يُعدّ اليوم العالمي للسعادة، الذي يُحتفى به سنويًا في العشرين من مارس، مناسبة عالمية فريدة تدعو إلى الاعتراف بأهمية السعادة والرفاهية كأهداف أساسية في حياة البشرية. انطلق هذا الاحتفال لأول مرة في عام 2013، ليُجسد رؤية عالمية متنامية نحو إعادة تعريف التقدم البشري بما يتجاوز مجرد النمو الاقتصادي.

لم يكن إقرار هذا اليوم مجرد مصادفة، بل جاء تتويجًا لجهود حثيثة بدأتها عدة دول، لعل أبرزها مملكة بوتان التي اشتهرت بتبنيها لمفهول "إجمالي السعادة القومية" (Gross National Happiness) كفلسفة تنموية تتجاوز الناتج المحلي الإجمالي، وتركز على الرفاهية الشاملة لمواطنيها. هذا النموذج ألهم العديد من الأصوات داخل المجتمع الدولي، مما دفع بالأمم المتحدة إلى إدراك الحاجة الملحة لتعزيز السعادة كهدف عالمي. توج هذا الاهتمام بقرار الأمم المتحدة رقم 66/281 الصادر في 12 يوليو 2012، والذي أعلن يوم 20 مارس يومًا دوليًا للسعادة.

الرؤية وراء الاحتفال: دور جايمي إيليان

كان وراء المبادرة الأولى لإقرار اليوم العالمي للسعادة رجل البر والمستشار الخاص البارز للأمم المتحدة، جايمي إيليان. لقد رأى إيليان في السعادة ليست مجرد شعور فردي عابر، بل حقًا أساسيًا وجزءًا لا يتجزأ من التنمية المستدامة والعيش الكريم. كان هدفه الأسمى هو الدعاية لحركة السعادة العالمية وتعزيزها، وتحويلها من مفهوم فلسفي إلى قوة دافعة للسياسات العامة التي تُعنى بالرفاهية الشاملة للأفراد والمجتمعات على حد سواء. تصوّر إيليان عالمًا حيث لا تُقاس قيمة الدول بثرواتها المادية فحسب، بل أيضًا بمدى سعادة ورفاهية شعوبها، مؤكدًا على أن السعادة هي المفتاح لتحقيق التنمية المستدامة والشاملة.

أهمية اليوم العالمي للسعادة في عالم اليوم

يُقدم اليوم العالمي للسعادة فرصة ثمينة لنا جميعًا للتأمل في مفهوم السعادة في حياتنا ومجتمعاتنا. إنه تذكير بأن السعي وراء السعادة ليس رفاهية، بل ضرورة إنسانية تتطلب الالتفات إليها على المستوى الفردي والجماعي والرسمي. يسلط هذا اليوم الضوء على أهمية الأبعاد غير المادية للحياة، مثل الروابط الاجتماعية، والصحة النفسية والبدنية، والتعليم، والاستدامة البيئية، وكلها عوامل جوهرية تساهم في تحقيق الرفاهية والسعادة. على سبيل المثال، تؤكد تقارير السعادة العالمية، التي تصدر سنويًا، على ارتباط السعادة بعوامل مثل الناتج المحلي الإجمالي للفرد، والدعم الاجتماعي، ومتوسط العمر الصحي المتوقع، والحرية، والكرم، وغياب الفساد.

لا يقتصر الاحتفال بهذا اليوم على مجرد ترديد الشعارات، بل يشجع الدول والمؤسسات والأفراد على تبني ممارسات وسياسات تعزز الرفاهية. يمكن أن يتضمن ذلك تنظيم فعاليات توعوية، أو إطلاق مبادرات مجتمعية، أو حتى مجرد تخصيص وقت للتعبير عن الامتنان والقيام بأعمال طيبة صغيرة. إن السعادة، في جوهرها، عدوى إيجابية يمكن أن تنتشر وتخلق تأثيرًا مضاعفًا في العالم.

الأسئلة الشائعة حول اليوم العالمي للسعادة

متى يتم الاحتفال باليوم العالمي للسعادة؟
يُحتفل باليوم العالمي للسعادة سنويًا في العشرين من شهر مارس، وقد بدأ الاحتفال به عالميًا منذ عام 2013.
من هو مؤسس فكرة اليوم العالمي للسعادة؟
جايمي إيليان، رجل البر والمستشار الخاص البارز للأمم المتحدة، هو من أطلق المبادرة ودفع بها قُدمًا حتى تم إقرار هذا اليوم من قبل الأمم المتحدة.
ما هو الهدف الرئيسي من الاحتفال بهذا اليوم؟
يهدف اليوم العالمي للسعادة إلى الدعاية لحركة السعادة العالمية وتعزيزها، والاعتراف بالسعادة والرفاهية كأهداف عالمية أساسية في حياة البشر، ودمجهما في أهداف السياسات العامة والتنمية المستدامة.
كيف يرتبط اليوم العالمي للسعادة بأهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة؟
ترتبط السعادة ارتباطًا وثيقًا بالعديد من أهداف التنمية المستدامة (SDGs)، فمثلًا، لا يمكن تحقيق السعادة الحقيقية دون صحة جيدة (الهدف 3)، وتعليم جيد (الهدف 4)، والقضاء على الفقر (الهدف 1)، والعمل اللائق (الهدف 8). يسلط اليوم الضوء على أن السعادة هي نتيجة ومحرك للتنمية الشاملة التي تأخذ في الاعتبار الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والبيئية.
ماذا يمكن للأفراد القيام به للاحتفال بهذا اليوم؟
يمكن للأفراد الاحتفال باليوم العالمي للسعادة من خلال التركيز على أعمال اللطف والعطاء، وممارسة الامتنان، وقضاء الوقت مع الأحبة، والانخراط في الأنشطة التي تجلب لهم البهجة، أو حتى المشاركة في الحملات التوعوية على وسائل التواصل الاجتماعي لتعزيز رسالة السعادة.