جي بي مورجان يضم شركة الولايات المتحدة للصلب.

يُعد جون بيربونت مورغان (17 أبريل 1837 – 31 مارس 1913) شخصية محورية لا تُنسى في تاريخ الولايات المتحدة الاقتصادي. لقد كان مصرفيًا استثماريًا وممولًا أمريكيًا لامعًا، هيمن على عالم تمويل الشركات في وول ستريت، قلب الاقتصاد الأمريكي، خلال فترة العصر الذهبي المزدهرة. هذه الحقبة، التي شهدت نموًا صناعيًا هائلاً، كانت أيضًا زمنًا من التغيرات الاقتصادية والاجتماعية العميقة التي شكلت مسار الأمة.

بصفته القائد البصري للمؤسسة المصرفية التي اشتهرت لاحقًا باسم جي بي مورغان وشركاه، كان هو القوة الدافعة وراء موجة غير مسبوقة من الاندماجات الصناعية التي اجتاحت الولايات المتحدة في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين. لم يقتصر دوره على التمويل فحسب، بل كان مهندسًا لدمج الشركات، مشكّلًا بذلك ملامح الصناعة الأمريكية الحديثة.

خلال مسيرته المهنية الحافلة، قاد مورغان تشكيل عمالقة صناعية عالمية مثل شركة يو إس ستيل (الصلب الأمريكي) – التي أصبحت أول شركة في العالم تتجاوز قيمتها مليار دولار – وشركة إنترناشونال هارفستر، وجنرال إلكتريك، التي أصبحت جميعها تحت إشرافه المباشر. ولم يقتصر نفوذه على هذه الشركات فحسب؛ بل امتد هو وشركاؤه ليمتلكوا حصصًا مسيطرة في كيانات أمريكية بارزة أخرى مثل أيتنا، ويسترن يونيون، وشركة بولمان للسيارات، بالإضافة إلى شبكة واسعة من 21 خط سكة حديد، مما يؤكد مدى سيطرته على البنية التحتية الاقتصادية للبلاد.

نظرًا لمدى سيطرته وهيمنته على مشهد التمويل الأمريكي، فرض مورغان تأثيرًا هائلًا على سياسات الدولة والقوى السوقية الكامنة وراء اقتصادها الوطني. ولعل أبرز تجليات هذا النفوذ ظهرت بوضوح خلال ذعر عام 1907، حيث قام بتنظيم تحالف استثنائي من الممولين، أنقذ ببراعة النظام النقدي الأمريكي الهش من الانهيار التام في غياب بنك مركزي للدولة، وهو ما يعكس قدرته الفريدة على استقرار الأسواق في الأزمات.

باعتباره الممول الرائد للعصر التقدمي، ساهم تفاني جي بي مورغان في السعي نحو الكفاءة والتحديث بشكل كبير في إعادة تشكيل الاقتصاد الأمريكي. وقد وصفه المؤرخ أدريان وولدريدج بأنه "أعظم مصرفي في أمريكا"، وهو لقب يعكس مدى بصمته التاريخية في تحويل المشهد الصناعي والمالي. توفي مورغان في روما بإيطاليا أثناء نومه في 31 مارس 1913، عن عمر يناهز 75 عامًا، تاركًا وراءه إمبراطوريته المالية وثروته لابنه، جون بيربونت مورغان جونيور. وقدّر كاتب السيرة الذاتية رون تشيرنو ثروته بحوالي 80 مليون دولار في ذلك الوقت، وهو ما يعادل تقريبًا 1.2 مليار دولار بأسعار عام 2019، مما يعكس حجم إرثه المالي الهائل.

شركة الولايات المتحدة للصلب (U.S. Steel): عملاق الصناعة الأمريكية

تُعد شركة الولايات المتحدة للصلب، المعروفة اختصارًا باسم يو إس ستيل (U.S. Steel)، صرحًا صناعيًا أمريكيًا عملاقًا في مجال إنتاج الصلب. تأسست هذه الشركة التاريخية على يد جي بي مورغان نفسه في عام 1901، وكانت رمزًا للطموح الصناعي الأمريكي وفعالية الاندماجات الكبرى، حيث اعتُبرت أول شركة في العالم تتجاوز قيمتها مليار دولار في زمن تأسيسها، مما يعكس حجمها الهائل وأهميتها في تشكيل ملامح الصناعة العالمية.

يقع مقرها الرئيسي في بيتسبرغ بولاية بنسلفانيا، وتتركز عملياتها الإنتاجية بشكل أساسي داخل الولايات المتحدة الأمريكية، بالإضافة إلى وجود عمليات لها في عدة دول عبر أوروبا الوسطى، مما يمنحها بصمة عالمية في قطاع صناعة الصلب.

شهدت الشركة تقلبات في ترتيبها العالمي على مر السنين؛ ففي عام 2008، كانت ثامن أكبر منتج للصلب في العالم، مما يعكس قدرتها التنافسية. وبحلول عام 2018، تراجع ترتيبها إلى المرتبة 38 عالميًا، لكنها ظلت ثاني أكبر شركة أمريكية في هذا القطاع، متخلفةً فقط عن شركة نيوكور (Nucor)، مما يؤكد مكانتها المستمرة كلاعب رئيسي في سوق الصلب الأمريكي.

على مدار تاريخها، مرت الشركة بتغييرات في هويتها الاسمية لتعكس تحولاتها الاستراتيجية. ففي عام 1986، أُعيد تسميتها لتصبح شركة USX Corporation، وذلك للتعبير عن توسعها في مجالات خارج صناعة الصلب التقليدية. لكن في عام 2001، عادت الشركة إلى اسمها الأصلي "الولايات المتحدة للصلب" بعد أن قامت بفصل أعمالها في مجال الطاقة، والتي كانت تتضمن شركة ماراثون أويل (Marathon Oil)، وأصول أخرى لا ترتبط بنشاطها الأساسي في صناعة الصلب، وذلك بهدف التركيز مجددًا على صلب هويتها الصناعية كمنتج رائد للصلب.

الأسئلة المتكررة (FAQs)

من هو جون بيربونت مورغان؟
كان جون بيربونت مورغان (1837-1913) ممولًا ومصرفيًا استثماريًا أمريكيًا بارزًا، اشتهر بكونه القوة المهيمنة على تمويل الشركات في وول ستريت خلال العصر الذهبي، ومؤسس شركة جي بي مورغان وشركاه المصرفية.
ما هو الدور الرئيسي الذي لعبه جي بي مورغان في التمويل الأمريكي؟
كان دوره الرئيسي يتمثل في قيادة موجة الاندماجات الصناعية التي شكلت العديد من الشركات الكبرى، وممارسة تأثير هائل على السياسات الاقتصادية وقوى السوق، بالإضافة إلى دوره المحوري في إنقاذ النظام المالي خلال ذعر عام 1907.
ماذا كان دور جي بي مورغان في ذعر عام 1907؟
في عام 1907، نظم مورغان تحالفًا استثنائيًا من الممولين ساهم في ضخ السيولة وإنقاذ النظام النقدي الأمريكي من الانهيار في فترة الأزمة المالية، مما أبرز نفوذه وقدرته على استقرار الأسواق في غياب بنك مركزي.
ما هي الشركات الكبرى التي ساعد جي بي مورغان في تأسيسها أو تشكيلها؟
قاد تشكيل شركات عملاقة مثل يو إس ستيل (U.S. Steel)، إنترناشونال هارفستر، وجنرال إلكتريك (General Electric)، بالإضافة إلى امتلاك مصالح مسيطرة في العديد من شركات السكك الحديدية والتأمين.
ما هي شركة يو إس ستيل (U.S. Steel)؟
هي شركة أمريكية رائدة في إنتاج الصلب، تأسست على يد جي بي مورغان، وكانت في وقت من الأوقات أكبر منتج للصلب في العالم وأول شركة تتخطى قيمتها مليار دولار، ولها عمليات في الولايات المتحدة وأوروبا الوسطى.
لماذا غيرت شركة يو إس ستيل اسمها عدة مرات؟
تغير اسمها إلى USX Corporation في عام 1986 لتعكس توسعها في مجالات خارج صناعة الصلب. ثم عادت إلى اسمها الأصلي "الولايات المتحدة للصلب" في عام 2001 بعد أن قامت بفصل أصولها غير المرتبطة بالصلب، مثل أعمال الطاقة (ماراثون أويل)، للتركيز مجددًا على نشاطها الأساسي في صناعة الصلب.
كم كانت ثروة جي بي مورغان؟
قدّر كاتب السيرة الذاتية رون تشيرنو ثروته بحوالي 80 مليون دولار عند وفاته في عام 1913، وهو ما يعادل تقريبًا 1.2 مليار دولار بأسعار عام 2019.
متى وأين توفي جي بي مورغان؟
توفي في روما، إيطاليا، أثناء نومه في 31 مارس 1913، عن عمر يناهز 75 عامًا.