يُعد مهرجان "غانيش تشاتورثي"، الذي يُحتفل به في جميع أنحاء الهند وخارجها، مناسبة بهيجة ومفعمة بالروحانية، ويرمز بشكل أساسي إلى اليوم الذي يعتقد فيه الملايين من أتباع الهندوسية أن الرب "غانيشا" قد شرّف الأرض بوجوده ليمنح البركات ويُزيل العقبات عن دروب محبيه. يُعرف الرب غانيشا، برأسه الفيل وجسده البشري، بأنه إله الحكمة والازدهار وبادئ كل عمل صالح، مما يجعله رمزًا للأمل والبدايات الميمونة ويُشار إليه غالبًا بـ "فيغناهارتا" (Vighnaharta) أي "مزيل العقبات".

تمتد احتفالات هذا المهرجان الكبير لمدة عشرة أيام كاملة، حيث تغمر الأجواء بالبهجة والترانيم الدينية وترتفع أصوات الصلوات في كل مكان. وتبلغ هذه الاحتفالات ذروتها في اليوم العاشر، المعروف باسم "أنانتا شاتورداشي"، وهو اليوم الذي تتم فيه طقوس "فيساراجان" (Visarjan) المهيبة، حيث يتم غمر تماثيل الرب غانيشا في المسطحات المائية مثل الأنهار أو البحار أو الخزانات. يرمز هذا الطقس إلى عودة الرب غانيشا إلى مسكنه السماوي في "كايلاش"، وإلى دورة الحياة الطبيعية التي تتضمن الخلق والحفظ والتحلل، مؤكدًا على أن كل نهاية هي بداية جديدة في هذا الكون المتجدد.

مظاهر الاحتفال: تجربة غانيش تشاتورثي

تتجلى مظاهر الاحتفال بمهرجان "غانيش تشاتورثي" في كل زاوية وشارع، خاصة في ولاية "ماهاراشترا" الهندية، التي تُعد المركز الرئيسي لهذه الاحتفالات الصاخبة والنابضة بالحياة. تُقام "باندالات" (Pandals) ضخمة، وهي هياكل مؤقتة مزخرفة بشكل فني ومتقن، تُوضع فيها تماثيل "غانيش" التي تتراوح أحجامها من صغيرة جدًا تُعرض في المنازل إلى عملاقة يصل ارتفاعها إلى عدة أمتار، تُصنع من الطين أو مواد أخرى. تتحول هذه الأماكن إلى مراكز للأنشطة الثقافية والموسيقى والرقص الصاخب، حيث يتجمع الناس لتقديم الصلوات والمشاركة في الأنشطة المجتمعية التي تعزز الروابط الاجتماعية وتُشعل روح الوحدة والفرح.

وعلى الصعيد الأسري، تعيش المنازل أجواءً روحانية فريدة؛ فبعد إحضار تمثال "غانيش" إلى المنزل في جو من البهجة والترانيم، تُقام الصلوات اليومية (بوجا) و تُقدم القرابين الطازجة للرب، والتي تتنوع بين الزهور العطرة والبخور والتمر الهندي. من أبرز هذه القرابين هي حلوى "الموداك" (Modak)، وهي حلوى هندية تقليدية مصنوعة من الأرز أو دقيق القمح ومحشوة بجوز الهند والسكر البني أو "الجاغري"، ويُعتقد أنها المفضلة لدى الرب غانيشا، مما يضيف لمسة من الحلاوة والبهجة إلى الأجواء الاحتفالية. تُقام الترانيم والأغاني الدينية بصوت عالٍ، وتُروى قصص من الملاحم الهندوسية عن مغامرات الرب غانيشا وحكمته، مما يُعمّق الفهم الروحي للمهرجان ويعزز القيم الأسرية والتقاليد المتوارثة.

الأسئلة الشائعة حول مهرجان غانيش تشاتورثي

ما هو مهرجان غانيش تشاتورثي؟
هو مهرجان هندوسي كبير يحتفل باليوم الذي يُعتقد أن الرب "غانيشا" نزل فيه إلى الأرض. يُقام هذا المهرجان لمدة عشرة أيام، ويُعد مناسبة للعبادة، الاحتفال، والتجمع المجتمعي، ويشتهر بشكل خاص في ولاية ماهاراشترا الهندية ومناطق أخرى في جنوب الهند.
كم يدوم مهرجان غانيش تشاتورثي؟
يستمر المهرجان لمدة عشرة أيام متواصلة، ويبدأ في اليوم الرابع من شهر بهادرا (حسب التقويم الهندوسي، والذي يقع عادة في أغسطس أو سبتمبر الميلادي)، وينتهي في اليوم الرابع عشر، وهو ما يعرف بـ "أنانتا شاتورداشي".
ما هي أهمية الرب غانيشا في الهندوسية؟
الرب غانيشا هو إله برأس فيل في الهندوسية، ويُعتبر إله الحكمة والازدهار ومزيل العقبات (Vighnaharta). يُعبد في بداية أي مشروع جديد لضمان النجاح وإزالة أي معوقات محتملة، مما يجعله واحدًا من أكثر الآلهة شعبية ومحبة واحترامًا في البانثيون الهندوسي.
ماذا يحدث في "أنانتا شاتورداشي"؟
"أنانتا شاتورداشي" هو اليوم الأخير من المهرجان، ويُشهد فيه طقس "فيساراجان"، حيث يتم غمر تماثيل الرب غانيشا في المياه (مثل الأنهار أو البحار أو الخزانات). يرمز هذا الطقس إلى عودة الرب إلى موطنه السماوي، وإلى أن كل الخلق يعود في النهاية إلى أصله، ليعاد خلقه مرة أخرى في دورة لا نهاية لها، مع الأمل بأن يعود الرب في العام القادم.
ما هي "الموداك"؟ ولماذا هي مهمة؟
"الموداك" هي حلوى هندية تقليدية صغيرة ومستديرة، مصنوعة من الأرز أو دقيق القمح، ومحشوة بحشوة حلوة من جوز الهند المبشور والسكر أو الجاغري المتبل بالهيل أو جوزة الطيب. تُعتبر "الموداك" الحلوى المفضلة للرب غانيشا، ويتم تقديمها كقربان له بكثرة خلال المهرجان كرمز للوفرة والبهجة، ويُعتقد أن تقديمها يجلب البركات والرضا من الرب.