يُعدّ غورو أنجاد ديف (Guru Angad Dev)، الذي وُلد باسم "بهي لينها" (Bhai Lehna)، الخليفة الروحيّ البارز لـ غورو ناناك ديف (Guru Nanak Dev)، مؤسس الديانة السيخية. تسلّم غورو أنجاد قيادة المجتمع السيخي في عام 1539 ميلادي، عقب وفاة غورو ناناك، مستكملاً بذلك مسيرة نشر تعاليم السيخية ومبادئها السامية. كانت هذه الخلافة لحظة محورية في تاريخ السيخ، إذ ضمنت استمرارية الرسالة الإلهية وتطور المجتمع الناشئ، مؤكدةً على أن القيادة الروحية تكمن في الجدارة والاستحقاق، لا في النسب أو القرابة.

من الولاء القديم إلى التنوير السيخي: رحلة غورو أنجاد

وُلد غورو أنجاد في الخامس من مارس عام 1504 ميلادي، في قرية هاريك (Harike) بإقليم موكتسار في البنجاب (الهند حاليًا وباكستان سابقًا)، لعائلة هندوسية مخلصة من قبيلة ترهان خاتري. عُرف قبل لقائه بغورو ناناك بكونه واعظًا دينيًا متفانيًا ومخلصًا، يُروّج لعبادة الإلهة دورغا (Durga)، وهي إحدى تجليات القوة الإلهية في الهندوسية، وتُعرف برمزيتها للشجاعة والانتصار على الشر. كان يقود مجموعة من الحجاج إلى معبد جوالاموخي (Jwalamukhi)، وهو معبد شهير مكرس للإلهة دورغا يقع في تلال هيماشال براديش. تحول مسار حياته بشكل جذري بعد لقائه الأول مع غورو ناناك ديف، حيث أسره عمق الحكمة والبساطة في تعاليم غورو ناناك التي ركزت على إله واحد شامل، والمساواة، وخدمة الإنسانية. هذا اللقاء لم يكن مجرد صدفة، بل كان نقطة تحول روحية عميقة قادته للتخلي عن ممارساته السابقة واحتضان جوهر السيخية، الذي يركز على التفاني الكامل للذات للإله الواحد (فاهيغورو) وخدمة الآخرين.

تحوّل "بهي لينها" إلى "أنغاد": قصة التفاني والخلافة

بعد سنوات طويلة من الخدمة المتفانية والتلمذة الروحية الصادقة، والتي أظهر فيها "بهي لينها" ولاءً لا يتزعزع وطاعة مطلقة لغورو ناناك، منحه المعلم الأول الاسم الجديد "أنغاد" (Angad). هذا الاسم ذو دلالة عميقة في اللغة البنجابية، ويعني "جزء من الجسد" أو "مفصل"، ويرمز إلى أن بهي لينها أصبح امتدادًا روحيًا لغورو ناناك، وأنهما روح واحدة في جسدين. لم يمض وقت طويل بعد ذلك، حتى أعلن غورو ناناك قراره التاريخي بتسمية غورو أنجاد خليفة له. كان هذا الاختيار ثوريًا وغير مسبوق في عصره، حيث فضّل غورو ناناك تلميذه المخلص على أبنائه البيولوجيين (سري تشاند ولاكهمي داس)، مؤكدًا بذلك أن الخلافة في السيخية لا تستند إلى روابط الدم أو النسب، بل إلى الجدارة الروحية، والتفاني، والفهم العميق للرسالة الإلهية، والقدرة على قيادة المجتمع السيخي بفعالية. وقد كُلّف غورو أنجاد بمهمة حمل وتوصيل رسائل السيخية الخالدة، وضمان ازدهار هذه الديانة الوليدة.

إسهامات غورو أنجاد ديف الجليلة في ترسيخ السيخية

كانت فترة قيادة غورو أنجاد ديف، التي امتدت من عام 1539 إلى عام 1552 ميلادي، حاسمة في ترسيخ أسس الديانة السيخية وتطويرها. لقد عمل بلا كلل لتوحيد المجتمع السيخي وتجهيزه لمواجهة التحديات المستقبلية. من أبرز إنجازاته:

إرث غورو أنجاد: صخرة أساس المجتمع السيخي

انتقل غورو أنجاد ديف إلى جوار ربه في الثاني والعشرين من مارس عام 1552 ميلادي، بعد أن عيّن تلميذه المخلص، غورو أمار داس (Guru Amar Das)، خليفة له. لقد ترك غورو أنجاد إرثًا دائمًا ومحوريًا في تاريخ السيخية. لم يكن مجرد خليفة، بل كان مهندسًا لترسيخ هيكل الديانة السيخية، من خلال أعماله الجليلة التي شملت تطوير اللغة، وتجميع النصوص، وبناء مجتمع مترابط قائم على المساواة والخدمة. لقد عزز بذلك هوية السيخ كأمة روحية متميزة، ومهد الطريق لازدهار الديانة في القرون اللاحقة، مؤكدًا على أهمية العمل الجاد والتفاني في سبيل المبادئ الروحية.

أسئلة شائعة حول غورو أنجاد ديف

من هو غورو أنجاد ديف؟
غورو أنجاد ديف هو ثاني الغورو في الديانة السيخية، وخليفة غورو ناناك ديف، مؤسس السيخية. قاد المجتمع السيخي من عام 1539 حتى عام 1552 ميلادي، ولعب دورًا محوريًا في ترسيخ أسس الديانة.
ما هو الاسم الأصلي لغورو أنجاد ديف؟
كان اسمه الأصلي "بهي لينها" (Bhai Lehna) قبل أن يمنحه غورو ناناك ديف اسم "أنغاد" الذي يرمز إلى كونه امتدادًا روحيًا له.
ما هي أبرز إسهامات غورو أنجاد ديف؟
من أبرز إسهاماته توحيد وتحسين خط الغورموخي (Gurmukhi) لتسجيل النصوص السيخية، وجمع ترانيم غورو ناناك، وتعزيز نظام "لانغار" (المطبخ المجتمعي المجاني) لترسيخ المساواة، وتشجيع الأنشطة البدنية والتعليم عبر "مال أكهاراس"، ونشر تعاليم السيخية.
ماذا يعني اسم "أنغاد"؟
يعني اسم "أنغاد" في البنجابية "جزء من الجسد" أو "مفصل"، ويرمز إلى كونه امتدادًا روحيًا لغورو ناناك وتجسيدًا لوحدتهما الروحية، مما يدل على عمق العلاقة بين المعلم وتلميذه.
لماذا اختاره غورو ناناك خلفًا له بدلاً من أبنائه؟
اختار غورو ناناك غورو أنجاد لخلافته بناءً على جدارته الروحية، وتفانيه المطلق، وفهمه العميق لتعاليم السيخية، وليس بناءً على النسب أو روابط الدم. كان هذا القرار يؤكد على أن القيادة الروحية في السيخية تستند إلى الاستحقاق الروحي والخدمة المتفانية للإله والمجتمع.