أدى انفجار قنبلة عرضي في هانكو ، ووخان ، الصين إلى السقوط النهائي لإمبراطورية تشينغ

كانت انتفاضة ووتشانغ، التي اندلعت في العاشر من أكتوبر عام 1911، حدثًا محوريًا لم يكن مجرد تمرد عسكري آخر في تاريخ الصين المضطرب، بل كانت الشرارة التي أشعلت ثورة شينهاي العظمى. من مدينة ووتشانغ التاريخية، التي تقع اليوم ضمن مدينة ووهان الصاخبة بمقاطعة هوبي، انطلقت هذه الحركة المسلحة لتوجه الضربة القاضية لسلالة تشينغ الحاكمة، منهية بذلك قرونًا من الحكم الإمبراطوري الصيني ومبشرة بعهد جمهوري جديد. قاد هذه الانتفاضة أفراد من "الجيش الجديد" المثقفين والمتأثرين بالأفكار الثورية التي روجت لها جمعية تونغمينغوي (التحالف الثوري)، لتشكل نقطة تحول حاسمة في تاريخ الأمة الصينية.

خلفية الانتفاضة: عوامل التوتر المتصاعدة

في أوائل القرن العشرين، كانت سلالة تشينغ تواجه تحديات وجودية هائلة. فقد تآكلت شرعيتها بسبب الهزائم العسكرية المتتالية أمام القوى الأجنبية، وفقدان الأراضي، والفساد المستشري، والإخفاق المتكرر في تنفيذ إصلاحات حقيقية تلبي تطلعات الشعب الصيني المتزايدة. تصاعدت المشاعر المعادية للمانشو، الذين أسسوا السلالة، وتزايدت الدعوات لتأسيس نظام حكم أكثر حداثة ووطنية ينهي عهد الإمبراطورية المتداعي.

في خضم هذا المناخ المضطرب، كان "الجيش الجديد" يمثل قوة عسكرية حديثة تم تدريبها وفقًا للنماذج الغربية، لكنها أصبحت على نحو مفارق بؤرة للمشاعر الثورية. فبعد أن استثمرت حكومة تشينغ في تحديث جيشها، وجدت نفسها أمام جنود وضباط لم يعودوا موالين تمامًا للسلالة، بل أصبحوا منفتحين على أفكار التغيير الجذري التي كانت تنتشر في أنحاء البلاد. وقد لعبت جمعية تونغمينغوي، التي أسسها القائد الثوري صن يات صن، دورًا محوريًا في غرس هذه الأفكار في صفوف الجيش الجديد من خلال التسلل المنظم ونشر الدعاية الثورية بين أفراده.

أزمة السكك الحديدية: الشرارة المباشرة

بلغت هذه التوترات السياسية والاجتماعية ذروتها مع "أزمة السكك الحديدية" في عام 1911. فقد أثار قرار الحكومة المركزية بتأميم خطوط السكك الحديدية المحلية، التي كانت قد جمعت أموالها من المساهمين الصينيين المحليين لتمويلها، غضبًا شعبيًا عارمًا. كانت هذه الخطوط تُرى كاستثمارات وطنية حيوية تهدف إلى تعزيز البنية التحتية الصينية دون الاعتماد على القوى الأجنبية، ورأى الناس في قرار التأميم خيانة للمصالح الوطنية وتسليمًا للموارد للصناديق الأجنبية، حيث كانت خطة التأميم تتضمن الاقتراض من قوى أجنبية لسداد المساهمين. هذا الإجراء كان بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير، وأجج مشاعر السخط الشعبي في مقاطعات رئيسية مثل سيتشوان وهوبي، مما وفّر أرضية خصبة للتحرك الثوري.

يوم العاشر من أكتوبر 1911: لحظة الحقيقة

في ووتشانغ، كانت الخلايا الثورية ضمن الجيش الجديد تخطط لانتفاضة منسقة. غير أن الأقدار كان لها رأي آخر، ففي العاشر من أكتوبر، وقع حادث عرضي عندما انفجرت قنبلة ثورية عن طريق الخطأ في مخبأ سري بمدينة هانكو المجاورة، مما كشف عن المؤامرة وأجبر الثوار على التحرك قبل الأوان. كانت سلطات تشينغ قد بدأت بالفعل في اعتقال المشتبه بهم وتفتيش الثكنات بحثًا عن أدلة، مما وضع الثوار في موقف لا يحسدون عليه.

مع انكشاف أمرهم، لم يكن أمام الثوار خيار سوى التحرك فورًا لتجنب الاعتقال والإعدام. وفي مساء نفس اليوم، شنوا هجومًا جريئًا على مقر نائب الملك في هوغوانغ (المقر الحكومي الإقليمي). فر نائب الملك روى تشنغ بسرعة من مقره، تاركًا المدينة عرضة للثوار الذين سيطروا عليها بالكامل خلال ساعات قليلة، معلنين عن تأسيس حكومة عسكرية مؤقتة. هذا الانتصار السريع والمدوي في ووتشانغ أرسل رسالة واضحة بضعف سلطة تشينغ المركزية وفتح الباب أمام تغيير شامل.

الآثار المترتبة: نهاية حقبة وبداية جديدة

لم يمض وقت طويل حتى انتشرت أخبار سقوط ووتشانغ كالبرق في جميع أنحاء الصين. في غضون أسابيع قليلة، أعلنت مقاطعات أخرى ولاءها للثورة الواحدة تلو الأخرى، معلنة استقلالها عن حكم سلالة تشينغ. أدى هذا التمرد المتسارع إلى انهيار سريع لسلطة السلالة الحاكمة، التي لم تعد قادرة على احتواء الموجة الثورية المتصاعدة.

في نهاية المطاف، أدت انتفاضة ووتشانغ والثورة التي تلتها بشكل مباشر إلى تنازل الإمبراطور الأخير عن العرش في فبراير 1912، منهية بذلك ما يقرب من 268 عامًا من حكم سلالة تشينغ وأكثر من ألفي عام من الحكم الإمبراطوري في الصين. أُعلنت جمهورية الصين (ROC) رسميًا، وتم الاحتفال بالعاشر من أكتوبر، يوم بدء الانتفاضة، كيوم وطني لجمهورية الصين، يُعرف باسم "يوم العشرة المزدوجة" (Shuang Shiyi)، تخليدًا لذكرى هذا الحدث التاريخي الذي غيّر وجه الصين إلى الأبد.

الأسئلة الشائعة (FAQs)

س1: ما هي انتفاضة ووتشانغ؟
ج1: هي تمرد مسلح اندلع في مدينة ووتشانغ الصينية في 10 أكتوبر 1911، وكانت الشرارة التي أشعلت ثورة شينهاي وأدت إلى سقوط سلالة تشينغ وتأسيس جمهورية الصين.
س2: من قاد انتفاضة ووتشانغ؟
ج2: قادها عناصر من "الجيش الجديد" الصيني، الذين كانوا متأثرين بالأفكار الثورية التي روجت لها جمعية تونغمينغوي (التحالف الثوري) بقيادة صن يات صن.
س3: ما هي "أزمة السكك الحديدية" وكيف ساهمت في الانتفاضة؟
ج3: كانت أزمة السكك الحديدية احتجاجًا شعبيًا على قرار حكومة تشينغ بتأميم خطوط السكك الحديدية المحلية، والتي موّلها المواطنون، وخطتها للاقتراض من قوى أجنبية لسداد المساهمين. أثار هذا القرار غضبًا واسعًا وأجج المشاعر المناهضة للحكومة، مما وفّر أرضية خصبة للثورة.
س4: ما هي النتائج الرئيسية لانتفاضة ووتشانغ؟
ج4: أدت إلى سقوط سلالة تشينغ بعد حكم دام قرابة ثلاثة قرون، وإنشاء جمهورية الصين. كما يحتفل يوم 10 أكتوبر بذكرى الانتفاضة كيوم وطني لجمهورية الصين.
س5: لماذا يُعرف يوم 10 أكتوبر بيوم "العشرة المزدوجة"؟
ج5: يُعرف بذلك لأنه يمثل اليوم العاشر من الشهر العاشر (أكتوبر) في التقويم الميلادي، ويتم الاحتفال به كيوم وطني لجمهورية الصين تخليدًا لذكرى انتفاضة ووتشانغ التي كانت بداية تأسيس الجمهورية.