السير هنري سافيل ، مدرس اللغة الإنجليزية (ت 1622)

يُعد السير هنري سافيل (30 نوفمبر 1549 - 19 فبراير 1622) شخصية بارزة في التاريخ الفكري الإنجليزي، حيث اشتهر بكونه باحثًا غزير الإنتاج، وعالم رياضيات متميزًا، وإداريًا جامعيًا مؤثرًا، وشخصية سياسية في بلاط إليزابيث الأولى وجيمس الأول. تجسدت حياته في مزيج فريد من التفوق الأكاديمي والخدمة العامة، تاركًا بصمة لا تُمحى على المؤسسات التعليمية والمشهد الفكري في عصره.

مسيرته الأكاديمية والإدارية

تلقى السير هنري سافيل تعليمه في كلية براسينوس ثم كلية ميرتون بجامعة أكسفورد، حيث برزت مواهبه الفكرية مبكرًا. ارتقى في السلك الأكاديمي ليصبح عميدًا لكلية ميرتون المرموقة في جامعة أكسفورد عام 1585، وهو منصب شغله بتفانٍ لعقود، مما سمح له بتشكيل الأجيال القادمة من العلماء. في عام 1596، عُين وكيلًا لكلية إيتون، إحدى أعرق المدارس العامة في إنجلترا، مما وسّع من نطاق تأثيره الإداري والتعليمي.

إرثه الخالد: كُرسيي سافيليان

ربما كان الإسهام الأكثر دوامًا للسير هنري سافيل في الحياة الأكاديمية هو تأسيسه لكُرسيي سافيليان لعلم الفلك والهندسة في جامعة أكسفورد عام 1619. لم يكن هذا مجرد تبرع مالي، بل كان رؤية استشرافية لتعزيز العلوم الدقيقة في وقت كانت فيه الدراسة الكلاسيكية هي السائدة. هذان الكرسيان، اللذان لا يزالان قائمان حتى يومنا هذا، يشكلان حجر الزاوية في الدراسات الرياضية والعلمية في أكسفورد، وقد خرّجا العديد من العقول اللامعة على مر العصور، مما يؤكد بعد نظر سافيل وأهمية دعمه للعلم.

مساهماته الفكرية واللغوية

لم يقتصر دور السير هنري على الإدارة والتدريس؛ فقد كان باحثًا أصيلًا ومترجمًا ذا شأن. كان أحد العلماء الأفاضل الذين كُلّفوا بمهمة ترجمة العهد الجديد من اليونانية إلى الإنجليزية. هذا العمل الضخم كان جزءًا من مشروع ترجمة الكتاب المقدس بأكمله، والذي أُصدر عام 1611 وأصبح يُعرف باسم نسخة الملك جيمس (King James Version)، التي أثرت بعمق في اللغة الإنجليزية والأدب واللاهوت لقرون عديدة.

أعماله المنشورة

بالإضافة إلى إسهاماته في ترجمة الكتاب المقدس، كان السير هنري سافيل أيضًا محررًا ومنظمًا لمجموعة من الأعمال الكلاسيكية المهمة التي أظهرت براعته في اللغات القديمة والرياضيات. ففي عام 1619، نشر ترجمة شاملة ومُعلّقَة لأعمال إقليدس الهندسية، مما جعله مرجعًا أساسيًا للدراسات الرياضية في أوروبا. كما أشرف على طبعة فاخرة ومُنسقة بعناية من أعمال القديس يوحنا الذهبي الفم (Chrysostom) في ثمانية مجلدات ضخمة، وهو إنجاز يتطلب معرفة لغوية وتاريخية هائلة، ويُعد علامة فارقة في مجال الدراسات الكلاسيكية واللاهوتية.

مشاركته السياسية

تجاوزت اهتمامات السير هنري سافيل حدود الأروقة الأكاديمية، حيث انخرط في الحياة السياسية للمملكة. خدم بصفته عضوًا في البرلمان الإنجليزي، ممثلاً عن دائرتين انتخابيتين مختلفتين. فقد انتُخب ليمثل دائرة بوسيني في كورنوال عام 1589، ثم ليمثل دائرة دونويتش في سوفولك عام 1593. تُظهر هذه المشاركة البرلمانية مدى اتساع نفوذه ومكانته في المجتمع الإنجليزي، حيث لم يكن مجرد أكاديمي منعزل، بل شخصية ذات تأثير في الشؤون العامة.

خاتمة وإرث

تُوفي السير هنري سافيل في 19 فبراير 1622، تاركًا وراءه إرثًا غنيًا ومتنوعًا يمتد من الإصلاح التعليمي إلى النهوض بالعلوم الدقيقة والمساهمة في تشكيل اللغة الدينية للأمة. تُذكر أعماله ومؤسساته كدليل على التزامه الثابت بالمعرفة والتعليم.

الأسئلة الشائعة (FAQs)

من هو السير هنري سافيل؟
كان السير هنري سافيل (1549-1622) باحثًا إنجليزيًا بارزًا وعالم رياضيات، وعميدًا لكلية ميرتون بأكسفورد، ووكيلًا لكلية إيتون. اشتهر بتأسيسه لكُرسيي سافيليان في أكسفورد ومشاركته في ترجمة نسخة الملك جيمس من الكتاب المقدس.
ما هي كُرسيي سافيليان؟
هما كُرسيان مرموقان في جامعة أكسفورد، تأسسا عام 1619 من قبل السير هنري سافيل، أحدهما مخصص لعلم الفلك والآخر للهندسة. لا يزالان قائمان حتى اليوم ويعتبران من أهم الكراسي العلمية في الجامعة.
ما هو دور السير هنري سافيل في ترجمة الكتاب المقدس؟
كان السير هنري سافيل أحد العلماء البارزين الذين عملوا على ترجمة العهد الجديد من اللغة اليونانية إلى الإنجليزية، وهي الترجمة التي أصبحت جزءًا من نسخة الملك جيمس (King James Version) الشهيرة الصادرة عام 1611.
هل كانت له أي مناصب سياسية؟
نعم، خدم السير هنري سافيل كعضو في البرلمان الإنجليزي، ممثلاً عن دائرة بوسيني في كورنوال عام 1589، وعن دائرة دونويتش في سوفولك عام 1593.
ما هي أهم إسهاماته الأخرى؟
بالإضافة إلى تأسيس كُرسيي سافيليان ومشاركته في ترجمة الكتاب المقدس، قام السير هنري بتحرير ونشر أعمال إقليدس الهندسية وطبعة ضخمة من أعمال القديس يوحنا الذهبي الفم.