الحرب العالمية الثانية: تم تحرير موستار من قبل أنصار يوغوسلافيا
تُعد موستار، التي تُنطق محليًا [mǒstaːr]، مدينةً آسرةً تقع في قلب البوسنة والهرسك، وتحديدًا كمركزٍ إداري لمقاطعة الهرسك-نيريتفا ضمن كيان اتحاد البوسنة والهرسك. تحتضنها ضفاف نهر نيريتفا الخلاب، وتبرز كخامس أكبر مدينة في البلاد، ليس فقط بحجمها ولكن بتاريخها الغني وثقافتها الفريدة.
يعود اسم موستار إلى فترة العصور الوسطى، حيث اشتُقت من كلمة "موستاري" (Mostari) والتي تعني "حراس الجسر". كان هؤلاء الحراس يؤدون مهمةً حيويةً في مراقبة وحماية المعبر الأهم في المنطقة آنذاك، وهو "ستاري موست" أو الجسر القديم الذي يقطع نهر نيريتفا. هذا الجسر الأيقوني، الذي يعتبر تحفةً معماريةً بحد ذاته، بُني على يد العثمانيين في القرن السادس عشر، ويُجسّد قمة العمارة الإسلامية في منطقة البلقان.
لم يقتصر دور ستاري موست على كونه مجرد معبر، بل أصبح رمزًا حيًا للمدينة وذاكرة شعبها. إنه اليوم أحد مواقع التراث العالمي لليونسكو وأحد أبرز المعالم السياحية زيارةً في البوسنة والهرسك. يحكي الجسر قصة التقاء الحضارات وتجاورها، وقد أعيد بناؤه بعد تدميره خلال حرب البوسنة في التسعينيات، ليقف من جديد شامخًا كشاهدٍ على الصمود والمصالحة، ورباطٍ يربط بين ضفتي المدينة وثقافاتها المتعددة.
حركة المقاومة اليوغوسلافية: الأنصار في الحرب العالمية الثانية
في خضم فوضى الحرب العالمية الثانية واحتلال قوى المحور ليوغوسلافيا، برزت حركة المقاومة الشيوعية المناهضة للفاشية المعروفة باسم "أنصار يوغوسلافيا"، أو رسميًا "جيش التحرير الوطني والفصائل الحزبية ليوغوسلافيا". هذه القوة الجبارة، التي قادها شخصيةٌ كاريزميةٌ هي جوزيب بروز تيتو، لم تكن مجرد مجموعة مقاومة عادية، بل اعتُبرت من أكثر حركات المقاومة ضد المحور فعاليةً وتنظيمًا في أوروبا بأسرها.
تجسدت بدايات الأنصار كقوة حرب عصابات، مستغلةً تضاريس يوغوسلافيا الوعرة لشن هجماتٍ كر وفر على قوات الاحتلال الألمانية بشكل رئيسي، وغيرها من قوات المحور. ومع مرور الوقت وتصاعد العمليات، تطورت هذه الحركة من فصائل صغيرة إلى قوة قتالية كبيرة ومنظمة، قادرة على الانخراط في حرب تقليدية على نطاق واسع. بحلول أواخر عام 1944، بلغ عدد مقاتليهم حوالي 650,000 جندي، وتم تنظيمهم في أربعة جيوش ميدانية و 52 فرقة، مما يدل على حجمهم الهائل وقدرتهم العسكرية المتنامية.
الأهداف والتأسيس
كانت الأهداف المعلنة للأنصار واضحة وطموحة: أولاً، تحرير الأراضي اليوغوسلافية بالكامل من براثن قوات الاحتلال الغاشمة. ثانيًا، إنشاء دولة اشتراكية فيدرالية متعددة الأعراق في يوغوسلافيا ما بعد الحرب. هذا الهدف الأخير كان محوريًا، حيث سعى إلى بناء دولة موحدة تتجاوز الانقسامات العرقية التي غالبًا ما استغلها المحتلون وغيرهم من القوى الداخلية.
تأسست حركة الأنصار بمبادرة من تيتو في أعقاب غزو المحور الكاسح ليوغوسلافيا في أبريل 1941. لم يمر وقت طويل حتى بدأوا حملة حرب عصابات نشطة وقوية ضد قوات الاحتلال، خاصة بعد غزو ألمانيا للاتحاد السوفيتي في يونيو من العام نفسه، مما فتح جبهةً شرقيةً واسعةً وغير مسبوقة. انطلقت انتفاضة واسعة النطاق في يوليو 1941، وشهدت تحالفًا مبدئيًا مع قوات "شيتنيك" الملكية الصربية بقيادة دراغا ميهايلوفيتش، مما أدى إلى تأسيس "جمهورية أوجيتسه" قصيرة العمر.
الصمود وتغير التحالفات
شنت قوى المحور سلسلة من الهجمات الوحشية والمكثفة في محاولةٍ يائسةٍ لتدمير الأنصار وقيادتهم، إلا أنها باءت بالفشل في القضاء عليهم بشكل كامل. أثبت الأنصار قدرتهم على الصمود والتكيف، مما عزز مكانتهم كقوة لا يُستهان بها.
كان عام 1943 نقطة تحول حاسمة؛ حيث بدأت حقيقة تعاون الشيتنيك مع قوات الاحتلال تتضح للحلفاء الغربيين. ونتيجةً لذلك، حول الحلفاء دعمهم بشكل جذري من ميهايلوفيتش إلى تيتو والأنصار. توج هذا الاعتراف الرسمي في مؤتمر طهران التاريخي أواخر عام 1943، مما منح الأنصار شرعيةً دوليةً ودعمًا لوجستيًا وعسكريًا بالغ الأهمية.
التحرير ومرحلة ما بعد الحرب
في خريف عام 1944، شهدت يوغوسلافيا لحظة تاريخية عندما نجح الأنصار، بالتعاون مع الجيش الأحمر السوفيتي، في تحرير بلغراد بعد "هجوم بلغراد" المنسق. استمر زحف الأنصار بلا هوادة، وبحلول نهاية الحرب، كانوا قد سيطروا على البلاد بأكملها، وحتى امتد نفوذهم ليشمل مدينتي ترييستي وكارينثيا خارج الحدود اليوغوسلافية التقليدية.
بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية والنصر المؤزر، أعيد تنظيم الأنصار ليصبحوا القوة المسلحة النظامية لجمهورية يوغوسلافيا الشعبية الفيدرالية حديثة التأسيس، مما مهد الطريق أمام تيتو ليقود يوغوسلافيا في مسارها الفريد في الحقبة الاشتراكية، متجنبًا الانحياز لأي من الكتلتين الكبيرتين في الحرب الباردة.
الأسئلة الشائعة
حول موستار
- بماذا تشتهر مدينة موستار؟
- تشتهر موستار بشكل أساسي بجسرها القديم "ستاري موست" المدرج ضمن قائمة اليونسكو للتراث العالمي، والذي يُعد رمزًا للتعايش وجمال العمارة العثمانية. كما تُعرف بجمالها الطبيعي وموقعها على نهر نيريتفا.
- ما هي أهمية ستاري موست (الجسر القديم)؟
- يُعد ستاري موست أكثر من مجرد جسر؛ إنه رمز تاريخي وثقافي يربط بين ضفتي المدينة المتعددة الثقافات، ويُمثل تحفةً معماريةً إسلاميةً عثمانيةً فريدةً في البلقان. يجسد الجسر روح الصمود بعد إعادة بنائه إثر تدميره في حرب البوسنة، وأصبح معلمًا للسياحة والسلام.
- أين تقع موستار؟
- تقع موستار في جنوب البوسنة والهرسك، وهي المركز الإداري لمقاطعة الهرسك-نيريتفا، وتطل على نهر نيريتفا الخلاب.
- كيف حصلت موستار على اسمها؟
- اشتق اسم موستار من الكلمة المحلية "موستاري" (Mostari) التي تعني "حراس الجسر"، في إشارة إلى الأشخاص الذين كانوا يحرسون الجسر القديم في العصور الوسطى.
حول أنصار يوغوسلافيا
- من هم أنصار يوغوسلافيا؟
- كان أنصار يوغوسلافيا حركة مقاومة شيوعية مناهضة للفاشية خلال الحرب العالمية الثانية، قاتلت ضد قوات المحور (خاصة ألمانيا) في يوغوسلافيا المحتلة.
- من قاد أنصار يوغوسلافيا؟
- قاد الحركة جوزيب بروز تيتو، الذي أصبح لاحقًا رئيس يوغوسلافيا الاتحادية.
- ما هي الأهداف الرئيسية لأنصار يوغوسلافيا؟
- كانت أهدافهم المعلنة تحرير الأراضي اليوغوسلافية من الاحتلال الأجنبي، وتأسيس دولة اشتراكية فيدرالية متعددة الأعراق في يوغوسلافيا.
- ما مدى فعالية الأنصار خلال الحرب العالمية الثانية؟
- اعتبر الأنصار من أكثر حركات المقاومة فعالية ضد المحور في أوروبا، حيث بدأوا كقوة حرب عصابات وتطوروا إلى قوة قتالية كبيرة ومنظمة ضمت مئات الآلاف من المقاتلين، ولعبوا دورًا حاسمًا في تحرير يوغوسلافيا.
- ماذا حدث للأنصار بعد الحرب؟
- بعد الحرب، تم إعادة تنظيم أنصار يوغوسلافيا ليصبحوا القوة المسلحة النظامية لجمهورية يوغوسلافيا الشعبية الفيدرالية التي تأسست حديثًا.