فيليب رامي ، عازف البيانو والملحن الأمريكي
فيليب رامي، المولود في 12 سبتمبر 1939 بمدينة إلمهورست، إلينوي، الولايات المتحدة، يُعد شخصية محورية ومتعددة المواهب في عالم الموسيقى الأمريكية. فهو ليس مجرد مؤلف موسيقي فحسب، بل هو أيضًا عازف بيانو بارع وكاتب ومؤرخ موسيقي، وقد أثرى المشهد الثقافي بإسهاماته المتنوعة التي جمعت بين الإبداع الفني والبحث الأكاديمي.
رحلته التعليمية وعلاقاته الفنية
بدأ رامي رحلته التعليمية المكثفة في التأليف الموسيقي مع الملحن الروسي المولد ألكسندر تشيريبنين، وهي فترة امتدت من عام 1959 إلى 1962. تلقى توجيهاته القيمة أولاً في الأكاديمية الدولية للموسيقى بمدينة نيس الساحرة في فرنسا، ثم تابع دراسته في جامعة ديبول بشيكاغو، مما منحه مزيجًا فريدًا من التقاليد الموسيقية الأوروبية والأمريكية. لاحقًا، صقل مهاراته في التأليف مع جاك بيسون في جامعة كولومبيا بين عامي 1962 و1965، حيث تعمق في تقنيات التأليف المعاصرة وتوسعت آفاقه الفنية.
على مدار مسيرته المهنية، نسج فيليب رامي علاقات وثيقة ومهمة مع عمالقة الموسيقى الأمريكية والعالمية، مما يعكس مكانته واحترامه في الأوساط الفنية. شملت هذه العلاقات أسماءً بحجم آرون كوبلاند، وصموئيل باربر، وليونارد بيرنشتاين، وفيرجيل طومسون، وويليام شومان، وديفيد دايموند، والأسطوري فلاديمير هورويتز. لم تكن هذه مجرد علاقات عابرة، بل كانت مصدر إلهام وتبادل فني عميق، وقد حظي رامي بتكريم خاص من بعض هؤلاء العمالقة. على سبيل المثال، أهداه فيرجيل طومسون مقطوعة بيانو بعنوان "فيليب رامي: التفكير الجاد"، بينما قدم له آرون كوبلاند، أحد أبرز رموز الموسيقى الأمريكية في القرن العشرين، مقطوعتين للبيانو تحملان اسمي "منتصف الصيف نوكتورن" و"إعلان"، وهي إهداءات تعكس مدى التقدير والاحترام الذي كان يكنه كوبلاند لرامي.
من الجوانب الثقافية المثيرة في حياة رامي، صداقته الطويلة والمميزة مع الكاتب والملحن الأمريكي بول باولز. لسنوات عديدة، كان رامي صديقًا مقربًا وجارًا لباولز في مدينة طنجة المغربية الساحرة، حيث كان يقضي الصيف بانتظام، وهذه العلاقة العميقة لا شك أنها أثرت على فنه ورؤيته للعالم، وربما استلهم منها بعضًا من أعماله. وفي خطوة مهمة لحفظ إرثه الفني ولإتاحة الفرصة للباحثين والمؤرخين، استحوذت مكتبة نيويورك العامة في عام 2017 على أرشيف فيليب رامي الضخم، والذي يضم مخطوطات أعماله الموسيقية، ومجموعاته من النوتات، وتسجيلاته القيمة. هذا الأرشيف سيُفهرس بعناية ويُتاح للبحث العلمي، مما يضمن استمرارية دراسة أعماله وتأثيرها للأجيال القادمة.
أعماله الموسيقية البارزة وعروضها الأولى
تتسم أعمال فيليب رامي الموسيقية بالتنوع والعمق، وتُظهر براعته في مختلف الأشكال الموسيقية. تشمل مؤلفاته أعمالاً أوركسترالية ضخمة، منها ثلاثة كونشيرتو للبيانو تُبرز قدرته على الكتابة للأوركسترا والآلة المنفردة بتوازن وتناغم. كما ألف العديد من أعمال موسيقى الحجرة التي تُبرز قدرته على خلق حوار موسيقي حميم بين الآلات، وكمًا كبيرًا من الأعمال للبيانو المنفرد، من بينها عشر سوناتات تعكس تطوره الفني وتمكنه من آلة البيانو وتعبيره الموسيقي.
شهد عام 1993 عرضًا أولًا لكونشيرتو للقرن والأوتار، وهو عمل فني مميز كُلّف به من قبل أوركسترا نيويورك الفيلهارمونية العريقة، وذلك احتفالاً بالذكرى السنوية الـ 150 لتأسيسها، مما يؤكد مكانة رامي كملحن مرموق. قُدم هذا العمل بنجاح باهر من قبل الأوركسترا ذاتها تحت قيادة المايسترو ليونارد سلاتكين، وكان عازف القرن المنفرد فيليب مايرز، الذي أضفى أداءً استثنائيًا على العمل. ولعل أحد أبرز الأحداث في مسيرة رامي كانت في 14 نوفمبر 1985، عندما شهدت مقطوعته "إعلان" الأوركسترالية، وهي في الواقع تزامن رامي المتقن لمقطوعة "إعلان" الأصلية لكوبلاند للبيانو، عرضًا غير عادي ثنائي الساحلين في نفس الليلة. فقد قُدمت من قبل أوركسترا نيويورك الفيلهارمونية بقيادة المايسترو زوبين ميهتا في نيويورك، ومن قبل أوركسترا لوس أنجلوس الفيلهارمونية بقيادة إريك لينسدورف في الساحل الغربي، وهو ما يؤكد على أهمية هذا العمل وتأثيره وعلى تقدير المؤسسات الموسيقية الكبرى لموهبة رامي. الجدير بالذكر أن حفل أوركسترا نيويورك الفيلهارمونية هذا بُث تلفزيونيًا ضمن حلقة خاصة بعنوان "عيد ميلاد آرون كوبلاند الخامس والثمانين"، وهي الحلقة 61 من سلسلة "مباشر من مركز لينكولن" التلفزيونية الشهيرة، مما أتاح لجمهور واسع الاستمتاع بهذا الحدث الموسيقي البارز. وتُنشر موسيقى رامي من قبل دور نشر مرموقة عالميًا مثل Boosey & Hawkes وG. Schirmer وCF Peters وEdward B. Marks، إلى جانب العديد من الشركات الأخرى، مما يدل على انتشار أعماله وتقديرها الواسع في الأوساط الموسيقية الاحترافية.
مسيرته الكتابية ومساهماته الثقافية الأخرى
إلى جانب إبداعاته كمؤلف، أسهم فيليب رامي بشكل كبير في مجال الكتابة الموسيقية والتوثيق، مما جعله مرجعًا قيمًا في تاريخ الموسيقى الأمريكية. فقد قام بتأليف عدة مئات من الملاحظات الخطية (Program Notes) التي كانت تُرفق بالبرامج الموسيقية للحفلات، وقدم مقابلات معمقة مع العديد من الملحنين الأمريكيين البارزين، مسجلاً بذلك شهادات حية وتفاصيل مهمة عن تطور الموسيقى في عصره. وعمل في الفترة من 1977 إلى 1993 كمعلق توضيحي ومحرر برامج في أوركسترا نيويورك الفيلهارمونية، حيث لعب دورًا محوريًا في تعريف الجمهور بالأعمال الموسيقية وتاريخها وسياقها الثقافي. كما أنه مؤلف كتاب "إيرفينغ فاين: ملحن أمريكي في عصره" (Irving Fine: An American Composer in His Time)، وهو سيرة موسيقية بارزة حازت على جائزة ASCAP Deems Taylor/Nicolas Slonimsky المرموقة لعام 2006 عن فئة السيرة الموسيقية المتميزة، مما يؤكد مكانته كباحث وكاتب موسيقي من الطراز الأول وقدرته على تحليل وتوثيق حياة وأعمال زملائه الملحنين.
لم يقتصر حضور رامي على المسرح الموسيقي ودور النشر، بل امتد ليشمل الشاشة الفضية. فقد ظهر في الفيلم الوثائقي لعام 1998 بعنوان "فليأتِ للأسفل: حياة بول باولز" (Let It Come Down: The Life of Paul Bowles)، وفي الفيلم الوثائقي لعام 2000 "رقصة الفالس الليلية: موسيقى بول باولز" (Night Waltz: The Music of Paul Bowles)، وهما فيلمان يسلطان الضوء على علاقته بباولز وإسهامات الأخير في الموسيقى، مما يعكس عمق صداقتهما وتأثيرها المتبادل. وحاليًا، يشغل فيليب رامي منصب نائب الرئيس الفخري لجمعية تشيريبنين (Tcherepnin Society)، تكريمًا لأستاذه القديم ألكسندر تشيريبنين، وإسهاماته المستمرة في الحفاظ على إرث الموسيقى الحديثة والترويج لها.
الأسئلة الشائعة (FAQs)
- من هو فيليب رامي؟
- فيليب رامي هو مؤلف موسيقي وعازف بيانو وكاتب أمريكي بارز، ولد عام 1939. يُعرف بإسهاماته المتعددة في الموسيقى الكلاسيكية المعاصرة وكتاباته الموسيقية التاريخية.
- ما هي أبرز أعماله الموسيقية؟
- تشمل أعماله البارزة ثلاثة كونشيرتو للبيانو، والعديد من أعمال موسيقى الحجرة، وعشر سوناتات للبيانو المنفرد، وكونشيرتو للقرن والأوتار، وتزامن أوركسترالي لمقطوعة "إعلان" لكوبلاند.
- مع من درس فيليب رامي التأليف الموسيقي؟
- درس التأليف مع الملحن الروسي المولد ألكسندر تشيريبنين في فرنسا وشيكاغو، ولاحقًا مع جاك بيسون في جامعة كولومبيا.
- ما هي علاقته بآرون كوبلاند؟
- كان رامي على علاقة مهنية وشخصية وثيقة بآرون كوبلاند، الذي أهدى له مقطوعتين للبيانو ("منتصف الصيف نوكتورن" و"إعلان"). كما قام رامي بتزامن أوركسترالي لإعلان كوبلاند للبيانو.
- ما هو دوره في أوركسترا نيويورك الفيلهارمونية؟
- عمل في أوركسترا نيويورك الفيلهارمونية كمعلق توضيحي ومحرر برامج من عام 1977 إلى 1993، وله أعمال كُلّفت بها الأوركسترا ذاتها.
- هل حصل على جوائز عن أعماله الكتابية؟
- نعم، حصل على جائزة ASCAP Deems Taylor/Nicolas Slonimsky لعام 2006 عن سيرة إيرفينغ فاين الموسيقية المتميزة.
- ما هي علاقته بالكاتب بول باولز؟
- كان فيليب رامي صديقًا مقربًا وجارًا لبول باولز في طنجة، المغرب، وقد ظهر في أفلام وثائقية تتناول حياة باولز وموسيقاه.
- أين يمكن العثور على أرشيف فيليب رامي؟
- استحوذت مكتبة نيويورك العامة على أرشيفه من المخطوطات والنوتات والتسجيلات في عام 2017، وهو متاح للبحث العلمي.