تم إعدام تيموثي ماكفي لدوره في تفجير مدينة أوكلاهوما.

يُعد تفجير أوكلاهوما سيتي، الذي وقع في التاسع عشر من أبريل عام 1995، علامة فارقة مؤلمة في تاريخ الولايات المتحدة، إذ كان حتى أحداث الحادي عشر من سبتمبر، العمل الإرهابي الأكثر دموية على الأراضي الأمريكية. كان هذا الهجوم المروع من تدبير تيموثي جيمس ماكفي، إرهابي محلي سعى للانتقام من الحكومة الفيدرالية، مخلفًا وراءه دمارًا واسعًا وحزنًا عميقًا في قلوب الأمة بأسرها. لا تزال ذكراه تثير صدى مؤلمًا، ويُعتبر حتى اليوم من أخطر أعمال الإرهاب المحلي في تاريخ الولايات المتحدة.

تيموثي ماكفي: من جندي إلى إرهابي

ولد تيموثي جيمس ماكفي في 23 أبريل 1968، وتوفي في 11 يونيو 2001. بدأ حياته كجندي خدم بلاده في حرب الخليج، لكنه سرعان ما تحول إلى شخصية متطرفة تغذيها الكراهية الشديدة للحكومة الفيدرالية الأمريكية. كانت دوافعه عميقة ومعقدة، فقد سعى ماكفي، المنغمس في نظريات المؤامرة والمعتقدات المعادية للحكومة، إلى الانتقام مما اعتبره تجاوزات وانتهاكات من جانب السلطات الفيدرالية. كان حصار واكو عام 1993، الذي انتهى بمقتل 82 شخصًا، العديد منهم أطفال أبرياء، وحادثة روبي ريدج عام 1992، نقطتين محوريتين أشعلتا جذوة غضبه.

لم يكتفِ ماكفي بالانتقام، بل كان يأمل في إثارة ثورة شاملة ضد الحكومة الفيدرالية، مبررًا تفجيره كـ "تكتيك مشروع" ضد ما رآه نظامًا استبداديًا. لقد كان يعتقد أن هذا العمل سينبه الأمريكيين ويحرضهم على الانتفاضة. بعد فترة وجيزة من التفجير، تم القبض عليه ووجهت إليه تهم خطيرة شملت 160 جريمة تتعلق بالولاية و11 جريمة فيدرالية، بما في ذلك استخدام سلاح دمار شامل، مما يعكس جسامة جريمته وتبعاتها القانونية.

تفجير أوكلاهوما سيتي: يوم الرعب

في ذلك اليوم المشؤوم، الأربعاء الموافق 19 أبريل 1995، وفي تمام الساعة 9:02 صباحًا، اهتزت مدينة أوكلاهوما سيتي على وقع انفجار مروع. كان الهدف هو مبنى ألفريد بي موراه الفيدرالي، وهو مبنى حكومي يحوي مكاتب لعدة وكالات فيدرالية، بما في ذلك مكتب مكافحة الكحول والتبغ والأسلحة النارية والمتفجرات، والذي ارتبط في ذهن ماكفي بأحداث واكو وروبي ريدج. نفذ الهجوم تيموثي ماكفي بمساعدة تيري نيكولز، وهما متطرفان معادان للحكومة، متعاطفان مع أفكار تفوق العرق الأبيض والجماعات الإرهابية اليمينية المتطرفة.

نتج عن الانفجار مصرع 168 شخصًا، من بينهم 19 طفلاً كانوا في حضانة تقع داخل المبنى، وإصابة أكثر من 680 آخرين بجروح متفاوتة. بلغت الأضرار المادية حدًا كارثيًا، حيث دُمر أكثر من ثلث المبنى الفيدرالي بالكامل، مما استدعى هدمه لاحقًا. لم يقتصر الدمار على المبنى المستهدف، فقد تضررت أو تدمرت 324 مبنى آخر في دائرة نصف قطرها 16 كتلة سكنية، وتحطم الزجاج في 258 مبنى مجاورًا، ودُمرت أو احترقت 86 سيارة. قُدرت الأضرار المادية بنحو 652 مليون دولار، مما يعكس الحجم الهائل للكارثة.

عقب الانفجار مباشرة، انخرطت وكالات محلية ووطنية وفيدرالية وعالمية في جهود إنقاذ مكثفة، في مشهد يعكس التضامن الإنساني في مواجهة المآسي. قامت الوكالة الفيدرالية لإدارة الطوارئ (FEMA) بتفعيل 11 فريقًا من فرق البحث والإنقاذ الحضرية التابعة لها، والتي ضمت 665 من عمال الإنقاذ الذين عملوا بلا كلل في عمليات البحث والانتشال. لقد كانت لحظة أظهرت فيها الأمة قدرة استثنائية على الصمود والتعافي.

التحقيق والعدالة: ملاحقة الجناة

سرعان ما بدأت خيوط الجريمة تتكشف. ففي غضون 90 دقيقة من الانفجار، أوقِف ماكفي من قِبل شرطي دورية طريق أوكلاهوما، تشارلي هانجر، بسبب قيادته سيارته بدون لوحة ترخيص، واعتُقل لاحقًا لحيازته أسلحة بشكل غير قانوني. لم يكن يعلم حينها أن هذه اللحظة ستكشف عن تورطه في واحدة من أبشع الجرائم في تاريخ أمريكا. ربطت أدلة الطب الشرعي ماكفي ونيكولز بالهجوم بسرعة فائقة؛ وتم القبض على نيكولز، وفي غضون أيام، وُجّهت التهم إلى كليهما. تم تحديد مايكل ولوري فورتيير لاحقًا على أنهما متواطئون، مما كشف عن شبكة أوسع من التخطيط والمساعدة.

كان ماكفي، وهو من قدامى المحاربين في حرب الخليج ومتعاطفًا مع حركة الميليشيات الأمريكية، قد استخدم شاحنة مستأجرة من طراز "رايدر" مملوءة بالمتفجرات، أوقفها أمام المبنى الفيدرالي. ساعده نيكولز في تحضير القنبلة. كان توقيت الهجوم مختارًا بعناية فائقة ليتزامن مع الذكرى الثانية للحريق الذي أنهى حصار مجمع "برانش ديفيدان" في واكو، تكساس، في إشارة واضحة إلى دوافعه القائمة على الكراهية للحكومة الفيدرالية الأمريكية وعدم رضاه عن تعاملها مع أحداث مثل روبي ريدج وواكو.

تضمن التحقيق الرسمي لمكتب التحقيقات الفيدرالي، المعروف باسم "OKBOMB"، جهدًا هائلاً وغير مسبوق، شمل 28000 مقابلة، وجمع 3.5 طن قصير (حوالي 3200 كيلوجرام) من الأدلة، وما يقرب من مليار قطعة من المعلومات. كانت تفصيلة صغيرة جدًا، كالعثور على رقم هاتف واحد في دفتر ماكفي، تقود المحققين إلى تتبع الشبكة وصولاً إلى مزرعة حيث اشترى ماكفي الإمدادات اللازمة للتفجير.

المحاكمات والعقوبات

في عام 1997، حوكم المدبران وأدينا بجميع التهم الموجهة إليهما. حُكم على ماكفي بالإعدام، ونفذ الحكم بالحقنة المميتة في 11 يونيو 2001، في المجمع الإصلاحي الفيدرالي في تير هوت بولاية إنديانا. كان إعدامه، الذي تم بعد ست سنوات بقليل من الجريمة، في وقت أقصر بكثير من وقت انتظار معظم السجناء المحكوم عليهم بالإعدام. أما تيري نيكولز، فقد حُكم عليه بالسجن المؤبد في عام 2004. شهد مايكل ولوري فورتيير ضد ماكفي ونيكولز؛ وحُكم على مايكل فورتيير بالسجن لمدة 12 عامًا لفشله في تحذير الحكومة الأمريكية، بينما حصلت لوري على حصانة من الملاحقة القضائية مقابل الإدلاء بشهادتها، في إطار صفقات ساعدت على كشف الحقائق وتقديم الجناة للعدالة.

إرث الكارثة: قوانين ونصب تذكارية

كانت تداعيات تفجير أوكلاهوما سيتي عميقة وطويلة الأمد، وقد تركت بصمة لا تمحى على الوعي الوطني الأمريكي. ردًا على هذا العمل المروع، أصدر الكونجرس الأمريكي قانون مكافحة الإرهاب وعقوبة الإعدام الفعال لعام 1996، والذي شدد معايير أمر الإحضار في الولايات المتحدة، وعزز قدرة الحكومة على مكافحة الإرهاب. كما أقر الكونجرس تشريعًا لزيادة الحماية حول المباني الفيدرالية، بهدف ردع أي هجمات إرهابية محتملة في المستقبل، وتعزيز الأمن الوطني.

ولإحياء ذكرى الضحايا وتخليد هذه المأساة، تم تخصيص النصب التذكاري الوطني لمدينة أوكلاهوما في 19 أبريل 2000، في موقع مبنى موراه الفيدرالي الذي كان يومًا رمزًا للبناء والخدمة. يُعد هذا النصب مكانًا للتأمل والذكرى، حيث تُقام صلوات إحياء الذكرى في 19 أبريل من كل عام في وقت وقوع الانفجار، لتذكير الأمة بالثمن الباهظ للكراهية، ولتأكيد أهمية الوحدة والصمود في وجه الإرهاب.

أسئلة شائعة حول تفجير أوكلاهوما سيتي

من هو تيموثي ماكفي؟
كان تيموثي ماكفي إرهابيًا محليًا أمريكيًا وعنصرًا سابقًا في الجيش الأمريكي، وهو العقل المدبر لتفجير أوكلاهوما سيتي عام 1995. تم إعدامه بالحقنة المميتة عام 2001 لدوره في الهجوم.
ما هو تفجير أوكلاهوما سيتي؟
هو هجوم إرهابي وقع في 19 أبريل 1995، عندما فجر تيموثي ماكفي وتيري نيكولز شاحنة مفخخة أمام مبنى ألفريد بي موراه الفيدرالي في أوكلاهوما سيتي، مما أسفر عن مقتل 168 شخصًا وإصابة المئات.
ما الذي دفع ماكفي لتنفيذ التفجير؟
دوافع ماكفي كانت متجذرة في كراهيته العميقة للحكومة الفيدرالية الأمريكية، والتي غذتها أحداث مثل حصار واكو عام 1993 وحادثة روبي ريدج عام 1992. كان يهدف إلى إثارة ثورة ضد الحكومة.
كم عدد الضحايا في تفجير أوكلاهوما سيتي؟
أسفر التفجير عن مقتل 168 شخصًا، من بينهم 19 طفلاً، وإصابة أكثر من 680 آخرين.
متى تم إعدام تيموثي ماكفي؟
أُعدم تيموثي ماكفي بالحقنة المميتة في 11 يونيو 2001، أي بعد حوالي ست سنوات من ارتكاب الجريمة.
ما هي التداعيات التشريعية لتفجير أوكلاهوما سيتي؟
ردًا على التفجير، أصدر الكونجرس الأمريكي قانون مكافحة الإرهاب وعقوبة الإعدام الفعال لعام 1996، والذي شدد الإجراءات القانونية وزاد من حماية المباني الفيدرالية.
هل يوجد نصب تذكاري لضحايا التفجير؟
نعم، تم تخصيص النصب التذكاري الوطني لمدينة أوكلاهوما في 19 أبريل 2000، في موقع مبنى موراه الفيدرالي السابق، لإحياء ذكرى الضحايا.