممثلة عن فيلم "زهرة الآنسة جين برودي" عام 1969، والثانية لأفضل ممثلة مساعدة عن فيلم "جناح كاليفورنيا" عام 1978، مما يجعلها واحدة من الفنانين القلائل الذين فازوا في كلتا الفئتين.
ما هي أشهر أدوارها التلفزيونية والسينمائية؟
من أشهر أدوارها السينمائية التي لا تُنسى دور الأستاذة مينيرفا مكجوناجال في سلسلة أفلام "هاري بوتر" الشهيرة، ودورها في فيلم "زهرة الآنسة جين برودي". أما تلفزيونياً، فاشتهرت بدور فيوليت كراولي، الكونتيسة الأرملة لجرانثام، في مسلسل "داونتون آبي" الذي نال شعبية عالمية.
متى نالت لقب "سيدة"؟
مُنحت السيدة ماجي سميث لقب "سيدة" (Dame Commander of the Order of the British Empire) من قبل الملكة إليزابيث الثانية في عام 1990 تقديرًا لمساهمتها البارزة في الفنون البريطانية.
هل ماجي سميث ما زالت تعمل بالتمثيل؟
نعم، على الرغم من تقدمها في العمر ومسيرتها الفنية الطويلة، واصلت السيدة ماجي سميث العمل في التمثيل، حيث أعادت تجسيد دورها الأيقوني في أفلام "داونتون آبي" السينمائية في عامي 2019 و 2022، كما ظهرت في أدوار مسرحية حتى عام 2019، مما يدل على شغفها المتواصل بالفن.