بن كوروكي ، رقيب وطيار أمريكي (د. 2015)

بن كوروكي (16 مايو 1917 - 1 سبتمبر 2015) كان شخصية بارزة في تاريخ الولايات المتحدة، حيث يُعرف بأنه الأمريكي الوحيد من أصل ياباني الذي خدم في القوات الجوية للجيش الأمريكي في العمليات القتالية بمسرح المحيط الهادئ خلال الحرب العالمية الثانية. تتجاوز قصته مجرد سجل خدمته العسكرية لتمثل شهادة قوية على المثابرة والوطنية في وجه التمييز العنصري.

في فترة كانت فيها العنصرية ضد الأمريكيين اليابانيين تتفاقم بشدة، لدرجة سجن الآلاف منهم في معسكرات الاعتقال بعد الهجوم على بيرل هاربور، تحدى كوروكي التوقعات وقاتل بشجاعة لإثبات ولائه لوطنه. طار ما مجموعه 58 مهمة قتالية خلال الحرب العالمية الثانية، محلقًا فوق سماء أوروبا وشمال إفريقيا، ثم لاحقًا في مسرح المحيط الهادئ فوق اليابان نفسها، في إنجاز غير مسبوق في ظروف معقدة.

تحديات البداية والإصرار على الخدمة

لم تكن رحلة بن كوروكي نحو الخدمة العسكرية سهلة على الإطلاق. فبعد الهجوم الياباني على بيرل هاربور عام 1941، سادت مشاعر قوية معادية لليابان في الولايات المتحدة، مما أدى إلى اعتقال وترحيل ما يقرب من 120 ألف أمريكي من أصل ياباني، بمن فيهم عائلة كوروكي، إلى معسكرات الاعتقال. ورغم هذه الظروف القاسية، كان كوروكي مصممًا على الانضمام إلى القوات المسلحة. قوبلت محاولاته الأولى بالرفض بسبب أصله الياباني، وهو أمر كان شائعًا في ذلك الوقت. لكن إصراره لم يلن، وبعد عدة محاولات، تمكن أخيرًا من الانضمام إلى القوات الجوية للجيش الأمريكي كمدفعجي ذيل في قاذفة القنابل B-24.

خدمة متميزة في مسارح متعددة

بدأ كوروكي خدمته القتالية في مسرح العمليات الأوروبي وشمال إفريقيا، حيث أظهر شجاعة استثنائية. كان جزءًا من المجموعة 93 لقاذفات القنابل، وأكمل 30 مهمة قتالية خطيرة فوق ألمانيا وشمال إفريقيا. على الرغم من أن إتمام 25 مهمة كان كافيًا لتأمين العودة إلى الوطن، إلا أن كوروكي اختار التطوع لخمس مهام إضافية، مما رفع عدد مهامه في هذه المسارح إلى 30. وقد أظهر في هذه المهام رباطة جأش ومهارة عالية تحت نيران العدو، مما أكسبه تقدير رفاقه وقادته.

الكفاح من أجل الخدمة في المحيط الهادئ

بعد عودته من أوروبا، كان لدى كوروكي رغبة قوية وملحة في الخدمة في مسرح المحيط الهادئ، لكن هذه الرغبة قوبلت بمعارضة شديدة. ففي ذلك الوقت، كان يُعتقد أن وجود أمريكي من أصل ياباني يقاتل ضد اليابان قد يؤدي إلى مشاكل تتعلق بالمعنويات أو الدعاية. لكن كوروكي لم ييأس، وقام بحملة شخصية، وناشد الكونجرس، وتلقى دعمًا من الصحافة التي رأت في قصته رمزًا للوطنية الحقيقية. وبفضل مثابرته ودعم بعض المسؤولين المتنورين، مُنح كوروكي أخيرًا الإذن بالخدمة في المحيط الهادئ. لقد كانت هذه موافقة تاريخية، حيث أصبح الرجل الوحيد من أصل ياباني الذي سُمح له بالقتال ضد اليابان خلال الحرب.

في مسرح المحيط الهادئ، أكمل كوروكي 28 مهمة قتالية إضافية، محلقًا فوق اليابان في إحدى أشد المعارك شراسة. وقد تعرض خلال هذه المهام لإصابات، مما أهّله للحصول على وسام القلب الأرجواني. وبإكماله 58 مهمة قتالية إجمالاً، أظهر كوروكي ليس فقط شجاعة استثنائية، بل أيضًا إثباتًا لا يتزعزع لولائه للولايات المتحدة.

ما بعد الحرب وإرثه

بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، تم تسريح بن كوروكي برتبة رقيب وحصل على العديد من الأوسمة، بما في ذلك وسام القلب الأرجواني، وصليب الطيران المتميز، وميدالية الجو، ووسام الخدمة الأمريكية للدفاع، ووسام الحملة الآسيوية والمحيط الهادئ، ووسام الحملة الأوروبية والأفريقية والشرق أوسطية، ووسام النصر في الحرب العالمية الثانية. لم تقتصر مساهماته على ساحات القتال، بل امتدت إلى مرحلة ما بعد الحرب، حيث أصبح صوتًا قويًا ومدافعًا عن الحقوق المدنية والمساواة. تحدث كوروكي علنًا عن تجاربه، وواجه التمييز الذي تعرض له، وشدد على أهمية التسامح وقبول الآخر. لقد عمل في الصحافة المحلية في نبراسكا، واستمر في الدعوة إلى مجتمع أكثر عدلاً وإنصافًا. في عام 2005، بعد مرور عقود على خدمته، تم تكريمه مرة أخرى من قبل الجيش الأمريكي بوسام نجمة الهواء لخدمته المتميزة. توفي كوروكي في عام 2015 عن عمر يناهز 98 عامًا، تاركًا وراءه إرثًا من الشجاعة والتصميم والوطنية، كرمز للإصرار على إثبات الولاء في وجه الشكوك، وتذكيرًا دائمًا بالقدرة على التغلب على التمييز.

الأسئلة المتكررة (FAQs)

من هو بن كوروكي؟
بن كوروكي (16 مايو 1917 - 1 سبتمبر 2015) كان الأمريكي الوحيد من أصل ياباني الذي خدم في القوات الجوية للجيش الأمريكي في العمليات القتالية بمسرح المحيط الهادئ خلال الحرب العالمية الثانية.
ما الذي جعله فريدًا من نوعه؟
في فترة سادت فيها العنصرية ضد الأمريكيين اليابانيين وتم اعتقال الآلاف منهم، تحدى كوروكي التوقعات وتمكن من الخدمة القتالية في مسرح المحيط الهادئ ضد اليابان، وهو أمر لم يُسمح به لأي أمريكي آخر من أصل ياباني في القوات الجوية للجيش الأمريكي.
ما هي التحديات التي واجهها للانضمام إلى الجيش؟
في البداية، قوبلت محاولاته بالرفض بسبب أصله الياباني في ظل المشاعر المعادية لليابان بعد بيرل هاربور. كما واجه معارضة كبيرة عند رغبته في الخدمة في مسرح المحيط الهادئ بعد خدمته في أوروبا وشمال إفريقيا.
كم عدد المهام القتالية التي طارها بن كوروكي؟
طار ما مجموعه 58 مهمة قتالية: 30 مهمة في أوروبا وشمال إفريقيا، و 28 مهمة إضافية في مسرح المحيط الهادئ.
ما هي أبرز الأوسمة التي حصل عليها؟
حصل على وسام القلب الأرجواني، وصليب الطيران المتميز، وميدالية الجو، ووسام نجمة الهواء (في عام 2005 تكريماً لخدمته).
ما هو إرث بن كوروكي؟
يُعتبر بن كوروكي رمزًا للشجاعة والمثابرة والوطنية، وقد أصبح مدافعًا عن الحقوق المدنية والمساواة بعد الحرب، مؤكدًا على قدرة الفرد على إثبات الولاء وتحدي التمييز.