تعتبر شركة باسيفيك إلكتريك للسكك الحديدية، التي اشتهرت بلقب "السيارات الحمراء" اللامع، فصلاً مهماً في تاريخ النقل بجنوب كاليفورنيا. لم تكن مجرد شركة نقل، بل كانت شريان حياة ضخماً وكياناً رائداً في مجال النقل الجماعي المملوك للقطاع الخاص. في أوجها، وتحديداً خلال عشرينيات القرن الماضي، كانت تمثل تتويجاً للهندسة الطموحة، حيث صنفت كأكبر نظام سكك حديدية كهربائي في العالم، مما يعكس مدى التقدم الصناعي والتوسع الحضري الذي شهدته المنطقة آنذاك.
امتدت شبكتها المعقدة لتشمل عربات الترام الكهربائية التي تجوب شوارع المدن، وسيارات السكك الحديدية بين المدن (interurban cars) التي كانت بمثابة قطارات إقليمية مصغرة تربط المستوطنات النائية، بالإضافة إلى أسطول من الحافلات التي كانت تكمل خدمة السكك الحديدية. كانت هذه الشبكة المتكاملة تتمركز حول قلبي منطقتين حضريتين رئيسيتين: وسط مدينة لوس أنجلوس الصاخبة ومدينة سان برناردينو الحيوية. لم يقتصر دورها على ربط المدن داخل مقاطعة لوس أنجلوس فحسب، بل تجاوز ذلك لتصل إلى المدن والبلدات في مقاطعات أورانج وسان برناردينو وريفرسايد، مما خلق نسيجاً حضرياً ومجتمعياً متصلاً بشكل غير مسبوق في المنطقة وساهم بشكل كبير في نموها وتطورها الاقتصادي.
ما يميز هذا النظام الفريد هو قدرته على التعايش والتشغيل المشترك للمسارات مع نظام آخر لا يقل أهمية، وهو سكة حديد لوس أنجلوس ذات القياس الضيق البالغ 3 أقدام و6 بوصات (أو ما يعادل 1,067 ملم)، والذي كان يُعرف شعبياً باسم نظام "السيارات الصفراء" أو نظام "لاري" (LARy). هذا التعاون اللوجستي كان يتم عبر مسار مزدوج القياس (dual-gauge track)، وهي هندسة فريدة سمحت لأنواع مختلفة من القطارات باستخدام نفس القضبان بكفاءة. كانت هذه المسارات المشتركة منتشرة في مواقع استراتيجية وحيوية بوسط مدينة لوس أنجلوس، مثل الشارع الرئيسي (Main Street) مباشرةً أمام محطة الشارع السادس والرئيسي (Sixth and Main Station)، وفي الشارع الرابع (Fourth Street)، وعلى طول شارع هوثورن (Hawthorne Boulevard) جنوب وسط مدينة لوس أنجلوس، حيث كانت تتجه نحو مدن مثل هوثورن، وغاردينا، وتورانس، مما يبرز الكثافة المرورية والتنظيم المعقد الذي ميز تلك الحقبة الذهبية للنقل بالسكك الحديدية.
الأسئلة الشائعة حول شركة باسيفيك إلكتريك للسكك الحديدية
- ما هي "السيارات الحمراء" ولماذا سميت بهذا الاسم؟
- السيارات الحمراء هو اللقب الذي أُطلق على عربات الترام والقطارات بين المدن التابعة لشركة باسيفيك إلكتريك للسكك الحديدية. سميت بهذا الاسم نسبةً إلى اللون الأحمر المميز الذي كانت تُطلى به معظم مركباتها، مما جعلها علامة فارقة يسهل تمييزها في شوارع جنوب كاليفورنيا.
- ما مدى اتساع نطاق نظام باسيفيك إلكتريك؟
- كان نظام باسيفيك إلكتريك هائلاً، حيث امتد لأكثر من 1,100 ميل (حوالي 1,770 كيلومتراً) من المسارات في ذروته خلال عشرينيات القرن الماضي. وقد ربط أكثر من 500 مجتمع في مقاطعات لوس أنجلوس، أورانج، سان برناردينو، وريفرسايد، مما جعله أكبر نظام سكك حديدية كهربائي في العالم آنذاك.
- ما الفرق بين "السيارات الحمراء" و"السيارات الصفراء"؟
- كانت "السيارات الحمراء" تابعة لشركة باسيفيك إلكتريك وتعمل على مسارات قياسية (Standard Gauge)، وكانت مصممة لرحلات أطول تربط المدن والمجتمعات على نطاق إقليمي واسع. بينما كانت "السيارات الصفراء" تابعة لشركة سكة حديد لوس أنجلوس (Los Angeles Railway) وتعمل على مسارات ذات قياس ضيق (Narrow Gauge 3 أقدام و 6 بوصات)، وكانت تركز بشكل أكبر على خدمة النقل الحضري داخل مدينة لوس أنجلوس وضواحيها القريبة.
- لماذا تدهور نظام باسيفيك إلكتريك وتوقف عن العمل؟
- تدهور نظام باسيفيك إلكتريك تدريجياً بعد الحرب العالمية الثانية لعدة أسباب، أبرزها ازدهار ملكية السيارات الخاصة، وتطوير شبكات الطرق السريعة، وتغير التفضيلات العامة نحو النقل الفردي. بالإضافة إلى ذلك، ساهمت القيود التنظيمية وارتفاع تكاليف التشغيل والصيانة في تقليص الخدمات حتى توقفت بالكامل في أوائل الستينيات.
- ما هو إرث شركة باسيفيك إلكتريك للسكك الحديدية اليوم؟
- لا يزال إرث باسيفيك إلكتريك حاضراً في جنوب كاليفورنيا. فقد ساهمت بشكل كبير في تشكيل أنماط التوسع العمراني للمنطقة، ولا تزال العديد من مساراتها القديمة تشكل أساساً للبنية التحتية للنقل الحديثة، بما في ذلك خطوط المترو الخفيفة الجديدة. كما أنها تُذكر كرمز لعصر ذهبي من النقل الجماعي الكهربائي الفعال الذي ربط المنطقة قبل هيمنة السيارات.

English
español
français
português
русский
العربية
简体中文 