يحتفل المغرب في السادس من نوفمبر من كل عام بيوم وطني مهيب، يُعرف بيوم المسيرة الخضراء. إنه ليس مجرد تاريخ في الذاكرة الوطنية، بل هو رمز خالد لوحدة الأمة، ويجسد لحظة محورية في تاريخ المغرب الحديث، حيث تمكنت المملكة من استرجاع جزء غالٍ من أراضيها بأسلوب فريد وغير مسبوق على الصعيد العالمي.
ما هي المسيرة الخضراء؟
المسيرة الخضراء هي حدث تاريخي استثنائي، تمثل في احتجاج جماهيري سلمي ومنظم بشكل محكم. أُطلقت هذه المسيرة الكبرى في نوفمبر عام 1975، وكانت بتوجيه مباشر وعبقري من المغفور له الملك الحسن الثاني، طيب الله ثراه، وبالتعاون والتنسيق الكامل مع مختلف فئات وفعاليات الشعب المغربي والقوى الحية في البلاد، مما عكس إجماعاً وطنياً منقطع النظير حول قضية الوحدة الترابية.
الهدف الأسمى للمسيرة: استعادة السيادة
كانت المظاهرة الجماهيرية تهدف بشكل رئيسي إلى المطالبة بعودة "الصحراء الإسبانية" إلى سيادة المغرب. هذه المنطقة، التي تُعرف حالياً بـ"الأقاليم الجنوبية للمملكة" أو "الصحراء المغربية"، كانت آنذاك آخر مستعمرة إسبانية متبقية في القارة الأفريقية. أراد المغرب من خلال هذه المسيرة التأكيد على حقه التاريخي والقانوني في هذه الأراضي، وإنهاء الوجود الاستعماري الإسباني بها بشكل سلمي وحضاري، مستنداً إلى روابط البيعة المتجددة والعميقة بين سكان الصحراء والعرش العلوي الشريف عبر التاريخ.
تُعد المسيرة الخضراء نموذجاً فريداً لحل النزاعات الإقليمية بالطرق السلمية، حيث شارك فيها ما يقرب من 350 ألف مواطن ومواطنة مغربية، مزودين فقط بالرايات الوطنية والمصاحف الشريفة. لقد عبروا بقلوب يملؤها الإيمان والعزيمة الحدود الوهمية الفاصلة آنذاك، مؤكدين للعالم أن القوة الحقيقية تكمن في الإرادة الشعبية الصادقة ووحدة الصف.
- الأسئلة الأكثر شيوعاً حول المسيرة الخضراء:
لماذا سميت المسيرة الخضراء بهذا الاسم؟
سميت بالمسيرة الخضراء نسبة إلى اللون الأخضر، الذي يرمز إلى السلام والأمل والنماء في الإسلام. كما يرمز اللون الأخضر إلى شعار المسيرة الأساسي، وهو شعار "السلمية" واللاعنف، والتزام المغرب بالحلول السلمية لقضاياه الوطنية. وقد جسدت المسيرة بالفعل هذا المعنى العميق، حيث لم تسجل أي مواجهة أو عنف خلال هذا التحرك الضخم.
ما هو السياق التاريخي للمسيرة الخضراء؟
جاءت المسيرة الخضراء في سياق دولي تزامَن مع نهاية الحقبة الاستعمارية في إفريقيا. فبعد استقلال المغرب سنة 1956، بقيت مناطق مثل طرفاية وسيدي إفني وإفني والصحراء تحت السيطرة الإسبانية. وبعد استرجاع طرفاية وسيدي إفني، بقيت قضية الصحراء المغربية معلقة. وقد دعا الملك الحسن الثاني في خطابه الشهير بتاريخ 16 أكتوبر 1975، إلى تنظيم هذه المسيرة التاريخية بعدما تأكد من أن محكمة العدل الدولية بلاهاي أقرت بوجود روابط قانونية وروابط ولاء بين الصحراء والمملكة المغربية، وذلك دون أن تحدد الجهة التي ينبغي أن تُمنح لها السيادة على هذه الأراضي.
ماذا كان مصير الصحراء الإسبانية بعد المسيرة؟
توجت المسيرة الخضراء بتوقيع اتفاقية مدريد الثلاثية في 14 نوفمبر 1975 بين المغرب وإسبانيا وموريتانيا. بموجب هذه الاتفاقية، انسحبت إسبانيا من الإقليم، وأصبح المغرب يدير الجزء الأكبر من الصحراء، مما مثل خطوة حاسمة في استكمال وحدته الترابية. ورغم التحديات المستمرة، تظل المسيرة الخضراء تجسيداً لقوة الإرادة الوطنية والالتزام بمبادئ السلام في استرداد الحقوق.