تم نشر كوخ عم هارييت بيتشر ستو.
تُعد الكاتبة الأمريكية هاريت إليزابيث بيتشر ستو (14 يونيو 1811 – 1 يوليو 1896) شخصية محورية في تاريخ الأدب الأمريكي والنضال من أجل الحقوق المدنية. نشأت هاريت في كنف عائلة بيتشير، وهي أسرة بروتستانتية بارزة اشتهرت بنشاطها الديني والإصلاحي، حيث كان والدها، ليمان بيتشير، واعظًا مؤثرًا وداعية لإلغاء العبودية، مما غرس فيها بذور المعتقدات الإصلاحية منذ صغرها. كرست ستو حياتها للكتابة والنشاط، لتُصبح واحدة من أكثر الأصوات تأثيرًا في عصرها، وقد ألفت نحو 30 كتابًا، تنوعت بين الروايات ومذكرات السفر ومجموعات المقالات والرسائل. إلا أن عملها الأكثر شهرة والذي رسخ مكانتها في الذاكرة التاريخية والأدبية هو روايتها المناهضة للعبودية، "كوخ العم توم".
"كوخ العم توم": ميلاد أيقونة أدبية
نُشرت رواية "كوخ العم توم؛ أو، الحياة بين المتواضعين" على مجلدين عام 1852، لتُصبح فور صدورها ظاهرة أدبية واجتماعية. سعت هاريت بيتشر ستو، من خلال هذه الرواية "العاطفية"، إلى تصوير الحقائق القاسية والمؤلمة لحياة الأمريكيين الأفارقة المستعبدين في الجنوب الأمريكي، مؤكدة في الوقت ذاته على أن الحب المسيحي والمبادئ الأخلاقية يمكن أن تتجاوز وتتغلب على شر العبودية. تدور الرواية في جوهرها حول شخصية "العم توم"، العبد الأسود المعطاء الذي عانى طويلاً، وتتداخل قصص شخصيات أخرى متعددة، عبيدًا وأحرارًا، لتنسج نسيجًا روائيًا يبرز التناقضات الأخلاقية والاجتماعية في المجتمع الأمريكي آنذاك.
تأثير الرواية وسياقها التاريخي
وصل كتاب "كوخ العم توم" إلى جمهور عريض من الملايين، ليس فقط كرواية، بل أيضًا من خلال العديد من العروض المسرحية التي اقتُبست منه. كان تأثيره عميقًا في الولايات المتحدة وبريطانيا العظمى، حيث أدى إلى تنشيط وتوحيد القوى المناهضة للعبودية في الشمال الأمريكي، مثيرًا موجة من الغضب الأخلاقي ضد نظام الاستعباد. في المقابل، أثارت الرواية سخطًا واسعًا في الجنوب، الذي اعتبرها تشويهًا لحقائق العبودية وهجومًا على نمط حياتهم. في ظل أجواء خمسينيات القرن التاسع عشر، التي شهدت تصاعدًا للتوترات حول قضية العبودية، ولا سيما بعد صدور قانون العبيد الهاربين لعام 1850 الذي فرض التزامًا على الولايات الشمالية بإعادة العبيد الفارين إلى أصحابهم، شعرت ستو بضرورة التدخل الأدبي. سرعان ما أصبحت الرواية الكتاب الأكثر مبيعًا وثاني أكثر الكتب مبيعًا في القرن التاسع عشر بعد الكتاب المقدس، ويُنسب إليها الفضل في المساعدة على تأجيج قضية إلغاء العبودية وتمهيد الطريق للحرب الأهلية الأمريكية. وقد كانت مكانة الكتاب عظيمة لدرجة أنه ظهرت قصة محتملة، وإن كانت ملفقة، عن لقاء أبراهام لنكولن بستو في بداية الحرب الأهلية، حيث قيل إنه صرح: "إذًا أنتِ السيدة الصغيرة التي بدأت هذه الحرب العظيمة!".
إرث "العم توم" الثقافي والجدل الدائر حوله
على الرغم من الأثر الإيجابي الكبير للرواية في دفع عجلة إلغاء العبودية، إلا أن إرثها لم يخلُ من التعقيد. فمع مرور الوقت، ونتيجة للتفسيرات اللاحقة والعروض المسرحية، لا سيما في مسارح الفكاهة الساخرة (minstrel shows) التي شوهت صور الشخصيات، ساعدت الرواية وشخصياتها في نشر عدد من الصور النمطية السلبية عن السود، أبرزها مصطلح "العم توم" نفسه. فقد تحول هذا المصطلح، الذي كان يشير في الرواية الأصلية إلى شخصية صامدة وتتسم بقوة الإيمان والتضحية، ليصبح دلالة على الشخص الخاضع بشكل مفرط أو المتخاذل أمام الظلم. هذه الارتباطات السلبية اللاحقة طغت، إلى حد ما، على الآثار التاريخية الحقيقية للكتاب كأداة حيوية لمكافحة العبودية. ومع ذلك، تظل الرواية "علامة فارقة" في الأدب الاحتجاجي، وتعتبر كتب لاحقة مثل "الغابة" لأبتون سنكلير و"الربيع الصامت" لراشيل كارسون مدينة لها بالكثير في تشكيل الوعي العام وتغيير السياسات الاجتماعية.
الأسئلة المتكررة
- من هي هاريت بيتشر ستو؟
- هي مؤلفة أمريكية وناشطة في مجال إلغاء العبودية، ولدت في عام 1811 وتوفيت في عام 1896. اشتهرت بروايتها "كوخ العم توم" التي كان لها تأثير كبير على قضية العبودية في الولايات المتحدة.
- ما هي رواية "كوخ العم توم"؟
- هي رواية مناهضة للرق كتبتها هاريت بيتشر ستو عام 1852، وتصور الظروف القاسية التي يعيشها الأمريكيون الأفارقة المستعبدون. تركز على شخصية "العم توم" العبد الأسود ومعاناته، بهدف إثارة التعاطف وتغيير المواقف تجاه العبودية.
- ما هو التأثير الرئيسي لرواية "كوخ العم توم"؟
- كان لها تأثير عميق في إثارة الرأي العام ضد العبودية في الشمال الأمريكي وفي بريطانيا العظمى، ويُنسب إليها الفضل في تأجيج قضية إلغاء العبودية والمساعدة في تمهيد الطريق للحرب الأهلية الأمريكية. كما أنها أصبحت أحد أكثر الكتب مبيعًا في القرن التاسع عشر.
- لماذا يُعتبر مصطلح "العم توم" مثيرًا للجدل؟
- بينما كانت شخصية "العم توم" في الرواية الأصلية تجسيدًا للصمود والتضحية الإيمانية، تطور المصطلح لاحقًا، خاصة عبر التفسيرات المسرحية المشوهة، ليصبح دلالة سلبية على الشخص الخاضع بشكل مفرط أو المتخاذل أمام الظلم، مما أدى إلى تغطية المعنى الأصلي والمناهض للعبودية للرواية.
- هل قال أبراهام لنكولن حقًا: "إذًا أنتِ السيدة الصغيرة التي بدأت هذه الحرب العظيمة!" لهاريت بيتشر ستو؟
- هذه القصة ملفقة على الأرجح أو أنها حكاية متوارثة، لكنها تعكس التصور السائد في ذلك الوقت حول التأثير الهائل لرواية ستو في تحفيز المشاعر المؤدية إلى الحرب الأهلية.
- ما هي الأعمال الأخرى التي ألفتها ستو؟
- ألفت هاريت بيتشر ستو حوالي 30 كتابًا، تشمل روايات أخرى، وثلاث مذكرات سفر، ومجموعات من المقالات والرسائل، وكانت جميعها تعكس اهتماماتها بالقضايا الاجتماعية والأخلاقية.