كارل جي فريستون ، الطبيب النفسي وعالم الأعصاب الإنجليزي
يُعدّ البروفيسور كارل جون فريستون، الحائز على زمالة الجمعية الملكية (FRS)، وزمالة أكاديمية العلوم الطبية (FMedSci)، وزمالة الجمعية الملكية لعلوم الأحياء (FRSB)، أحد أبرز علماء الأعصاب البريطانيين المعاصرين. يشغل البروفيسور فريستون منصبًا رفيعًا في جامعة كوليدج لندن (UCL)، وهي إحدى المؤسسات الأكاديمية المرموقة عالميًا، حيث يكرس جهوده لأبحاث الدماغ. تُعترف به كسلطة بارزة في مجال تصوير الدماغ، وهو حقل حيوي يتيح فهم بنية ووظائف الدماغ البشري بشكل غير جراحي.
اكتسب البروفيسور فريستون شهرة واسعة وسمعة دولية بصفته المؤيد الرئيسي والمطور الأساسي لمجموعة من النظريات الموحدة والمؤثرة التي تحاول تفسير كيفية عمل الدماغ والكائنات الحية بشكل عام. تُركز هذه النظريات على كيفية إدراكنا للعالم، وتصرفنا فيه، وتعلمنا منه، وهي بمثابة أطر مفاهيمية عميقة لها تداعيات واسعة النطاق في علوم الأعصاب، والذكاء الاصطناعي، والفلسفة المعرفية.
المفاهيم المحورية في أعمال البروفيسور فريستون
تتمحور أعمال كارل فريستون الرائدة حول ثلاثة مبادئ مترابطة، والتي تُشكل معًا رؤية شاملة لوظيفة الدماغ:
- مبدأ الطاقة الحرة (Free-Energy Principle): يُعد هذا المبدأ إطارًا نظريًا شاملاً يطرح فكرة أن الكائنات الحية، بما في ذلك أدمغتنا، تسعى باستمرار لتقليل "الطاقة الحرة" (أو مفاجأتها)، وهي مقياس لمدى غرابة أو عدم قابلية التنبؤ بالمدخلات الحسية. بعبارة أخرى، يسعى الدماغ إلى الحفاظ على نماذجه الداخلية للعالم متسقة قدر الإمكان مع البيانات الحسية التي يتلقاها، وذلك بتقليل التناقضات بين ما يتوقعه وما يدركه فعليًا. يُشير هذا المبدأ إلى أن الكائنات الحية تقاوم الميل الطبيعي للفوضى (الإنتروبيا) من خلال الحفاظ على نماذج دقيقة للعالم المحيط بها.
- الاستدلال النشط (Active Inference): يُعتبر هذا المفهوم امتدادًا وتطبيقًا مباشرًا لمبدأ الطاقة الحرة. فهو لا يقتصر على شرح كيفية قيام الدماغ بتحديث نماذجه الداخلية بناءً على المدخلات الحسية، بل يوضح أيضًا كيف تقوم الكائنات الحية بالتصرف بنشاط في بيئتها لتقليل حالة عدم اليقين والمفاجأة. فمن خلال "الاستدلال النشط"، لا يُنظر إلى الإجراءات كاستجابات للمدخلات الحسية فحسب، بل كجزء لا يتجزأ من عملية التنبؤ والتحقق من التوقعات. إنها محاولات متعمدة لتوليد مدخلات حسية تؤكد توقعاتنا وتقلل من الخطأ التنبؤي، مما يطمس الحدود التقليدية بين الإدراك والفعل.
- نظرية الترميز التنبؤي (Predictive Coding Theory): تُقدم هذه النظرية آلية عصبية محتملة لتنفيذ مبدأ الطاقة الحرة والاستدلال النشط على مستوى الدماغ. تُفترض هذه النظرية أن الدماغ يعمل بشكل مستمر على توليد تنبؤات حول المدخلات الحسية القادمة من العالم. تُقارن هذه التنبؤات بالمدخلات الحسية الفعلية، وإذا كان هناك أي اختلاف (خطأ تنبؤي)، فإن إشارة الخطأ هذه هي الوحيدة التي يتم إرسالها إلى المستويات الأعلى من الدماغ لتحديث النموذج الداخلي. هذا يجعل معالجة الدماغ للمعلومات فعالة للغاية، حيث لا تحتاج إلى معالجة كل البيانات الخام، بل فقط المعلومات الجديدة والمفاجئة.
المكانة الأكاديمية والاعتراف
تعكس الألقاب الفخرية التي يحملها البروفيسور فريستون المكانة الرفيعة لإسهاماته العلمية: FRS (زميل الجمعية الملكية) هي أرفع زمالة علمية في المملكة المتحدة وتُمنح لأبرز العلماء والمهندسين. FMedSci (زميل أكاديمية العلوم الطبية) تُشير إلى عضويته في أكاديمية العلوم الطبية، اعترافًا بتميزه في مجال العلوم الطبية الحيوية. أما FRSB (زميل الجمعية الملكية لعلوم الأحياء)، فهي تُقر بإسهاماته البارزة في علوم الأحياء بشكل عام. تُؤكد هذه الألقاب على التأثير العميق والمتعدد الأوجه لعمله في المشهد العلمي العالمي.
الأسئلة الشائعة (FAQs)
- من هو البروفيسور كارل فريستون؟
- هو عالم أعصاب بريطاني بارز يعمل في جامعة كوليدج لندن، معروف بأبحاثه في تصوير الدماغ وتطويره لنظريات موحدة حول وظائف الدماغ مثل مبدأ الطاقة الحرة والاستدلال النشط.
- ما هو مبدأ الطاقة الحرة باختصار؟
- هو إطار نظري يقترح أن الدماغ والكائنات الحية تسعى باستمرار لتقليل "المفاجأة" أو عدم اليقين في بيئتها عن طريق تحديث نماذجها الداخلية للعالم وتوقع المدخلات الحسية بدقة.
- كيف يرتبط الاستدلال النشط بالعمل اليومي؟
- يرتبط الاستدلال النشط بأن أفعالنا ليست مجرد استجابات، بل هي محاولات نشطة لتأكيد توقعاتنا وتقليل عدم اليقين. فعلى سبيل المثال، عندما نتحرك لاستكشاف شيء ما، فإننا نفعل ذلك جزئيًا لتوليد مدخلات حسية تتطابق مع ما نتوقعه أو لتقليل التناقض بين توقعاتنا والواقع.
- ما أهمية نظرية الترميز التنبؤي؟
- تقدم نظرية الترميز التنبؤي آلية فعالة لكيفية معالجة الدماغ للمعلومات. بدلاً من معالجة كل البيانات الحسية الخام، يقوم الدماغ بتوليد تنبؤات وإرسال إشارات الخطأ فقط (الاختلافات بين التنبؤات والواقع) إلى المستويات الأعلى لتحديث فهمه للعالم.
- ما هي الألقاب FRS وFMedSci وFRSB التي يحملها البروفيسور فريستون؟
- هي ألقاب زمالة علمية مرموقة في المملكة المتحدة تُمنح للعلماء الذين قدموا إسهامات استثنائية في مجالاتهم. FRS هي زمالة الجمعية الملكية، FMedSci هي زمالة أكاديمية العلوم الطبية، وFRSB هي زمالة الجمعية الملكية لعلوم الأحياء.