ميتروبوليت ميخائيل أسيوط (ت 2014)

يُعدّ المتنيح الأنبا ميخائيل مطران أسيوط، واسمه بالميلاد ماتياس حنا، قامة روحية وعمودًا راسخًا في الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، فقد كرّس حياته المباركة لخدمة الرب وشعبه لأكثر من تسعة عقود. وُلد في الرابع من يوليو عام 1921 وتنيّح بسلام الرب في الثالث والعشرين من نوفمبر عام 2014، تاركًا وراءه إرثًا غنيًا من الإيمان والخدمة والرعاية الروحية.

الطفولة والنشأة الرهبانية

أبصر ماتياس حنا النور في كنف أسرة قبطية مصرية فقيرة بقرية الرحمانية، التابعة لمركز نجع حمادي بمحافظة قنا في صعيد مصر. كانت هذه النشأة المتواضعة أساسًا لعمق إيمانه وتواضعه الذي لازمه طوال حياته. في ريعان شبابه، استجاب لنداء الرهبنة، فالتحق بدير القديس مقاريوس الكبير العامر بصحراء وادي النطرون (الإسقيط) في التاسع عشر من فبراير عام 1939. هناك، نال اسمًا رهبانيًا جديدًا هو الراهب مطياس المقاري، ليبدأ مسيرة التفاني في العبادة والزهد. وبعد فترة وجيزة من رهبنته، رُسم كاهنًا في السابع عشر من نوفمبر عام 1939، مما أهّله لخدمة الأسرار المقدسة. ولتنمية قدراته الروحية والعلمية، درس في المدرسة الرهبانية بحلوان في الفترة ما بين عامي 1942 و1944، حيث اكتسب معرفة معمقة باللاهوت والطقوس الكنسية.

خدمته الأسقفية ومطرانية أسيوط

في عام 1946، تم اختياره ليتولى المسؤولية الروحية لكرسي أسيوط المقدس، وهي إيبارشية عريقة ذات تاريخ مسيحي مجيد، تُعرف تاريخيًا أيضًا بأسماء مثل "ليكوبوليس" (مدينة الذئاب) و"هيراكونوبوليس" و"أبولونوبوليس بارفا". تمت سيامته أسقفًا في الخامس والعشرين من أغسطس عام 1946، ليصبح الأنبا ميخائيل مطران أسيوط، وهي الرتبة التي ظل يشغلها بتفانٍ وحكمة لعدة عقود. لم يكن الأنبا ميخائيل مجرد مطران لإيبارشية أسيوط فحسب، بل كان أيضًا، ولسنوات طويلة، يُعرف بأنه أكبر أساقفة الأرثوذكسية الشرقية سنًا من حيث تاريخ السيامة الأسقفية على مستوى العالم، وهي شهادة على طول خدمته وعمق تجربته الروحية والرعوية. خلال فترة رئاسته لأسيوط، كان راعيًا أمينًا وموجهًا روحيًا لشعبه، مقدمًا لهم العون والتعليم الروحي، ورافعًا لواء الكنيسة في هذه المنطقة الحيوية بصعيد مصر.

دير القديس مقاريوس الكبير وعلاقته الروحية

إلى جانب مهامه كمطران لأسيوط، كان الأنبا ميخائيل يحمل على عاتقه مسؤولية إضافية كبرى، إذ كان يُعتبر الرئيس الروحي لدير القديس مقاريوس الكبير العامر في وادي النطرون، وهو أحد أعرق الأديرة القبطية وأكثرها قدسية وتأثيرًا في تاريخ الرهبنة المصرية والعالمية. استمر في هذه المسؤولية حتى أوائل عام 2009. في تلك الفترة، قرر الأنبا ميخائيل الاستقالة من هذه المسؤولية المحددة تجاه الدير. جاء هذا القرار بسبب تدهور حالته الصحية التي لم تعد تسمح له بالقيام بمهامه الإشرافية الكاملة على الدير. علاوة على ذلك، تزامن قراره مع وفاة القمص متى المسكين في عام 2008، الذي كان يعتبر الرئيس الروحي والمدبر الفعلي للدير وكبير الهيغومانيين فيه. لقد كان القمص متى المسكين قامة رهبانية وفكرية بارزة، وقد أثرت وفاته بلا شك في المشهد الرهباني للدير، وربما كان هذا أحد العوامل التي دفعت الأنبا ميخائيل، في ظل حالته الصحية، إلى التفكير في ضرورة تنظيم شؤون الدير بشكل مختلف، والتنازل عن مسؤولية إشرافه المباشر ليترك الأمر لجيل جديد من الآباء الرهبان.

الوفاة والإرث

بعد حياة حافلة بالخدمة والعطاء، تنيّح الأنبا ميخائيل بسلام في الثالث والعشرين من نوفمبر عام 2014 في أسيوط، المكان الذي قضى فيه معظم حياته يخدم شعبه. ترك رحيله فراغًا كبيرًا في قلوب محبيه وأبنائه الروحيين، لكنه خلف وراءه إرثًا عظيمًا من الإيمان المستقيم، والتواضع، والمحبة، والخدمة المخلصة التي ستبقى خالدة في ذاكرة الكنيسة القبطية الأرثوذكسية. كانت حياته مثالاً حيًا للراهب المتعبد والأسقف الراعي والأب المحب، الذي سعى دائمًا لتمجيد اسم الله وخدمة ملكوته.

الأسئلة الشائعة حول الأنبا ميخائيل مطران أسيوط

متى وأين وُلد الأنبا ميخائيل مطران أسيوط؟
وُلد الأنبا ميخائيل، واسمه بالميلاد ماتياس حنا، في الرابع من يوليو عام 1921 بقرية الرحمانية التابعة لمركز نجع حمادي بمحافظة قنا في صعيد مصر.
ما هو الدير الذي ترهّب فيه الأنبا ميخائيل؟
ترهّب الأنبا ميخائيل في دير القديس مقاريوس الكبير بوادي النطرون، وكان ذلك في التاسع عشر من فبراير عام 1939.
ما هي أبرز أدواره الكنسية؟
كان الأنبا ميخائيل مطرانًا لإيبارشية أسيوط وتوابعها منذ عام 1946، وكان يُعد أقدم أساقفة الأرثوذكسية الشرقية من حيث تاريخ السيامة الأسقفية على مستوى العالم. كما كان الرئيس الروحي لدير القديس مقاريوس الكبير لفترة طويلة.
لماذا استقال من مسؤولية دير القديس مقاريوس الكبير؟
استقال الأنبا ميخائيل من مسؤولية الإشراف على دير القديس مقاريوس الكبير في أوائل عام 2009 بسبب تدهور حالته الصحية، وتزامن ذلك مع وفاة القمص متى المسكين، كبير هيغومانيي الدير، عام 2008.
متى توفي الأنبا ميخائيل؟
تنيّح الأنبا ميخائيل مطران أسيوط في الثالث والعشرين من نوفمبر عام 2014 بمدينة أسيوط، مصر.