علي إحسان سابيس ، جنرال تركي (مواليد 1882)

يُعدُّ الفريق علي إحسان سابس (1882-9 ديسمبر 1957) واحداً من أبرز القادة العسكريين في أواخر عهد الإمبراطورية العثمانية، ومن الشخصيات التي شهدت وشاركت في تحولات تاريخية مفصلية، بدءاً من الحروب العالمية وصولاً إلى تأسيس الجمهورية التركية الفتية. عُرف بشخصيته القوية وقدراته القيادية التي ظهرت جلياً في العديد من الحملات العسكرية، لكن مسيرته شهدت أيضاً منعطفات مفاجئة ونزاعات محورية تركت بصمتها على الأحداث.

مسيرته العسكرية في الإمبراطورية العثمانية والحرب العالمية الأولى

تلقى علي إحسان سابس تعليمه العسكري في الأكاديميات العثمانية المرموقة، متدرجاً في الرتب ومكتسباً خبرة قتالية واسعة في مختلف الجبهات قبل اندلاع الحرب العالمية الأولى. وعندما دخلت الإمبراطورية العثمانية غمار الحرب، وُكلت إليه مهام قيادية حاسمة. برز بشكل خاص عندما تولى قيادة الجيش السادس العثماني، والذي كان يعمل في جبهات حيوية ومعقدة مثل جبهة بلاد ما بين النهرين (العراق حالياً) وبلاد فارس. وقد جاء تعيينه في هذا المنصب في وقت كانت فيه القوات العثمانية تواجه ضغوطاً هائلة من القوات البريطانية التي كانت تتقدم في المنطقة. لقد كان قائداً للجيش السادس الذي شارك في معارك ضارية محاولاً الحفاظ على المواقع العثمانية، خصوصاً بعد النجاح الأولي في حصار الكوت، لكن التوازن العسكري سرعان ما مال لصالح الحلفاء، ما فرض تحديات جسيمة على قيادته في ظروف لوجستية صعبة وتفوق عددي للخصم.

النفي إلى مالطا وما بعد الحرب

مع نهاية الحرب العالمية الأولى وهزيمة الإمبراطورية العثمانية وتوقيع هدنة مودروس، بدأت قوات الحلفاء، وفي مقدمتها القوات البريطانية، في احتلال أجزاء واسعة من الأراضي العثمانية. في إطار هذه المرحلة، اتُخذ قرار باعتقال ونفي عدد من أبرز القادة العسكريين والسياسيين العثمانيين الذين يُخشى أن يشكلوا نواة لمقاومة مستقبلية أو يتمتعون بنفوذ شعبي واسع. كان علي إحسان سابس واحداً من هؤلاء القادة البارزين الذين تم نفيهم إلى جزيرة مالطا من قبل قوات الاحتلال البريطاني في عام 1919. قضى فترة ليست بالقصيرة في المنفى، بعيداً عن وطنه الذي كان يمر بظروف عصيبة ويستعد لخوض معركة وجودية جديدة.

العودة والمشاركة في حرب الاستقلال التركية

بعد فترة قضاها في المنفى، عاد علي إحسان سابس إلى تركيا في عام 1921، ليجد البلاد في أوج صراعها من أجل الاستقلال، حيث كانت القوات الوطنية التركية بقيادة مصطفى كمال أتاتورك تقود حركة مقاومة شرسة ضد قوات الاحتلال اليونانية وغيرها من قوات الحلفاء في ما يُعرف بـ حرب الاستقلال التركية. وبفضل خبرته العسكرية الواسعة وسجله القيادي الحافل، تم تعيينه في منصب حساس للغاية، وهو قيادة الجيش الأول لتركيا. كان هذا الجيش يشكل ركيزة أساسية في الجبهة الغربية، التي كانت تشهد أشرس المعارك ضد القوات اليونانية الغازية. وقد لعب دوراً مهماً في إعادة تنظيم وتدريب القوات التركية استعداداً للمعارك الحاسمة القادمة.

التقاعد المفاجئ قبل معركة دوملوبينار

شهدت مسيرة علي إحسان سابس منعطفاً درامياً قبيل واحدة من أهم المعارك الفاصلة في حرب الاستقلال التركية، وهي معركة دوملوبينار. فقبل وقت قصير من هذه المعركة الحاسمة التي اندلعت في أواخر أغسطس عام 1922 وكانت سبباً في النصر التركي الكبير، أُعفي علي إحسان سابس من منصبه أو تقدم باستقالته. تُعزى أسباب هذا التقاعد المفاجئ إلى خلافات حادة ومستمرة بينه وبين القيادة العليا لحركة المقاومة، وتحديداً مع مصطفى كمال أتاتورك ورئيس هيئة الأركان العامة عصمت إينونو. كانت هذه الخلافات تتناول جوانب استراتيجية وتكتيكية بالإضافة إلى ما يبدو أنه تصادم في الشخصيات القيادية، مما أدى إلى قراره (أو قرار القيادة) بإنهاء خدمته العسكرية في تلك اللحظة الحرجة. هذا الحدث، رغم أهميته وتوقيته، لم يقلل من الدور المحوري الذي لعبه الجيش الأول تحت قيادته في الفترة التي سبقت المعركة.

إرث علي إحسان سابس

بعد تقاعده، ابتعد علي إحسان سابس عن الحياة العسكرية والسياسية النشطة. كرس سنواته اللاحقة لكتابة مذكراته التي تُعد اليوم مصدراً تاريخياً قيماً لفهم تلك الفترة المضطربة من تاريخ تركيا. توفي في 9 ديسمبر 1957. يظل علي إحسان سابس شخصية تاريخية معقدة، يُذكر بقدراته القيادية العسكرية الاستثنائية، لكن أيضاً بشخصيته الصارمة وخلافاته مع القادة الآخرين، مما جعله محط جدل ومناقشة بين المؤرخين.

الأسئلة الشائعة (FAQs)

من هو علي إحسان سابس؟
علي إحسان سابس (1882-1957) كان قائداً عسكرياً عثمانياً بارزاً، لعب أدواراً رئيسية في الحرب العالمية الأولى ثم في حرب الاستقلال التركية، قبل أن يتقاعد قبل معركة دوملوبينار الحاسمة.
ما هو أبرز دوره في الحرب العالمية الأولى؟
كان قائداً للجيش السادس العثماني الذي عمل في جبهة بلاد ما بين النهرين (العراق) وبلاد فارس، حيث واجه القوات البريطانية في معارك ضارية.
لماذا نُفي إلى مالطا بعد الحرب؟
نُفي من قبل قوات الاحتلال البريطاني في عام 1919، كغيره من القادة العثمانيين البارزين، بهدف تحييد أي قوة قد تقود المقاومة ضد الاحتلال.
ماذا كان دوره في حرب الاستقلال التركية؟
بعد عودته من المنفى عام 1921، عُين قائداً للجيش الأول التركي، الذي كان حاسماً في الجبهة الغربية ضد القوات اليونانية الغازية.
ما سبب تقاعده قبل معركة دوملوبينار؟
يُعزى تقاعده المفاجئ قبل معركة دوملوبينار الحاسمة في عام 1922 إلى خلافات حادة حول الاستراتيجية والتكتيكات، بالإضافة إلى تصادم في الشخصيات بينه وبين القيادة العليا لحركة الاستقلال، وتحديداً مصطفى كمال أتاتورك وعصمت إينونو.
ما هو إرث علي إحسان سابس التاريخي؟
يُذكر علي إحسان سابس كقائد عسكري موهوب وذو شخصية قوية. تُعد مذكراته مصدراً مهماً للتاريخ العسكري والسياسي لتلك الفترة، ويظل شخصية مثيرة للجدل بسبب نهاية مسيرته العسكرية.