كان ياكوب إرليخ (15 سبتمبر 1877 - 17 مايو 1938) شخصية بارزة ومؤثرة في تاريخ الجالية اليهودية في فيينا، النمسا، خلال فترة عصيبة من القرن العشرين. لم يكن إرليخ مجرد فرد عادي، بل كان من أوائل الصهاينة الذين آمنوا بفكرة بناء وطن قومي لليهود، وشغل منصبًا قياديًا رفيعًا في مجتمعه، ممثلاً لـ 180 ألف مواطن يهودي في حكومة المدينة قبل اندلاع الحرب العالمية الثانية. تجسد حياته وموته المأساوي قصة صعود وتأثير، ثم السقوط المفاجئ الذي تعرضت له الجاليات اليهودية في أوروبا مع صعود النازية.
كانت فيينا في تلك الفترة مركزًا ثقافيًا وسياسيًا مزدهرًا، وكانت الجالية اليهودية جزءًا لا يتجزأ من نسيجها الاجتماعي. في هذا السياق، عمل إرليخ كصوت قوي ومدافع عن حقوق واحتياجات مجتمعه، ساعيًا لضمان تمثيلهم العادل في الساحة السياسية المحلية. كان دوره محوريًا في فترة اتسمت بتزايد المد المعادي للسامية في أوروبا الوسطى، مما جعل مهمته أكثر تحديًا وأهمية.
الفترة الأخيرة والترحيل إلى داخاو
مع دخول الجيش الألماني فيينا في مارس 1938، في حدث عُرف باسم "الضم" (Anschluss)، تغير كل شيء بين عشية وضحاها. بدأت آلة الاضطهاد النازي في العمل بسرعة، واستُهدف القادة اليهود والمثقفون على الفور. كان ياكوب إرليخ، بصفته زعيمًا مجتمعيًا معروفًا، من بين هؤلاء الأوائل الذين تم اعتقالهم وترحيلهم ضمن ما عُرف بـ "النقل البارز" (Prominententransport). هذه العملية كانت تستهدف شخصيات مؤثرة لإرهاب الجالية اليهودية وإخضاعها.
نُقل إرليخ إلى معسكر الاعتقال النازي في داخاو، والذي كان من أوائل المعسكرات التي أقيمت في ألمانيا، وكان يُعرف بظروفه القاسية والمعاملة الوحشية. بعد أسابيع قليلة فقط من وصوله، توفي ياكوب إرليخ في 17 مايو 1938، نتيجة للضرب المبرح والمعاملة غير الإنسانية التي تعرض لها، ليصبح بذلك أحد الضحايا الأوائل للمحرقة.
إيرما هاتر إرليخ ومسيرة الإنقاذ
في خضم هذه المأساة، تمكنت زوجة ياكوب، إيرما هاتر إرليخ، من الفرار والنجاة. هاجرت أولاً إلى إنجلترا، ثم تابعت رحلتها إلى الولايات المتحدة الأمريكية بصحبة ابنهما. لم تكتفِ بالنجاة الشخصية، بل كرست إيرما حياتها لمساعدة الآخرين، خاصة الأطفال اليهود الذين كانوا عالقين في أوروبا التي مزقتها الحرب. انخرطت بنشاط في جهود إنقاذ الأطفال، وعملت مع منظمات صهيونية ويهودية بارزة مثل المنظمة العالمية للمرأة الصهيونية (WIZO) ومنظمة هداسا (Hadassah). يعكس عملها شجاعة وتصميمًا على استمرارية الحياة والأمل في وجه الدمار، ويعد شهادة على روح الصمود لدى العديد من الناجين الذين حولوا معاناتهم إلى دافع للمساعدة.
الأسئلة المتكررة (FAQs)
- من هو ياكوب إرليخ؟
- كان ياكوب إرليخ من أوائل الصهاينة وزعيمًا بارزًا للجالية اليهودية في فيينا، النمسا، خلال أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين. كان ممثلاً عن اليهود في حكومة المدينة قبل الحرب العالمية الثانية.
- ما هو الدور الذي لعبه في فيينا؟
- مثل ياكوب إرليخ ما يقرب من 180 ألف مواطن يهودي في حكومة مدينة فيينا، وكان صوتاً هاماً لمجتمعه في فترة متزايدة التوتر والعداء للسامية.
- ماذا حدث له بعد "الضم"؟
- بعد دخول الجيش الألماني فيينا في مارس 1938 ("الضم" أو Anschluss)، تم اعتقال إرليخ وترحيله ضمن "النقل البارز" إلى معسكر اعتقال داخاو، حيث توفي بعد أسابيع قليلة بسبب الضرب والمعاملة القاسية.
- ما هو "النقل البارز"؟
- كان "النقل البارز" (Prominententransport) عملية نفذها النازيون بعد "الضم" مباشرةً، استهدفت بشكل خاص القادة اليهود والمثقفين والشخصيات المؤثرة في فيينا، حيث تم ترحيلهم إلى معسكرات الاعتقال لإرهاب الجالية اليهودية وإخضاعها.
- ماذا فعلت زوجته إيرما هاتر إرليخ؟
- تمكنت إيرما هاتر إرليخ من الهجرة إلى إنجلترا ثم إلى الولايات المتحدة الأمريكية مع ابنهما. هناك، أصبحت نشطة للغاية في جهود إنقاذ الأطفال اليهود من أوروبا التي مزقتها الحرب، وعملت بالتعاون مع منظمات مثل WIZO و Hadassah.
- ما هي WIZO و Hadassah؟
- WIZO (المنظمة العالمية للمرأة الصهيونية) هي منظمة نسائية دولية تأسست عام 1920 في لندن، وتكرس جهودها للرعاية الاجتماعية، التعليم، وتمكين المرأة والطفل. Hadassah (منظمة هداسا) هي منظمة نسائية صهيونية أمريكية تأسست عام 1912، وتشتهر بدعمها للمؤسسات الطبية والتعليمية في إسرائيل، بالإضافة إلى برامج الرعاية الصحية والاجتماعية.

English
español
français
português
русский
العربية
简体中文 