فرانسوا كيسناي ، اقتصادي وطبيب وفيلسوف فرنسي (مواليد 1694)

كان فرانسوا كيسناي (بالفرنسية: [fʁɑ̃swa kɛnɛ]؛ وُلِد في 4 يونيو 1694 وتُوفي في 16 ديسمبر 1774) لم يكن مجرد شخصية عابرة في تاريخ الفكر، بل كان طبيبًا فرنسيًا لامعًا تحول إلى أحد أبرز الاقتصاديين في عصره، ومؤسس المدرسة الفيزيوقراطية. تميزت حياته بمسار مهني مزدوج، حيث بدأ مسيرته كجراح بارع قبل أن يتجه اهتمامه نحو فهم القوانين التي تحكم الثروة وتداولها داخل المجتمع. هذا التنوع في الخبرات أضفى على تحليلاته الاقتصادية عمقًا فريدًا، حيث غالبًا ما شبه تدفق الثروة في الاقتصاد بالدورة الدموية في جسم الإنسان، مستخدمًا بذلك خلفيته الطبية لتوضيح المفاهيم الاقتصادية المعقدة.

يُعدّ كيسناي رائدًا في مجال الاقتصاد بفضل عمله المحوري "Tableau économique" (الجدول الاقتصادي)، الذي نُشر عام 1758. هذا العمل لم يكن مجرد كتاب، بل كان محاولة جريئة وغير مسبوقة لوصف طريقة عمل الاقتصاد الوطني بطريقة تحليلية ومنهجية. من خلال "الجدول الاقتصادي"، وضع كيسناي الأسس الفكرية للمدرسة الفيزيوقراطية، التي آمنت بأن الزراعة هي المصدر الوحيد الصافي للثروة، وأن الصناعة والتجارة لا تزيدان من الثروة بل تعملان على تحويلها فقط. لقد رسم كيسناي في جدوله هذا نموذجًا للدورة الاقتصادية، موضحًا كيف تتدفق الثروة بين الطبقات الاجتماعية المختلفة: الطبقة المنتجة (المزارعون)، وطبقة المُلّاك (الإقطاعيون)، والطبقة العقيمة (الصناع والتجار). يُنظر إلى هذا العمل على أنه أحد أهم المساهمات الأولى للفكر الاقتصادي، وربما أول نموذج اقتصادي كلي يحاول فهم العلاقات المتبادلة بين القطاعات الاقتصادية.

ولم تقتصر إسهامات كيسناي على الاقتصاد وحده، بل امتدت لتشمل الفلسفة السياسية. في كتابه "Le Despotisme de la Chine" (استبداد الصين)، الذي كتبه عام 1767، أظهر كيسناي اهتمامًا عميقًا بالسياسة والمجتمع الصيني، وقدم دعمًا صريحًا لمفهوم "الاستبداد المستنير". كان يرى أن النظام الصيني، بفضل سلطته المركزية القوية المستنيرة، يمكن أن يطبق القوانين الطبيعية التي يعتقد الفيزيوقراطيون أنها تحكم الاقتصاد والمجتمع، مما يضمن الازدهار والعدالة. هذه النظرة تعكس اعتقاد الفيزيوقراطيين بأن وجود حاكم قوي ومستنير ضروري لضمان تطبيق "النظام الطبيعي" (Ordre Naturel) الذي يحقق أقصى قدر من الرفاهية للمجتمع.

أسئلة متكررة حول فرانسوا كيسناي والفيزوقراطية

من هو فرانسوا كيسناي؟

كان فرانسوا كيسناي (1694-1774) طبيبًا فرنسيًا تحول إلى اقتصادي بارز، ومؤسس المدرسة الفيزيوقراطية التي آمنت بأن الزراعة هي المصدر الوحيد للثروة الصافية. يُعرف بمحاولاته الأولى لوصف الاقتصاد بطريقة تحليلية.

ما هي المدرسة الفيزيوقراطية؟

هي مدرسة فكر اقتصادي فرنسية ظهرت في القرن الثامن عشر، تركز على فكرة أن الثروة الحقيقية لأي أمة تأتي من إنتاج الأرض (الزراعة)، وأن الصناعة والتجارة مجرد أنشطة تحويلية. دعت إلى مبدأ "دعه يعمل دعه يمر" (Laissez-faire) والتدخل الحكومي المحدود، واعتقدت بوجود "نظام طبيعي" يحكم الاقتصاد.

ما أهمية "الجدول الاقتصادي" (Tableau économique)؟

"الجدول الاقتصادي" هو عمل فرانسوا كيسناي الأكثر شهرة، نُشر عام 1758. يُعتبر أول محاولة لوصف تدفق الثروة والدخل بين مختلف الطبقات الاجتماعية في الاقتصاد بطريقة منهجية وتحليلية، ويقدم نموذجًا مبكرًا للدورة الاقتصادية. لقد وضع الأسس لأفكار الفيزيوقراطيين وأثر لاحقًا على الاقتصاديين الكلاسيكيين مثل آدم سميث.

كيف أثرت خلفية كيسناي الطبية على أفكاره الاقتصادية؟

تأثر كيسناي بخلفيته كطبيب جراح وطبيب ملكي بشكل كبير. غالبًا ما شبه الاقتصاد بالكائن الحي، وشبه تدفق الثروة في الاقتصاد بالدورة الدموية في الجسم. هذا التفكير ساعده على تصور الاقتصاد كنظام مترابط يتطلب فهمًا للعلاقات المتبادلة بين أجزائه، مما أثر في منهجه التحليلي.

ما هو موقف كيسناي من "الاستبداد المستنير"؟

في كتابه "Le Despotisme de la Chine"، دعم كيسناي فكرة "الاستبداد المستنير"، معتقدًا أن الحاكم القوي والمستنير هو الأنسب لتطبيق القوانين الطبيعية التي تضمن الازدهار والعدالة في المجتمع. كان يرى في النظام الصيني آنذاك نموذجًا يمكن أن يجسد هذه الفكرة، حيث يتم تطبيق القوانين الطبيعية بحكمة من سلطة مركزية.