بريندا هيل ، البارونة هيل من ريتشموند ، محامية إنجليزية وقاضية وأكاديمية
تُعد البارونة بريندا مارجوري هيل من ريتشموند، التي وُلدت في 31 يناير 1945، واحدة من أبرز وأكثر الشخصيات تأثيرًا في السلك القضائي البريطاني الحديث. لقد تركت بصمة لا تُمحى كقاضية رائدة، ومفكرة قانونية عميقة، وسيدة حطمت الحواجز الزجاجية في أعلى مستويات السلطة القضائية في المملكة المتحدة.
اشتهرت البارونة هيل بتوليها منصب رئيسة المحكمة العليا للمملكة المتحدة، وهو أعلى منصب قضائي في البلاد، حيث خدمت من عام 2017 حتى تقاعدها في عام 2020. ولا يقتصر دورها على القضاء فقط، بل هي أيضًا عضو في مجلس اللوردات البريطاني بصفتها لوردًا زمنيًا (Lord Temporal)، مما يعكس مكانتها المزدوجة في السلطتين القضائية والتشريعية.
مسيرة قضائية رائدة: من لوردة قضائية إلى رئيسة المحكمة العليا
الانتقال إلى قمة القضاء
بدأت البارونة هيل مسيرتها في مجلس اللوردات في عام 2004، عندما عُينت بصفتها "رب الاستئناف العادي" (Lord of Appeal in Ordinary)، وهو ما كان يُعرف باللوردات القانونيين (Law Lords) الذين كانوا يشكلون أعلى محكمة استئناف في المملكة المتحدة آنذاك. كان هذا التعيين بحد ذاته علامة فارقة؛ فقد كانت المرأة الوحيدة التي نالت هذا الشرف في تاريخ المؤسسة العريقة. لقد كانت هذه الخطوة بمثابة تمهيد لدورها المستقبلي في إعادة تشكيل المشهد القضائي البريطاني.
وفي عام 2009، شهد النظام القضائي البريطاني تحولًا تاريخيًا نتيجة لقانون الإصلاح الدستوري لعام 2005. فقد انتقلت البارونة هيل، جنبًا إلى جنب مع اللوردات القانونيين الآخرين، إلى المحكمة العليا الجديدة التي تأسست حديثًا، والتي حلت محل اللجنة الاستئنافية لمجلس اللوردات لتصبح أعلى محكمة استئناف في البلاد. هذا الإصلاح عزز الفصل بين السلطات، مانحًا المحكمة العليا استقلالًا واضحًا عن السلطة التشريعية. وقبل توليها رئاسة المحكمة، شغلت البارونة هيل منصب نائب رئيس المحكمة العليا بكل جدارة واقتدار في الفترة من 2013 إلى 2017، مما أعدها للقيادة العليا.
قيادة أعلى محكمة في المملكة المتحدة
في 5 سبتمبر 2017، صدر قرار بتعيين البارونة هيل رئيسة للمحكمة العليا من قبل رئيسة الوزراء آنذاك، تيريزا ماي. وفي 2 أكتوبر 2017، أدت اليمين الدستورية لتتولى مهام منصبها رسميًا. لم تكن هذه مجرد ترقية وظيفية، بل كانت لحظة تاريخية؛ فقد أصبحت البارونة هيل ثالث شخص وأول امرأة على الإطلاق تتولى هذا المنصب الرفيع والمهم للغاية في تاريخ المملكة المتحدة. هذا الإنجاز لم يسلط الضوء على كفاءتها الفائقة فحسب، بل فتح الباب أيضًا لمزيد من النساء في السلك القضائي الأعلى.
ولم تكن البارونة هيل المرأة الوحيدة التي اخترقت هذا الحاجز، فقد انضمت إليها لاحقًا ثلاث نساء أخريات في المحكمة العليا، وهن: الليدي بلاك (Lady Black)، والليدي أردن (Lady Arden)، والليدي روز (Lady Rose)، مما يعكس تطورًا إيجابيًا نحو تمثيل أكثر توازنًا وتنوعًا في أعلى مراتب القضاء البريطاني.
موقف مبدئي: الانسحاب من محكمة هونغ كونغ
على الصعيد الدولي، قدمت البارونة هيل خدماتها كقاضية غير دائمة في محكمة الاستئناف النهائي في هونغ كونغ منذ 30 يوليو 2018. هذا الدور، الذي يشغله قضاة أجانب بارزون، يُعد جزءًا من مبدأ "دولة واحدة ونظامان" الذي يحكم العلاقة بين هونغ كونغ والصين، ويساهم في الحفاظ على استقلاليتها القضائية ونظام القانون العام في المدينة.
ولكن في يونيو 2021، اتخذت البارونة هيل قرارًا بالغ الأهمية وذا مغزى سياسي وقانوني كبير، حيث أعلنت أنها لن تسعى لإعادة التعيين في محكمة هونغ كونغ بعد انتهاء فترة ولايتها في يوليو من نفس العام. وأرجعت قرارها إلى "تأثير قانون الأمن القومي المثير للجدل في هونغ كونغ". هذا القانون، الذي فرضته بكين في يونيو 2020، أثار مخاوف واسعة النطاق بشأن تآكل الحريات المدنية واستقلال القضاء في هونغ كونغ.
وبهذا الانسحاب، أصبحت البارونة هيل أول قاضية بريطانية كبيرة تنسحب من محكمة هونغ كونغ العليا بعد سن قانون الأمن المثير للجدل، مما بعث برسالة قوية حول التحديات التي تواجه سيادة القانون في الإقليم. ويعكس قرارها التزامًا مبدئيًا بقيم الاستقلال القضائي والعدالة، حتى لو كان ذلك يعني التخلي عن منصب دولي مرموق.
إسهامات مستمرة وإرث خالد
بالإضافة إلى أدوارها القضائية البارزة، حظيت البارونة هيل بتقدير أكاديمي كبير. ففي عام 2019، تم تعيينها أستاذًا فخريًا للقانون في جامعة كوليدج لندن، وهي إحدى أبرز المؤسسات الأكاديمية في العالم. كما شغلت منصب الرئيس الفخري لجمعية القانون بجامعة كامبريدج منذ عام 2015، مما يؤكد مكانتها كمرجعية قانونية وأكاديمية محترمة.
وبعد مسيرة مهنية حافلة بالإنجازات، خلف اللورد ريد (Lord Reed) الليدي هيل في منصب رئيس المحكمة العليا في 11 يناير 2020، لتستمر مسيرة العدالة في المملكة المتحدة تحت قيادة جديدة، لكن إرث البارونة هيل كرائدة وقائدة ومدافعة شرسة عن سيادة القانون يظل خالدًا وملهمًا للأجيال القادمة.
الأسئلة الشائعة (FAQs)
- من هي البارونة بريندا هيل؟
- البارونة بريندا مارجوري هيل من ريتشموند هي قاضية بريطانية بارزة، اشتهرت بكونها أول امرأة تتولى منصب رئيسة المحكمة العليا للمملكة المتحدة، حيث خدمت من عام 2017 حتى تقاعدها في عام 2020.
- ما هو أهم إنجاز للبارونة بريندا هيل في مسيرتها المهنية؟
- يُعتبر أهم إنجاز لها هو توليها منصب رئيسة المحكمة العليا للمملكة المتحدة، لتصبح أول امرأة تتولى هذا المنصب الرفيع في تاريخ البلاد، إضافة إلى كونها المرأة الوحيدة التي عُينت "رب استئناف عادي" (Lord of Appeal in Ordinary).
- لماذا انسحبت البارونة هيل من محكمة الاستئناف النهائي في هونغ كونغ؟
- أعلنت البارونة هيل قرارها بعدم السعي لإعادة التعيين في محكمة هونغ كونغ بعد انتهاء ولايتها في يوليو 2021، مشيرة إلى تأثير قانون الأمن القومي المثير للجدل الذي فرضته الصين على هونغ كونغ، والذي أثار مخاوف بشأن استقلال القضاء وحرية التعبير.
- متى تقاعدت البارونة هيل من منصب رئيسة المحكمة العليا؟
- تقاعدت البارونة هيل من منصب رئيسة المحكمة العليا للمملكة المتحدة في عام 2020، حيث خلفها اللورد ريد في 11 يناير 2020.
- ماذا يعني "لورد زمني" (Lord Temporal) في سياق مجلس اللوردات؟
- "اللورد الزمني" هو عضو في مجلس اللوردات البريطاني يحمل لقبًا وراثيًا أو لقبًا ممنوحًا مدى الحياة، وهو ليس من رجال الدين (الذي يُعرف باللورد الروحي - Lord Spiritual). تنتمي البارونة هيل إلى هذه الفئة بصفتها "بارونة مدى الحياة" مُنحت لها تقديرًا لإسهاماتها.