لقي ما لا يقل عن 81 شخصًا مصرعهم في أسوأ فيضانات في تاريخ مدينة فالنسيا الإسبانية.
كان فيضان فالنسيا عام 1957، المعروف باللغة الإسبانية باسم Gran riada de Valencia، حدثًا كارثيًا هز مدينة فالنسيا الإسبانية في الرابع عشر من أكتوبر عام 1957. لم يكن هذا الفيضان مجرد حادث طبيعي عابر، بل كان نقطة تحول حاسمة في تاريخ المدينة، حيث خلف وراءه دمارًا واسع النطاق وأثر بشكل عميق على نسيجها الحضري والاجتماعي. تُعد هذه الكارثة جزءًا لا يتجزأ من الذاكرة الجماعية للمدينة، وتذكيرًا بقوة الطبيعة وتأثيرها.
اليوم المشؤوم: الرابع عشر من أكتوبر 1957
في الأيام التي سبقت الرابع عشر من أكتوبر 1957، شهدت منطقة فالنسيا أمطارًا غزيرة وغير مسبوقة، وهي ظاهرة جوية تُعرف محليًا باسم "Gota Fría" (القطرة الباردة)، والتي تتميز بتساقط أمطار شديدة خلال فترة قصيرة. تراكمت هذه الأمطار في حوض نهر توريا (Turia River)، الذي يتدفق عبر المدينة. ومع استمرار هطول الأمطار بكثافة فائقة، ارتفعت مستويات المياه في النهر بشكل غير طبيعي وبسرعة مذهلة. بلغت المياه ذروتها في ذلك اليوم، لتتحول إلى سيل جارف اجتاح الأحياء السكنية والشوارع، محولاً المدينة الهادئة إلى بحر من الفوضى والدمار. وصلت المياه في بعض المناطق إلى أكثر من خمسة أمتار، مما أدى إلى غمر الطوابق السفلية والمتاجر والشقق، وجرف السيارات والأثاث والأشجار.
حجم الكارثة والخسائر
كانت تداعيات الفيضان مدمرة بكل المقاييس. لحقت أضرار جسيمة بالممتلكات والبنية التحتية في جميع أنحاء فالنسيا، وتحديداً في المناطق الأقرب إلى مجرى النهر. تهدمت العديد من المنازل، وتضررت الطرق والجسور بشكل كبير، وتوقفت الخدمات الأساسية مثل الكهرباء والمياه. لكن الأثر الأكثر إيلامًا كان الخسائر البشرية؛ فقد أسفر الفيضان عن وفاة ما لا يقل عن 81 شخصًا، وإن كانت بعض التقديرات تشير إلى أن العدد الحقيقي قد يكون أعلى بكثير، نظرًا لصعوبة حصر الضحايا في فوضى ما بعد الكارثة. عاش الناجون صدمة عميقة، وشهدت المدينة جهود إنقاذ وبحث بطولية وسط المياه المتدفقة والأنقاض المتناثرة.
خطة "سور": استجابة استراتيجية
في أعقاب هذه المأساة التي كشفت عن ضعف المدينة أمام فيضانات النهر، تحركت الحكومة الإسبانية بسرعة وفاعلية لإيجاد حل جذري يضمن عدم تكرار مثل هذه الكارثة. كانت الاستجابة المباشرة هي إنشاء وسن ما عُرف باسم "خطة سور" (Plan Sur)، أو "الخطة الجنوبية". كانت هذه الخطة عبارة عن مشروع هندسي ضخم وطموح، هدف إلى تحويل مجرى نهر توريا الرئيسي بعيدًا عن قلب المدينة. تمثلت الخطة في بناء قناة جديدة واسعة جنوب فالنسيا، لتحويل تدفق النهر مباشرة إلى البحر الأبيض المتوسط، متجاوزًا بذلك المناطق الحضرية المكتظة بالسكان. بدأت أعمال البناء في أوائل الستينيات واستغرقت سنوات عديدة لإكمالها، وشملت استثمارًا هائلاً في الموارد والجهود الهندسية.
فالنسيا ما بعد الفيضان: تحول المدينة
لم يغير "خطة سور" مجرد مسار النهر؛ بل أعاد تشكيل فالنسيا بأكملها. مع تحويل النهر، تُرك المجرى القديم للنهر، الذي كان يمر عبر قلب المدينة، فارغًا وجافًا. هذا المجرى القديم، الذي يمتد على طول حوالي تسعة كيلومترات، لم يُترك مهجورًا، بل تم تحويله إلى واحدة من أجمل وأكبر المساحات الخضراء الحضرية في أوروبا، والمعروفة الآن باسم "حدائق توريا" (Jardines del Turia). أصبحت هذه الحدائق اليوم رئة فالنسيا الخضراء، حيث تضم مناطق ترفيهية، وملاعب رياضية، ومسارات للدراجات، ومناطق للنزهات، بالإضافة إلى معالم معمارية حديثة مثل مدينة الفنون والعلوم. أصبحت هذه الحدائق رمزًا للمرونة والقدرة على تحويل الكوارث إلى فرص، كما أظهرت أن التخطيط الحضري المستدام يمكن أن يحمي المدن ويعزز جودة حياة سكانها. وهكذا، تحولت ذكرى الفيضان المدمرة إلى إلهام لتحول حضري غير مسبوق، جعل من فالنسيا مدينة أكثر أمانًا وجمالًا وحيوية.
الأسئلة الشائعة حول فيضان فالنسيا 1957
- متى وقع فيضان فالنسيا عام 1957؟
- وقع الفيضان في الرابع عشر من أكتوبر عام 1957.
- ما هو الاسم الإسباني لفيضان فالنسيا 1957؟
- يُعرف باللغة الإسبانية باسم "Gran riada de Valencia".
- ما هو السبب الرئيسي للفيضان؟
- السبب الرئيسي كان الأمطار الغزيرة وغير المسبوقة (ظاهرة Gota Fría) التي أدت إلى ارتفاع منسوب مياه نهر توريا بشكل كبير جدًا.
- كم عدد الضحايا الذين سقطوا في الفيضان؟
- أسفر الفيضان عن مقتل ما لا يقل عن 81 شخصًا، وقد تكون التقديرات الفعلية أعلى.
- ما هي الاستجابة الحكومية الرئيسية للفيضان؟
- كانت الاستجابة الرئيسية هي إطلاق "خطة سور" (Plan Sur)، وهي مشروع لتحويل مجرى نهر توريا بعيدًا عن المدينة.
- ماذا حدث لمجرى نهر توريا القديم بعد تنفيذ خطة سور؟
- تم تحويل مجرى النهر القديم إلى "حدائق توريا" (Jardines del Turia)، وهي مساحة خضراء حضرية كبيرة ومساحة ترفيهية للمدينة.
- ما هو الأثر طويل المدى لفيضان 1957 على فالنسيا؟
- أدى الفيضان وتداعياته إلى إعادة تشكيل المدينة بشكل جذري، مما جعلها أكثر أمانًا من الفيضانات المستقبلية، ووفر لها واحدة من أكبر الحدائق الحضرية في أوروبا.