اكتمال نافورة تريفي في روما رسميًا وافتتحها البابا كليمنت الثالث عشر.

تُعد نافورة تريفي (بالإيطالية: Fontana di Trevi) واحدة من أروع وأشهر المعالم في روما بإيطاليا، وهي تحفة فنية باروكية تعود إلى القرن الثامن عشر وتقع في منطقة تريفي. تجذب هذه النافورة الأسطورية ملايين الزوار سنويًا بجمالها الآسر وتاريخها الغني، مقدمةً مشهدًا دراميًا يمزج بين روعة النحت واندفاع المياه.

التاريخ والتصميم

تعود جذور نافورة تريفي إلى روما القديمة، وتحديداً إلى قناة أكوا فيرجو المائية (Aqua Virgo) التي اكتمل بناؤها عام 19 قبل الميلاد، والتي كانت تزود المدينة بالمياه لأكثر من 400 عام. يُعتقد أن اسم "تريفي" مشتق من الكلمة الإيطالية "tre vie" التي تعني "ثلاث طرق"، في إشارة إلى الشوارع الثلاثة التي تلتقي في ساحة تريفي، حيث كانت المياه تتدفق من القناة.

كانت النافورة الباروكية الحالية تتويجًا لعملية طويلة. ففي عام 1730، أقام البابا كليمنت الثاني عشر مسابقة لتصميم نافورة جديدة. فاز المهندس المعماري الإيطالي نيكولا سالفي بهذه المهمة المرموقة. كانت رؤيته تحويل نهاية القناة المائية إلى عرض تذكاري عظيم. بدأ البناء في عام 1732، ولكن سالفي توفي بشكل مأساوي في عام 1751 قبل أن يرى تصميمه الضخم مكتملاً. تولى جوزيبي بانيني، إلى جانب العديد من النحاتين والمهندسين المعماريين الآخرين، بمن فيهم بيترو براكي، المشروع، مما ضمن الالتزام إلى حد كبير بالخطة الأصلية لسالفي، مع بعض التعديلات. تم تدشين النافورة أخيرًا في عام 1762.

العظمة المعمارية والرمزية

ترتفع نافورة تريفي شامخةً بارتفاع 26.3 مترًا (86 قدمًا) وتمتد بعرض 49.15 مترًا (161.3 قدمًا)، مما يجعلها أكبر نافورة باروكية في روما، وواحدة بلا شك من أشهر النوافير في العالم. تصميمها هو اندماج منتصر للعناصر الطبيعية والهندسة المعمارية الكلاسيكية. في قلبها يقف إله المحيطات "أوشيانوس" (Oceanus)، إله جميع المياه، راكبًا عربة على شكل صدفة تجرها خيلان بحريان مجنحان. أحد الخيلين هادئ ويرمز إلى البحر الساكن، بينما الآخر مضطرب يمثل طبيعة البحر الهائجة. ويقود هذين الخيلين كائنات التريتون الأسطورية. على يسار ويمين أوشيانوس توجد تماثيل رمزية: "الوفرة" التي تحمل قرن الوفرة، و"الصحة" التي تحمل كأسًا تشرب منها أفعى، محتفيةً بوفرة ونقاء قناة أكوا فيرجو المائية. إن التفاعل الدرامي للمياه والضوء والمنحوتات يخلق تجربة بصرية وسمعية لا تُنسى.

الأهمية الثقافية والظهور السينمائي

بالإضافة إلى روعتها المعمارية، تتميز نافورة تريفي بتقاليد عريقة وقد حققت شهرة عالمية من خلال ظهورها المتعدد في الثقافة الشعبية، خاصة في السينما. أحد التقاليد الأكثر شيوعًا هو رمي العملات المعدنية في النافورة. تقول الأسطورة أن رمي عملة معدنية واحدة فوق كتفك مع إعطاء ظهرك للنافورة يضمن عودتك إلى روما. العملة الثانية تعد بعلاقة عاطفية جديدة، والثالثة تضمن الزواج. بينما لا يزال الأصل الدقيق لهذه الطقوس الحديثة محط جدل، إلا أنها أصبحت ممارسة محببة لملايين السياح. يتم جمع المبالغ الكبيرة من العملات المعدنية، التي غالبًا ما تتجاوز مليون يورو سنويًا، بانتظام من قبل المدينة ويتم التبرع بها بسخاء لمنظمة "كاريتاس" (Caritas) الخيرية الكاثوليكية للمساعدة في دعم برامج مكافحة الفقر ومطابخ الحساء في روما.

الإرث السينمائي للنافورة له أهمية مماثلة. فقد قدمت خلفية أيقونية للعديد من الأفلام الكلاسيكية، مما رسخ مكانتها في الذاكرة الشعبية. تشمل المشاهد التي لا تُنسى تلك من فيلم "عطلة رومانية" (Roman Holiday) للمخرج ويليام وايلر (1953)، و"ثلاث عملات في النافورة" (Three Coins in the Fountain) للمخرج جان نيجوليسكو (1954)، والتحفة الخالدة "الحياة الحلوة" (La Dolce Vita) للمخرج فيديريكو فيليني (1960) – الذي يضم مشهدًا لا يُنسى لأنشطة أنيتا إيكبرغ في مياهها – بالإضافة إلى ظهورات حديثة في أفلام مثل "سابرينا تذهب إلى روما" (Sabrina Goes to Rome) عام (1998)، وفيلم ديزني "فيلم ليزي ماكغواير" (The Lizzie McGuire Movie) عام (2003). لم تخلد هذه اللحظات السينمائية النافورة فحسب، بل ساهمت أيضًا في جاذبيتها كرمز للرومانسية والأحلام والجمال الخالد لروما.

الأسئلة الشائعة (FAQs)

ما هي نافورة تريفي؟
نافورة تريفي، أو فونتانا دي تريفي، هي نافورة باروكية رائعة تعود إلى القرن الثامن عشر وتقع في روما بإيطاليا، وتشتهر بحجمها الكبير ومنحوتاتها الدرامية وأهميتها التاريخية الغنية. وتتغذى هذه النافورة من قناة أكوا فيرجو المائية القديمة.
من صمم نافورة تريفي؟
تم تصور التصميم الأولي من قبل المهندس المعماري الإيطالي نيكولا سالفي، الذي فاز بمسابقة في عام 1730. بعد وفاة سالفي في عام 1751، تم الانتهاء من المشروع من قبل جوزيبي بانيني وعدة نحاتين ومهندسين معماريين آخرين.
ماذا يعني اسم "تريفي"؟
يُعتقد أن اسم "تريفي" مشتق من "tre vie" التي تعني "ثلاث طرق" باللغة الإيطالية. ويشير هذا إلى الشوارع الثلاثة التي تلتقي في الساحة حيث تقع النافورة، والتي تمثل نهاية قناة أكوا فيرجو المائية.
ما هو تقليد رمي العملات المعدنية في النافورة؟
تقول أسطورة شعبية أن رمي عملة معدنية فوق كتفك في نافورة تريفي يضمن عودتك إلى روما. وإلقاء عملة ثانية يعد بعلاقة عاطفية جديدة، ويقال إن العملة الثالثة تؤدي إلى الزواج. وهذا التقليد هو طقس عزيز للزوار.
ماذا يحدث للأموال التي يتم جمعها من نافورة تريفي؟
يتم جمع كمية كبيرة من العملات المعدنية التي تُرمى في النافورة، والتي يمكن أن تتجاوز مليون يورو كل عام، بانتظام من قبل بلدية روما. ثم يتم التبرع بهذه الأموال لمنظمة "كاريتاس" الخيرية الكاثوليكية لدعم البرامج الاجتماعية المختلفة ومساعدة الفقراء وتمويل مطابخ الحساء داخل المدينة.
ما هي الأفلام الشهيرة التي ظهرت فيها نافورة تريفي؟
زَيّنت نافورة تريفي الشاشة الفضية في العديد من الأفلام الأيقونية، بما في ذلك "عطلة رومانية" (1953)، و"ثلاث عملات في النافورة" (1954)، وتحفة فيديريكو فيليني الكلاسيكية "الحياة الحلوة" (1960)، و"سابرينا تذهب إلى روما" (1998)، وفيلم ديزني "فيلم ليزي ماكغواير" (2003). وقد ساهم وجودها السينمائي بشكل كبير في شهرتها العالمية.
متى أفضل وقت لزيارة نافورة تريفي؟
نافورة تريفي تحظى بشعبية على مدار العام. ولتجربتها بحشود أقل، من الأفضل عمومًا الزيارة في الصباح الباكر (قبل الساعة 9 صباحًا) أو في وقت متأخر من المساء (بعد الساعة 10 مساءً). في الليل، تضاء النافورة بشكل جميل، مما يوفر منظورًا مختلفًا وساحرًا.