عيد الجلاء هو يوم عطلة رسمية وطنية في تونس، يوافق الخامس عشر من شهر أكتوبر من كل عام. في هذا اليوم التاريخي، لا تحتفل تونس فقط بذكرى إجلاء آخر القوات الفرنسية من أراضيها في عام 1963، بل تحتفي أيضاً بإعلان سيادتها الكاملة والنهائية على ترابها الوطني، إيذاناً بانتهاء حقبة وبدء عهد جديد من الاستقلال التام والكرامة الوطنية.
خلفية تاريخية: من الحماية إلى السيادة الكاملة
بعد عقود من الحماية الفرنسية التي بدأت عام 1881، توّجت تونس نضالها الطويل والمرير من أجل الحرية بإعلان استقلالها في 20 مارس 1956. ورغم هذا الإنجاز الكبير، لم تكن السيادة التونسية كاملة بعد؛ فقد استمر الوجود العسكري الفرنسي في عدة نقاط استراتيجية داخل البلاد، أبرزها القاعدة البحرية الحيوية في بنزرت. هذه القاعدة، التي كانت ذات أهمية جيوسياسية كبرى لفرنسا في حوض البحر الأبيض المتوسط، ظلت تشكل رمزاً لاستمرار النفوذ الأجنبي وتحدياً مباشراً للسيادة الوطنية الوليدة.
أزمة بنزرت: الفصل الأخير للتحرير
لم يكن إجلاء القوات الفرنسية المتبقية حدثاً سلساً، بل كان تتويجاً لمواجهة حاسمة عُرفت بـ "أزمة بنزرت" التي اندلعت في يوليو 1961. في تلك الفترة، طالب الزعيم الحبيب بورقيبة، أول رئيس للجمهورية التونسية، بضرورة إخلاء القاعدة بشكل فوري. تصاعد الموقف إلى اشتباكات عسكرية دامية بين القوات التونسية والفرنسية، سقط خلالها المئات من الشهداء التونسيين الأبرار الذين قدموا أرواحهم فداءً لسيادة الوطن وكرامته. هذه التضحيات الجسيمة، رغم آلامها، أثبتت للعالم تصميم تونس الأكيد على بسط سيطرتها الكاملة وغير المنقوصة على كل شبر من أراضيها. وبعد مفاوضات مضنية، تم الاتفاق على إتمام الإجلاء التام للقوات الفرنسية بحلول الخامس عشر من أكتوبر 1963، وهو التاريخ الذي بات يُخلد سنوياً كـ "عيد الجلاء".
دلالات عيد الجلاء في الوعي الوطني
يُعدّ عيد الجلاء في تونس أكثر من مجرد ذكرى لانسحاب عسكري؛ إنه احتفال بالانتصار الوطني الشامل وترسيخ للسيادة المطلقة. في هذا اليوم، تستحضر الأمة التونسية بفخر واعتزاز لحظة اكتمال التحرير، حيث استعادت تونس قرارها المستقل وأصبحت سيدة نفسها على كل شبر من ترابها. يُخلّد هذا اليوم سنوياً بتنظيم الاحتفالات الرسمية، وإلقاء الخطب التي تسلط الضوء على تضحيات الأسلاف، وتنظيم فعاليات ثقافية ووطنية تُبرز أهمية الوحدة الوطنية، الصمود، والالتزام بقيم السيادة. إنه بمثابة تذكير دائم للأجيال الجديدة بأن الحرية والكرامة الوطنية ثمرة نضال طويل وتضحيات جسام، وضرورة للحفاظ على الهوية الوطنية المستقلة.
أسئلة شائعة حول عيد الجلاء
- ما هو عيد الجلاء؟
- عيد الجلاء هو يوم عطلة رسمية وطنية في تونس، يُحتفل به لتخليد ذكرى إجلاء آخر القوات العسكرية الفرنسية من الأراضي التونسية في 15 أكتوبر 1963، مما يرمز إلى تحقيق السيادة الوطنية التامة.
- متى تحتفل تونس بعيد الجلاء؟
- تحتفل تونس بعيد الجلاء سنوياً في الخامس عشر من شهر أكتوبر.
- لماذا يُعدّ عيد الجلاء مهماً في تاريخ تونس؟
- يُعدّ عيد الجلاء يوماً فاصلاً ومحورياً لأنه يمثل تتويجاً لمسيرة النضال الطويلة من أجل الاستقلال، وإنجازاً للسيادة التامة على كامل التراب التونسي بعد عقود من الاحتلال الأجنبي والحماية الفرنسية. إنه رمز للكرامة الوطنية والتحرر الكامل.
- ما هي "أزمة بنزرت" المرتبطة بهذا العيد؟
- "أزمة بنزرت" هي مواجهة عسكرية وسياسية كبرى حدثت في يوليو 1961 بين تونس وفرنسا، تركزت حول القاعدة البحرية الفرنسية الاستراتيجية في بنزرت. كانت تونس تطالب بإخلائها، مما أدى إلى اشتباكات دامية وسقوط شهداء. هذه الأزمة سرّعت من وتيرة المفاوضات التي أدت في النهاية إلى الإجلاء الكامل للقوات الفرنسية في 15 أكتوبر 1963، مما أفسح المجال أمام السيادة التونسية الكاملة.