يُعد مارك أليجريت (22 ديسمبر 1900 – 3 نوفمبر 1973) واحدًا من الشخصيات البارزة والمتعددة المواهب في تاريخ السينما الفرنسية، حيث ترك بصمة واضحة ككاتب سيناريو ومصور فوتوغرافي ومخرج أفلام. امتدت مسيرته الفنية على مدى عقود، وشهدت تحولات مهمة في السينما، بدءًا من الأفلام الصامتة وصولًا إلى الأعمال الناطقة، وقد عُرف بقدرته على اكتشاف المواهب الشابة وصقلها، مما جعله محطة انطلاق للعديد من النجوم.
نشأته وبداياته الفنية
وُلد مارك أليجريت في لوزان بسويسرا لأبوين فرنسيين، ونشأ في بيئة ثقافية غنية، حيث كان ابن أخت الكاتب الفرنسي الشهير والحائز على جائزة نوبل في الأدب، أندريه جيد. هذه العلاقة العائلية لم تكن مجرد صلة قرابة، بل كانت محورية في تشكيل بداياته الفنية؛ فقد عمل أليجريت سكرتيرًا شخصيًا ومصورًا لجيد، ورافقه في رحلاته المتعددة، بما في ذلك رحلته الشهيرة إلى الكونغو في منتصف عشرينيات القرن الماضي. خلال هذه الرحلة، وثّق أليجريت مشاهداته بعدسته، مما أسفر عن فيلم وثائقي مبكر بعنوان "رحلة إلى الكونغو" (Voyage au Congo) عام 1927، والذي يُعد أولى تجاربه الإخراجية السينمائية وأحد الأعمال الرائدة في مجال الأفلام الوثائقية الأنثروبولوجية.
مسيرته الإخراجية واكتشاف المواهب
بعد تجربته الوثائقية، انتقل أليجريت بسلاسة إلى عالم الأفلام الروائية، حيث أثبت نفسه كمخرج غزير الإنتاج، يتميز بأسلوبه المتنوع الذي تراوح بين الكوميديا الرومانسية والدراما الاجتماعية. لكن ما ميز مسيرته بشكل خاص هو حسه الفني الفذ في اكتشاف المواهب الجديدة. فكان له دور كبير في إطلاق مسيرة العديد من النجوم الفرنسيين الذين أصبحوا أيقونات سينمائية فيما بعد، ومنهم:
- سيمون سيمون (Simone Simon): التي قدمها في أفلام مثل "لاك أو دام" (Lac aux Dames) عام 1934.
- ميشيل مورغان (Michèle Morgan): التي بدأت مسيرتها معه في فيلم "غريبوي" (Gribouille) عام 1937.
- جان بيير أومون (Jean-Pierre Aumont).
- دانييل داريو (Danielle Darrieux).
لقد كان أليجريت يمتلك عينًا ثاقبة للممثلين، وقدرة على توجيههم نحو تقديم أفضل ما لديهم، مما جعله مفضلًا لدى المنتجين الراغبين في تقديم وجوه جديدة للشاشة الفضية.
أعماله البارزة وإسهاماته
على مدار مسيرته المهنية التي امتدت لأكثر من أربعة عقود، أخرج مارك أليجريت ما يقرب من 50 فيلمًا روائيًا، بالإضافة إلى أعماله الوثائقية القصيرة. من بين أفلامه التي حظيت بتقدير:
- "فاني" (Fanny) عام 1932: المقتبس عن مسرحية مارسيل بانيول الشهيرة، ويُعد جزءًا أساسيًا من ثلاثية مارسيليا.
- "لاك أو دام" (Lac aux Dames) عام 1934: دراما رومانسية أسهمت في ترسيخ مكانة سيمون سيمون.
- "غريبوي" (Gribouille) عام 1937: بطولة ميشيل مورغان وريمون روجو، وقد حقق نجاحًا كبيرًا.
- "مدخل الفنانين" (Entrée des artistes) عام 1938: الذي يصور حياة الطلاب في معهد الكونسرفاتوار بباريس.
شكلت هذه الأفلام جزءًا من المشهد السينمائي الفرنسي الحيوي قبل الحرب العالمية الثانية وبعدها، وعكست تنوع اهتماماته وقدرته على التعامل مع أنواع مختلفة من القصص.
إرثه وتأثيره
رغم أن مارك أليجريت قد لا يحظى بنفس شهرة بعض مخرجي "الموجة الجديدة" الفرنسية، إلا أن إسهاماته لا يمكن إنكارها. لقد كان جسرًا بين الأجيال، ومحركًا لابتكار المواهب، وصانع أفلام خصبًا ساعد في بناء ملامح السينما الفرنسية الحديثة. تظل أعماله شهادة على فترة مهمة في تاريخ السينما، وقدرته على سرد القصص ببراعة، وتقديمه لنجوم سطعوا في سماء الفن السابع.
الأسئلة الشائعة (FAQs)
- ما هي العلاقة بين مارك أليجريت والكاتب أندريه جيد؟
- كان مارك أليجريت ابن أخت الكاتب الفرنسي الشهير أندريه جيد. عمل أليجريت سكرتيرًا شخصيًا ومصورًا لجيد في بداياته، ورافق جيد في رحلته الشهيرة إلى الكونغو، مما أسهم في أولى تجاربه الإخراجية السينمائية.
- ما هو أهم إسهام لمارك أليجريت في السينما الفرنسية؟
- يُعرف مارك أليجريت بشكل خاص بقدرته الفائقة على اكتشاف المواهب التمثيلية الجديدة وصقلها، حيث ساعد في إطلاق مسيرة العديد من النجوم الفرنسيين مثل سيمون سيمون وميشيل مورغان.
- هل أخرج مارك أليجريت أفلامًا وثائقية؟
- نعم، كانت بداياته في الإخراج السينمائي بفيلم وثائقي بعنوان "رحلة إلى الكونغو" (Voyage au Congo) عام 1927، والذي يُعد من الأعمال الرائدة في هذا المجال.
- كم عدد الأفلام الروائية التي أخرجها مارك أليجريت تقريباً؟
- أخرج مارك أليجريت ما يقرب من 50 فيلمًا روائيًا على مدار مسيرته المهنية الطويلة، بالإضافة إلى عدد من الأفلام الوثائقية والقصيرة.

English
español
français
português
русский
العربية
简体中文 