تُعد مذبحة ميدان تقسيم، المعروفة في تركيا باسم Kanlı 1 Mayıs أو "الأول من مايو الدامي"، واحدة من أحلك الصفحات في تاريخ تركيا الحديث. ففي الأول من مايو عام 1977، تحول احتفال يوم العمال العالمي في قلب مدينة إسطنبول إلى مشهد من الفوضى والعنف الذي أودى بحياة العشرات وأصاب المئات، تاركًا ندوبًا عميقة في الذاكرة الجمعية للشعب التركي.
كان ميدان تقسيم، بساحته الشاسعة وموقعه المركزي، نقطة تجمع تاريخية للمظاهرات والاحتفالات الجماهيرية. وفي ذلك اليوم المشؤوم، توافد مئات الآلاف من المتظاهرين، غالبيتهم من اليساريين وأنصار النقابات العمالية، للمطالبة بحقوقهم العمالية والاحتفال باليوم العالمي للعمال في أجواء كانت تبدو سلمية في البداية.
تفاصيل المأساة
بينما كانت الحشود تتجمع وتستعد لخطابات قادتها، انطلقت فجأة أعيرة نارية من عدة مبانٍ محيطة بالميدان، بما في ذلك فندق "إنتركونتيننتال" (الآن فندق "مرمرة تقسيم") ومبنى المياه. أدى إطلاق النار العشوائي هذا إلى حالة من الذعر والفوضى العارمة بين المتظاهرين. وحاولت قوات الأمن، التي كانت موجودة في الميدان، تفريق الحشود باستخدام خراطيم المياه ومدرعات، مما فاقم الوضع وتسبب في تدافع جماعي مميت.
تتراوح التقديرات الرسمية وغير الرسمية لعدد الضحايا بين 34 و 42 قتيلاً، بينما بلغ عدد الجرحى ما بين 126 و 220 شخصًا. لم تكن جميع الوفيات ناتجة عن الأعيرة النارية مباشرة؛ فقد لقي عدد كبير حتفهم دهسًا في التدافع أو غرقًا في عربة مياه تابعة للبلدية أثناء محاولتهم الهروب من الفوضى.
التحقيقات وتداعياتها
في أعقاب المذبحة، شنت قوات الأمن حملة اعتقالات واسعة النطاق، طالت أكثر من 500 متظاهر. وتم توجيه اتهامات رسمية إلى 98 منهم، لكن التحقيقات في هوية الجناة الفعليين الذين أطلقوا النار من المباني ظلت غامضة وغير حاسمة. لم يتم القبض على أي من المشتبه بهم الرئيسيين أو تقديمهم للعدالة.
سرعان ما وجهت أصابع الاتهام إلى تنظيمات "الكونتر-غيريلا" (Counter-Guerrilla)، وهي منظمة شبه عسكرية سرية يشتبه في أنها كانت مدعومة من الدولة، بالإضافة إلى جماعات يمينية متطرفة أخرى. كان هذا الحدث المأساوي جزءًا من موجة عنف سياسي أوسع اجتاحت تركيا في أواخر السبعينيات، وشملت صراعات دامية بين الفصائل اليسارية واليمينية، ومهدت الطريق للانقلاب العسكري عام 1980.
تأثير دائم وإرث المذبحة
ظلت مذبحة ميدان تقسيم رمزًا للمقاومة والظلم في تركيا. وعلى الرغم من حظر الاحتفال بيوم العمال في ميدان تقسيم لسنوات عديدة بعد الحادث، إلا أن المطالبات بإحياء ذكراه والاحتفال به في الميدان لم تتوقف. في السنوات الأخيرة، أُعيد فتح الميدان جزئيًا للاحتفالات، لكن ذكرى ضحايا 1977 لا تزال حاضرة بقوة.
الأسئلة المتكررة (FAQs)
- ما هي مذبحة ميدان تقسيم؟
- هي هجوم دموي وقع على المتظاهرين اليساريين والنقابيين خلال احتفال يوم العمال العالمي في 1 مايو 1977 في ميدان تقسيم بإسطنبول، تركيا، مما أسفر عن سقوط عشرات القتلى والمئات من الجرحى.
- متى وأين وقعت المذبحة بالتحديد؟
- وقعت المذبحة في 1 مايو 1977 في ميدان تقسيم بمدينة إسطنبول التركية.
- من كانوا ضحايا الهجوم؟
- كان الضحايا بشكل أساسي من المتظاهرين اليساريين والعمال والنقابيين الذين تجمعوا للاحتفال بيوم العمال العالمي.
- من هم المشتبه بهم الرئيسيون في تنفيذ الهجوم؟
- لم يتم القبض على أي من الجناة أو تقديمهم للعدالة. ومع ذلك، وجهت الشكوك بقوة نحو تنظيمات "الكونتر-غيريلا" السرية وجماعات يمينية متطرفة مرتبطة بها.
- ما هو السياق السياسي الأوسع الذي حدثت فيه المذبحة؟
- كانت المذبحة جزءًا من فترة اضطراب وعنف سياسي شديد اجتاحت تركيا في أواخر السبعينيات، وشملت صراعات بين الفصائل السياسية المتنافسة، وانتهت بانقلاب عسكري في عام 1980.
- هل تم تقديم الجناة إلى العدالة؟
- للأسف، لم يتم القبض على أي من الجناة الرئيسيين أو محاسبتهم على أفعالهم، وبقيت التحقيقات المتعلقة بالجهات الفاعلة الغامضة دون نتائج حاسمة.

English
español
français
português
русский
العربية
简体中文