كيث هوليواك ، مزارع وسياسي نيوزيلندي ، رئيس وزراء نيوزيلندا السادس والعشرون (ت. 1983)

يُعد السير كيث جاكا هوليواك، المولود في الحادي عشر من فبراير عام 1904 وتوفي في الثامن من ديسمبر عام 1983، شخصية بارزة في تاريخ نيوزيلندا السياسي، فهو السياسي الوحيد حتى يومنا هذا الذي شغل منصب رئيس الوزراء ومنصب الحاكم العام للبلاد. خدم هوليواك كرئيس وزراء لنيوزيلندا السادس والعشرين على فترتين: الأولى وجيزة في عام 1957، والثانية ممتدة من عام 1960 إلى عام 1972. لاحقًا، تولى المنصب الرفيع كحاكم عام لنيوزيلندا الثالث عشر، وذلك من عام 1977 إلى عام 1980.

جذور ريفية وصعود سياسي مبكر

وُلد كيث هوليواك في بيئة ريفية هادئة بالقرب من باهياتوا في منطقة ويارابا، وهي منطقة تُعرف بطابعها الزراعي المميز في الجزيرة الشمالية لنيوزيلندا. كانت جذوره العميقة في الأرض واضحة منذ صغره، حيث اضطر إلى ترك التعليم الرسمي في الثانية عشرة من عمره لتقديم يد العون في مزرعة العائلة. هذه التجربة المبكرة لم تشكل فقط نظرته للعالم بل وغذت أيضًا شغفه بالشؤون الزراعية، مما قاده إلى النشاط في العديد من الجمعيات الزراعية المحلية قبل خوض غمار السياسة.

كانت أولى خطوات هوليواك في الحياة البرلمانية عام 1932، عندما انتُخب عضوًا في البرلمان ممثلاً لحزب الإصلاح المحافظ. لعب دورًا أساسيًا في المشهد السياسي المتغير لنيوزيلندا، وساهم بفعالية في تشكيل الحزب الوطني في عام 1936، وهو الحزب الذي سيقوده لاحقًا إلى انتصارات تاريخية. على الرغم من خسارته لمقعده بعد عامين من تشكيل الحزب، إلا أن قدرته السياسية الفطرية ومكانته ضمن الحزب سرعان ما ضمنت له مقعد باهياتوا الآمن، الذي شغله بانتظام منذ عام 1943. مع فوز الحزب الوطني بأول انتخابات له في عام 1949، دخل هوليواك مجلس الوزراء، مبشرًا بمسيرة حافلة بالإنجازات.

قيادة البلاد: من نائب رئيس وزراء إلى زعيم ورئيس وزراء

في عام 1954، تم تعيين كيث هوليواك نائبًا أول لرئيس وزراء نيوزيلندا، في عهد رئيس الوزراء سيدني هولاند. كانت هذه الفترة بمثابة تدريب مكثف على القيادة والمسؤولية على أعلى المستويات. مع تدهور الحالة الصحية لسيدني هولاند، تولى هوليواك زعامة الحزب الوطني ومنصب رئيس الوزراء قبل شهرين فقط من انتخابات عام 1957. إلا أن هذه الفترة الأولى كانت قصيرة الأجل، حيث خسر الحزب الانتخابات، وشغل هوليواك منصب زعيم المعارضة لمدة ثلاث سنوات، أظهر خلالها قدرته على القيادة وتوحيد صفوف الحزب.

في عام 1960، عاد الحزب الوطني إلى السلطة، وتولى كيث هوليواك منصب رئيس الوزراء للمرة الثانية، لتبدأ فترة حكم استمرت اثني عشر عامًا تقريبًا، وشهدت تحولات مهمة في نيوزيلندا.

إنجازات حكمه: إصلاحات داخلية وسياسة خارجية حازمة

تُعد فترة حكم كيث هوليواك رئيسًا للوزراء فترة غنية بالإصلاحات والقرارات الحاسمة التي شكلت وجه نيوزيلندا. على الصعيد الداخلي، قامت حكومته بإعادة صياغة شاملة للقانون الجنائي، وتوجت جهودها بإقرار "قانون الجرائم لعام 1961". ولعل أبرز ما تضمنه هذا القانون كان إلغاء عقوبة الإعدام، وهي خطوة تاريخية أظهرت تقدمية نيوزيلندا في مجال حقوق الإنسان آنذاك. ومن المثير للاهتمام أن هذا القرار الجريء مرر على الرغم من أن عشرة نواب فقط صوتوا صراحةً لصالح الإلغاء الكامل، مما يشير إلى وجود توافق أوسع على الرغم من الانقسام الظاهر في التصويت، أو ربما تعقيدات سياسية وراء الكواليس قادت لهذا الإنجاز.

إضافة إلى ذلك، أدخلت حكومته عددًا من الإصلاحات المحافظة، من بينها تطبيق شكل من أشكال "النقابات الطوعية"، التي كانت تهدف إلى تقليل الإلزام بعضوية النقابات، مما يعكس فلسفة اقتصادية معينة في تلك الفترة.

على صعيد السياسة الخارجية، اتخذ هوليواك موقفًا واضحًا في خضم الحرب الباردة، حيث دعم الولايات المتحدة بشكل كبير، وأرسل قوات نيوزيلندية إلى فيتنام، في خطوة تعكس التزامات نيوزيلندا تجاه حلفائها الغربيين. كانت قيادته السياسية حاسمة، حيث قاد حزبه إلى أربعة انتصارات انتخابية متتالية، وهو إنجاز لم يتم تجاوزه منذ ذلك الحين، مما يبرهن على شعبيته وقدرته على التواصل مع الناخبين.

في عام 1972، قرر هوليواك التنحي عن منصب رئيس الوزراء، في خطوة مدروسة لتسهيل خلافة نائبه وصديقه المقرب، جاك مارشال، مظهرًا بذلك حسًا عاليًا بالمسؤولية وبتداول السلطة بشكل سلس.

منصب الحاكم العام: جدل وتكريم

في عام 1977، شهدت الساحة السياسية عودة السير كيث إلى الواجهة، ولكن هذه المرة في دور مختلف تمامًا؛ حيث عينته حكومة روبرت مولدون الوطنية حاكمًا عامًا لنيوزيلندا. هذا التعيين أثار جدلاً واسعًا في الأوساط السياسية والعامة، إذ جادل المعارضون بشدة بأن المنصب الرفيع للحاكم العام يجب أن يظل فوق أي انتماء حزبي سابق، وأن شغل سياسي مخضرم لهذا الدور قد يطعن في حيادية المنصب التي تعتبر ركنًا أساسيًا في النظام الدستوري للبلاد. نتيجة لهذا الجدل، تم تحديد فترة ولاية هوليواك بثلاث سنوات فقط، بدلاً من السنوات الخمس المعتادة، كحل وسط لتخفيف حدة الاعتراضات.

بعد انتهاء ولايته كحاكم عام في عام 1980، حظي السير كيث هوليواك بتكريم نادر ومتميز، حيث أصبح فارسًا من وسام الرباط (Knight of the Garter)، وهو أحد أرفع الأوسمة البريطانية تقديرًا لخدماته. ظل اسمه محفورًا في سجلات التاريخ النيوزيلندي كواحد من أطول رؤساء الوزراء خدمة، حيث قضى ما يقرب من 12 عامًا في المنصب، متخلفًا بفارق ضئيل فقط عن ريتشارد سيدون (13 عامًا) وويليام ماسي (ما يقرب من 13 عامًا). كما كان أول رئيس وزراء نيوزيلندي يولد في القرن العشرين، مما يضعه في نقطة تحول تاريخية. اشتهر هوليواك بأسلوبه الدبلوماسي المميز وصوته "اللطيف"، وكان يُعرف بمودة (أو بسخرية أحيانًا) باسم "كيوي كيث" (Kiwi Keith)، وهو لقب أطلق عليه في طفولته لتمييزه عن ابن عم أسترالي يحمل الاسم نفسه، وأصبح جزءًا لا يتجزأ من هويته العامة.

الأسئلة المتكررة (FAQs)

من هو السير كيث هوليواك وما هي أبرز أدواره السياسية؟
السير كيث هوليواك هو سياسي نيوزيلندي بارز شغل منصب رئيس الوزراء لنيوزيلندا السادس والعشرين على فترتين (1957؛ 1960-1972)، كما تولى منصب الحاكم العام الثالث عشر للبلاد (1977-1980). وهو السياسي الوحيد في تاريخ نيوزيلندا الذي تقلد كلا المنصبين الرفيعين.
ما هي الفترة الزمنية التي شغل فيها منصب رئيس الوزراء؟
شغل منصب رئيس الوزراء لفترة وجيزة في عام 1957، ثم لفترة أطول من عام 1960 إلى عام 1972، ليقود بذلك حكومة نيوزيلندا لما يقرب من اثني عشر عامًا.
ما هي أهم الإنجازات التشريعية لحكومة هوليواك؟
أبرز إنجاز تشريعي كان إعادة صياغة القانون الجنائي وإقرار "قانون الجرائم لعام 1961"، والذي تضمن إلغاء عقوبة الإعدام في نيوزيلندا، وهي خطوة تاريخية ومتقدمة في مجال حقوق الإنسان.
هل كان تعيينه حاكماً عاماً خالياً من الجدل؟
لا، أثار تعيينه حاكمًا عامًا في عام 1977 جدلاً واسعًا. جادل المعارضون بأن سياسيًا سابقًا لا ينبغي أن يشغل هذا المنصب غير الحزبي، مما قد يمس حياديته. ونتيجة لذلك، اقتصرت فترة ولايته على ثلاث سنوات بدلاً من الخمس المعتادة.
ما هو لقب "كيوي كيث" ولماذا أطلق عليه؟
هو لقب أطلق على السير كيث هوليواك في طفولته، واستمر معه في حياته السياسية. جاء اللقب لتمييزه عن ابن عم أسترالي يحمل الاسم نفسه. أصبح اللقب جزءًا من شخصيته العامة ويعكس هويته النيوزيلندية.
ما هي مكانته في تاريخ رؤساء وزراء نيوزيلندا؟
يُعد السير كيث هوليواك ثالث أطول رؤساء الوزراء خدمة في تاريخ نيوزيلندا، حيث قضى ما يقرب من 12 عامًا في المنصب، بعد ريتشارد سيدون وويليام ماسي. كما كان أول رئيس وزراء لنيوزيلندا يولد في القرن العشرين.