يُعد هذا العيد المسيحي المميز، والمعروف أحيانًا باسم "اثنين الخمسين" أو "اثنين العنصرة"، أحد الأعياد ذات التاريخ المتغير، فهو لا يقع في يوم ثابت من التقويم الميلادي بل يتغير موعده سنويًا. يتم الاحتفال به عادةً في اليوم التالي مباشرةً لعيد العنصرة (عيد حلول الروح القدس)، وهو ما يجعله يتبع دورة الأعياد المتحركة المرتبطة بعيد الفصح المجيد.

هذا العيد جزء لا يتجزأ من النسيج الزمني للمسيحية، حيث يعكس الترابط العميق بين أحداث الخلاص الرئيسية. يُحدد تاريخه بناءً على تاريخ عيد الفصح، الذي يقع بعد خمسين يومًا من احتفال الكنائس به. ورغم أن عيد العنصرة نفسه هو الذي يمثل اليوم الخمسين بعد الفصح (كما يرمز اسمه في اليونانية "Pentēkostē" إلى "اليوم الخمسين")، فإن هذا العيد الذي نتحدث عنه يحل في اليوم التالي، ليكمل الفرحة ويُكرّم الروح القدس الذي حلّ على التلاميذ.

ما هو العيد المتحرك ولماذا يتغير تاريخه؟

الأعياد المسيحية تنقسم إلى فئتين رئيسيتين: أعياد ثابتة التاريخ وأعياد متحركة. عيد الميلاد المجيد، على سبيل المثال، يقع في تاريخ ثابت (25 ديسمبر أو 7 يناير حسب التقليد). أما الأعياد المتحركة، فتعتمد تواريخها على حسابات فلكية ترتبط بدورة القمر والشمس، وتحديدًا بتحديد موعد عيد الفصح.

"اثنين الخمسين" أو "اثنين العنصرة": مغزى الاسم والاحتفال

يُعرف هذا العيد شعبيًا في بعض المناطق باسم "اثنين الخمسين" أو "الإثنين الروحي" (Spirit Monday) أو "يوم الروح القدس". التسمية "اثنين الخمسين" تشير إلى كونه يوم الاثنين الذي يلي اليوم الخمسين (أي عيد العنصرة) بعد قيامة المسيح. غالبًا ما يُعتبر هذا اليوم استمرارًا لفرحة عيد العنصرة العظيم، الذي يحتفل بحلول الروح القدس على التلاميذ في علّية صهيون، وتأسيس الكنيسة المسيحية كما هو مذكور في سفر أعمال الرسل (الإصحاح الثاني).

في العديد من الكنائس، يُكرس هذا اليوم للاحتفال بالروح القدس بصفة خاصة، والتأمل في دوره المحيي والمنير في حياة المؤمنين والكنيسة. إنه وقت للتذكير بأن الروح القدس ليس مجرد حدث تاريخي، بل قوة مستمرة ومرشد حاضر في حياة كل مسيحي.

أحد مواسم المعمودية الثلاثة: بوابة للحياة الجديدة

هذا العيد، وما يحيط به من فترة العنصرة، يقع ضمن أحد مواسم المعمودية الثلاثة التقليدية في الكنيسة المسيحية. تُعد هذه المواسم أوقاتًا مفضلة ومباركة لإجراء سر المعمودية، الذي يرمز إلى الموت مع المسيح والقيامة معه لحياة جديدة. تعود هذه العادة إلى القرون الأولى للمسيحية، حيث كانت الكنيسة تحرص على تعميد المؤمنين الجدد في أوقات ذات دلالة لاهوتية عميقة.

مواسم المعمودية الرئيسية غالبًا ما تشمل:

يُبرز وقوع هذا العيد ضمن أحد هذه المواسم العلاقة الوثيقة بين الروح القدس والمعمودية، حيث يُمنح المؤمن الروح القدس في سر المعمودية ليقوده ويجدد حياته. وهكذا، يمثل "اثنين الخمسين" ليس مجرد يوم في التقويم، بل محطة زمنية غنية بالمعنى اللاهوتي والروحي، تدعو إلى التأمل في عمل الروح القدس في الكنيسة وفي حياة كل مؤمن.

أسئلة متكررة حول "اثنين الخمسين"

هل "اثنين الخمسين" هو نفسه عيد العنصرة؟
لا، "اثنين الخمسين" هو اليوم الذي يلي عيد العنصرة (حلول الروح القدس). عيد العنصرة هو اليوم الخمسون بعد عيد الفصح، بينما "اثنين الخمسين" هو يوم الإثنين بعده.
لماذا يُسمى "اثنين الخمسين"؟
يُسمى بهذا الاسم لأنه يقع في يوم الاثنين التالي لليوم الخمسين (عيد العنصرة) بعد قيامة السيد المسيح. كلمة "الخمسين" هنا تشير إلى مرور خمسين يومًا من الفصح.
هل يختلف تاريخ "اثنين الخمسين" بين الكنائس الشرقية والغربية؟
نعم، نظرًا لاختلاف حساب تاريخ عيد الفصح بين التقويمين الشرقي (اليولياني) والغربي (الغريغوري)، فإن تاريخ عيد العنصرة وبالتالي "اثنين الخمسين" يختلف بينهما في غالب الأحيان.