يُعد تشارلز هنري داو، الذي وُلد في السادس من نوفمبر عام 1851 وتوفي في الرابع من ديسمبر عام 1902، شخصية محورية في تاريخ الصحافة المالية والتحليل الاقتصادي في الولايات المتحدة. لم يكن داو مجرد صحفي أمريكي، بل كان visionary أسس لبنات أساسية غيرت طريقة فهمنا وتفاعلنا مع الأسواق المالية.

تشارلز داو: رائد الصحافة المالية ومؤسس التحليل الفني

في أوج حياته المهنية، شارك تشارلز داو في تأسيس شركة Dow Jones & Company، وهو إنجاز عظيم تحقق بالتعاون مع إدوارد جونز وتشارلز بيرجسترسر. هذه الشركة لم تكن مجرد كيان تجاري، بل أصبحت حجر الزاوية الذي انطلقت منه إحدى أهم المنصات الإعلامية المالية في العالم. فمع شركائه، أسس داو كذلك صحيفة وول ستريت جورنال، التي سرعان ما ارتقت لتصبح واحدة من أكثر المطبوعات المالية المرموقة والاحترام على مستوى العالم، مقدمةً تحليلات معمقة وأخبارًا موثوقة لمجتمع الأعمال والمستثمرين.

لكن إسهامات داو لم تتوقف عند حدود الصحافة. فقد كان مدفوعًا بفهم أعمق لتحركات السوق وسلوك المستثمرين. من هذا الدافع، اخترع مؤشر داو جونز الصناعي، والذي كان جزءًا لا يتجزأ من بحثه المستمر في ديناميكيات السوق. لم يكن هذا المؤشر مجرد رقم، بل كان أداة ثورية تهدف إلى قياس نبض الاقتصاد الأمريكي. وبالتوازي مع ذلك، طوّر تشارلز داو مجموعة من المبادئ الأساسية لفهم وتحليل سلوك السوق، والتي عُرفت لاحقًا باسم نظرية داو. هذه النظرية لم تكن مجرد مجموعة من الملاحظات، بل أصبحت الأساس الصلب الذي بُني عليه مجال التحليل الفني برمته، وما زالت تُدرس وتُطبق حتى يومنا هذا كإطار عمل لفهم الاتجاهات العامة للأسواق.

مؤشر داو جونز الصناعي: أيقونة السوق الأمريكية وتحدياتها

يُعرف مؤشر داو جونز الصناعي (DJIA)، أو ببساطة "مؤشر داو"، بأنه أحد أبرز مؤشرات سوق الأسهم وأكثرها شهرة على الإطلاق، ليس فقط في الولايات المتحدة بل حول العالم. يضم هذا المؤشر 30 شركة بارزة وكبيرة مدرجة في بورصات الأوراق المالية الأمريكية، ويمثل تقليديًا انعكاسًا لصحة الاقتصاد الصناعي الأمريكي بشكل خاص، والاقتصاد الكلي بشكل عام.

فهم آلية المؤشر وتطوراته

على الرغم من مكانته التاريخية وشعبيته الواسعة، يعتبر العديد من المحترفين في السوق أن مؤشر DJIA قد لا يكون تمثيلًا كافيًا أو شاملًا لسوق الأسهم الأمريكية بأكملها، خاصة عند مقارنته بمؤشرات سوق أوسع مثل S&P 500. يعود هذا الجدل إلى عدة أسباب رئيسية:

• عدد المكونات: يضم DJIA 30 شركة كبيرة فقط، مما يجعله أقل شمولية بكثير مقارنة بمؤشرات أخرى تحتوي على مئات الشركات.
• طريقة الترجيح: المؤشر مرجح بالسعر، أي أن الأسهم ذات السعر الأعلى تحمل وزنًا أكبر في قيمة المؤشر، بغض النظر عن القيمة السوقية الإجمالية للشركة. وهذا يختلف عن مؤشرات الأسهم الأخرى التي تستخدم الترجيح بالقيمة السوقية (Market-Cap Weighted)، حيث يعكس وزن الشركة حجمها الفعلي في السوق.
• غياب المتوسط الحسابي المرجح: لا يستخدم مؤشر داو جونز الصناعي المتوسط الحسابي المرجح بالمعنى التقليدي. بدلًا من ذلك، يتم حساب قيمة المؤشر كناتج قسمة مجموع أسعار أسهم الشركات المكونة للمؤشر على عامل يُعرف باسم "المقسوم عليه لداو" (Dow Divisor). واعتبارًا من نوفمبر 2021، كان هذا العامل حوالي 0.152. يتغير هذا العامل بشكل دوري عندما تخضع إحدى الشركات المكونة لتجزئة الأسهم (stock split) أو توزيعات الأرباح الكبيرة أو أي تغييرات هيكلية أخرى. الهدف من تعديل هذا العامل هو ضمان ألا تتأثر قيمة المؤشر بشكل مصطنع بهذه التغييرات، بل أن تعكس فقط التغيرات الحقيقية في أسعار الأسهم.

تم احتساب المؤشر لأول مرة في السادس والعشرين من مايو عام 1896، مما يجعله ثاني أقدم مؤشر بين مؤشرات السوق الأمريكية، بعد مؤشر داو جونز للنقل. وقد تم إنشاؤه بواسطة تشارلز داو نفسه، الذي كان حينها محررًا لصحيفة وول ستريت جورنال والمؤسس المشارك لشركة Dow Jones & Company. وقد سُمي المؤشر على اسمه واسم شريكه التجاري، الإحصائي إدوارد جونز. في البداية، أكدت كلمة "صناعي" في اسم المؤشر على قطاع الصناعات الثقيلة، مما يعكس الاقتصاد الأمريكي في تلك الفترة. ولكن مع مرور الوقت وتطور الاقتصاد، تمت إضافة أسهم من العديد من الأنواع الأخرى من الشركات إلى DJIA لتعكس صورة أوسع وأكثر حداثة للاقتصاد.

الإدارة والتأثير

تتولى إدارة مؤشر داو جونز الصناعي شركة S&P Dow Jones Indices، وهي كيان مملوك من قبل S&P Global. لا يتم اختيار مكونات المؤشر بشكل تلقائي بناءً على معايير صارمة وثابتة، بل يتم اختيارها بواسطة لجنة متخصصة تقوم بتقييم الشركات بناءً على سمعتها ونموها وتمثيلها لقطاعات اقتصادية رئيسية. وكتقليد متبع في أسواق الأسهم، غالبًا ما يُشار إلى المكونات العشرة التي تحقق أكبر عائدات على توزيعات الأرباح ضمن مؤشر داو باسم "كلاب مؤشر داو" (Dogs of the Dow)، وهي استراتيجية استثمارية شائعة. وكما هو الحال مع جميع أسعار الأسهم، تتأثر أسعار الأسهم المكونة للمؤشر، وبالتالي قيمة المؤشر نفسه، بشكل مباشر بأداء الشركات المعنية، بالإضافة إلى عوامل الاقتصاد الكلي الأوسع نطاقًا مثل أسعار الفائدة والتضخم والنمو الاقتصادي.

أسئلة شائعة حول تشارلز داو ومؤشر داو جونز الصناعي

من هو تشارلز هنري داو؟

تشارلز هنري داو كان صحفيًا أمريكيًا ومؤسسًا مشاركًا لشركة Dow Jones & Company وصحيفة وول ستريت جورنال. اشتهر باختراعه مؤشر داو جونز الصناعي وتطويره لمبادئ التحليل الفني المعروفة باسم نظرية داو.

ما هي نظرية داو؟

نظرية داو هي مجموعة من المبادئ التي طورها تشارلز داو لفهم وتحليل سلوك السوق. تُعد الأساس للتحليل الفني وتفترض أن حركة السوق ليست عشوائية، بل تتبع اتجاهات يمكن التعرف عليها وتحليلها.

ما هو مؤشر داو جونز الصناعي (DJIA)؟

مؤشر داو جونز الصناعي هو مؤشر سوق أسهم يضم 30 شركة أمريكية بارزة ومدرجة في بورصات الأوراق المالية. يُستخدم كمقياس لأداء الاقتصاد الأمريكي ويُعد أحد أقدم مؤشرات الأسهم وأكثرها شهرة.

كيف يتم حساب مؤشر داو جونز الصناعي؟

يتم حساب قيمة مؤشر داو جونز الصناعي عن طريق جمع أسعار أسهم الشركات الـ 30 المكونة له وقسمة المجموع على "المقسوم عليه لداو" (Dow Divisor). هذا المقسوم عليه يتم تعديله باستمرار لتجنب تأثير تجزئة الأسهم أو التغيرات الهيكلية الأخرى على قيمة المؤشر.

لماذا يعتبر بعض المحترفين أن مؤشر DJIA تمثيل غير كافٍ لسوق الأسهم؟

يعتبره البعض كذلك لأنه يضم 30 شركة فقط، مما يجعله أقل شمولًا من مؤشرات أوسع مثل S&P 500. كما أنه مؤشر مرجح بالسعر، مما يعني أن أسهم الشركات ذات الأسعار الأعلى تؤثر فيه أكثر، بغض النظر عن قيمتها السوقية الإجمالية.

كيف يتم اختيار الشركات المكونة لمؤشر داو جونز الصناعي؟

لا يتم اختيار الشركات المكونة للمؤشر تلقائيًا، بل يتم اختيارها بواسطة لجنة متخصصة تابعة لـ S&P Dow Jones Indices. تعتمد اللجنة على عوامل مثل سمعة الشركة ونموها وتمثيلها لقطاع اقتصادي حيوي.

ما هي "كلاب مؤشر داو"؟

مصطلح "كلاب مؤشر داو" يشير إلى استراتيجية استثمارية شائعة حيث يتم تحديد العشرة مكونات لمؤشر داو جونز الصناعي التي تتمتع بأكبر عائدات توزيعات أرباح (dividend yields) في بداية كل عام، ويُعتقد أنها أسهم مقومة بأقل من قيمتها الحقيقية وقد تحقق نموًا جيدًا.