يُعد يوم ذكرى الكارثة والبطولة، المعروف بالعبرية بـ يوم هشوآه (Yom HaZikaron laShoah ve laGevurah)، يومًا وطنيًا مؤثرًا وعميق الدلالة في إسرائيل، يُخصص لإحياء ذكرى ملايين اليهود الأبرياء الذين لقوا حتفهم بشكل مأساوي ومفاجئ في واحدة من أبشع الفصول في تاريخ البشرية: مذبحة الهولوكوست. هذه الإبادة الجماعية المروعة، التي ارتكبتها ألمانيا النازية بقيادة أدولف هتلر خلال سنوات الحرب العالمية الثانية (1939-1945)، استهدفت وبشكل ممنهج استئصال الشعب اليهودي من الوجود، مدفوعة بأيديولوجية عنصرية متطرفة ومعاداة عميقة للسامية.

تجاوزت أعداد الضحايا في الهولوكوست حاجز الستة ملايين يهودي، وهو ما يمثل ثلث يهود العالم آنذاك، قضوا نحبهم في معسكرات الإبادة مثل أوشفيتز-بيركيناو وتريبلينكا وسوبيبور، وفي المذابح الجماعية على يد فرق الإبادة المتنقلة (الأينزاتسغروبن)، وفي الأحياء اليهودية المحاصرة، ومراكز الاعتقال. لم تكن هذه الجريمة مجرد صراع مسلح، بل كانت حملة إبادة صناعية وممنهجة شملت الأطفال والنساء والمسنين، مما يبرز حجم الوحشية غير المسبوقة التي واجهها الشعب اليهودي.

الجذور التاريخية والاعتراف الرسمي

تعود جذور إقامة هذا اليوم التذكاري إلى عام 1951، حيث أُقيم الاحتفال الأول به كرمز مبدئي لتخليد الذكرى الأليمة. وبعد ثماني سنوات من هذا الاحتفال الأولي، وتحديدًا في عام 1959، اتخذ الكنيست، وهو البرلمان الإسرائيلي، خطوة حاسمة وذات مغزى بتشريع قانون يعترف رسميًا بـ عيد ذكرى الكارثة والبطولة. هذا التشريع لم يمنح اليوم صفة رسمية فحسب، بل أكد على التزام الدولة بضمان عدم نسيان هذه المأساة الفظيعة، وضرورة استخلاص الدروس من تلك الحقبة الظلامية.

تحديد الموعد: بين التقويمين اليهودي والميلادي

يقع هذا اليوم عادة في السابع والعشرين من شهر نيسان حسب التقويم العبري اليهودي. يُصادف هذا التاريخ في الفترة ما بين أواخر أبريل وأوائل مايو في التقويم الغريغوري (الميلادي). إن اختيار هذا التاريخ يحمل دلالة رمزية عميقة؛ فهو يقع بعد عيد الفصح اليهودي (بيسح)، الذي يرمز إلى التحرر، وقبل يوم استقلال إسرائيل (يوم هعتسماؤوت)، مما يربط بين المحنة والنهضة. الأهم من ذلك، أن السابع والعشرين من نيسان يوافق تقريبًا تاريخ انتفاضة غيتو وارسو البطولية في عام 1943، والتي تعد رمزًا للصمود اليهودي والمقاومة المسلحة ضد الظلم النازي، مؤكدًا على جزء "البطولة" في اسم اليوم.

ومع ذلك، ونظرًا لخصوصية التقويم اليهودي القائم على دورة القمر والشمس، يتم تغيير تاريخ الاحتفال بيوم واحد في بعض الأحيان إذا تزامن السابع والعشرين من نيسان مع السبت اليهودي (السبت) أو إذا كان اليوم السابق أو التالي له، وذلك لتجنب تعارض الاحتفالات الرسمية وخدمات الذكرى مع قدسية يوم الراحة الديني.

كيف يُحتفل بيوم هشوآه؟

تُعد مراسم إحياء ذكرى يوم هشوآه في إسرائيل تجربة وطنية مؤثرة وموحدة. تبدأ الفعاليات في المساء بصوت صفارة إنذار يتردد صداها في جميع أنحاء البلاد لمدة دقيقتين، تتوقف خلالها الحياة تمامًا، حيث يقف الجميع صمتًا إجلالًا لأرواح الضحايا. تُقام بعدها مراسم رسمية في "ياد فاشيم" (المتحف التذكاري للمحرقة العالمية)، حيث يتم إضاءة ست شعلات ترمز إلى الستة ملايين ضحية، وتُقرأ أسماء بعض الضحايا في "قاعة الأسماء" في المتحف وفي أماكن عامة أخرى، مما يضفي بعدًا شخصيًا على المأساة الجماعية.

طوال اليوم، تُغلق أماكن الترفيه، وتُبث البرامج التلفزيونية والإذاعية مواد تعليمية وتوثيقية عن الهولوكوست وشهادات الناجين، ويشارك الطلاب في فعاليات توعية وزيارات لمتاحف المحرقة. الهدف الأسمى من هذه الاحتفالات هو غرس الوعي بأهوال الإبادة الجماعية، وتجديد الالتزام بمحاربة الكراهية والتعصب ومعاداة السامية بجميع أشكالها، وضمان أن "لن يحدث ذلك مرة أخرى أبدًا".

الأسئلة الشائعة حول يوم هشوآه

ما هو الاسم الكامل ليوم هشوآه وماذا يعني؟
الاسم الكامل هو "يوم هشوآه في لاجيفوراه" (Yom HaZikaron laShoah ve laGevurah)، ويعني "يوم ذكرى الكارثة والبطولة". يُركز على تذكر ضحايا الهولوكوست، وكذلك على صمود وبطولة من قاوموا النازيين.
لماذا تم اختيار السابع والعشرين من نيسان للاحتفال بيوم هشوآه؟
تم اختيار هذا التاريخ لعدة أسباب؛ فهو يقع بعد عيد الفصح وقبل يوم استقلال إسرائيل، ويرتبط بشكل وثيق بتاريخ انتفاضة غيتو وارسو التي بدأت في 19 نيسان 1943، وهي رمز للمقاومة اليهودية البطولية ضد القمع النازي.
هل يُحتفل بيوم هشوآه دوليًا؟
يوم هشوآه هو يوم تذكاري وطني في إسرائيل. ومع ذلك، هناك يوم دولي لإحياء ذكرى ضحايا الهولوكوست أقرته الأمم المتحدة في 27 يناير من كل عام، وهو يوافق تاريخ تحرير معسكر أوشفيتز-بيركيناو.
ما هي الأهداف الرئيسية للاحتفال بيوم هشوآه؟
يهدف الاحتفال إلى تذكر ضحايا الهولوكوست، وتكريم الناجين، وتعزيز الوعي بأهوال الإبادة الجماعية، ومحاربة معاداة السامية والكراهية، وغرس قيم التسامح والاحترام بين الأجيال لضمان عدم تكرار مثل هذه الفظائع في المستقبل.