يوم الاستقلال الجزائري ليس مجرد تاريخ عابر في التقويم الوطني، بل هو يوم عطلة وطنية محورية في الجزائر، يوافق الخامس من يوليو من كل عام. إنه تتويج لملحمة بطولية وصراع مرير خاضه الشعب الجزائري لنيل حريته واستعادة سيادته من الاستعمار الفرنسي، الذي جثم على صدر البلاد لأكثر من 130 عاماً، تحديداً منذ عام 1830 وحتى إعلان الاستقلال في عام 1962.

يمثل الخامس من يوليو 1962 لحظة فارقة في تاريخ الجزائر الحديث، حيث شهد الإعلان الرسمي عن استقلال البلاد بعد استفتاء شعبي حاسم على تقرير المصير، الذي جرى في الأول من يوليو 1962، وأسفر عن تصويت الغالبية الساحقة من الشعب الجزائري لصالح الاستقلال. كان هذا الاستفتاء ثمرة لسنوات طويلة من النضال والتضحيات الجسيمة، وتكلل بتوقيع اتفاقيات إيفيان في 18 مارس 1962، التي مهدت الطريق لإنهاء الحرب الجزائرية.

مسيرة التحرير: من الاحتلال إلى السيادة

تعرضت الجزائر لاحتلال فرنسي قاسٍ منذ عام 1830، سعت خلاله القوى الاستعمارية إلى طمس الهوية العربية والإسلامية للبلاد ونهب خيراتها. لكن إرادة الشعب الجزائري لم تنكسر، وظلت المقاومة مشتعلة على مدى عقود، تتخذ أشكالاً مختلفة من الانتفاضات المسلحة إلى النضال السياسي والثقافي. غير أن الشرارة الحقيقية التي أشعلت ثورة التحرير الكبرى كانت في الأول من نوفمبر 1954، عندما انطلقت الثورة المسلحة الشاملة بقيادة جبهة التحرير الوطني، والتي استمرت لأكثر من سبع سنوات ونصف، مقدمةً خلالها تضحيات لا تُحصى، حيث يُقدر عدد الشهداء الجزائريين الذين سقطوا في سبيل الحرية بمليون ونصف المليون شهيد، ليُعرفوا باسم "مليون ونصف المليون شهيد".

لقد كانت هذه الحرب من أعنف حروب التحرير في القرن العشرين، وشهدت بطولات لا تُنسى من قبل المجاهدين والمجاهدات، الذين حملوا السلاح وقاوموا الاحتلال بكل شجاعة وعزيمة. الانتصار في الخامس من يوليو لم يكن مجرد انسحاب لقوات احتلال، بل كان إيذانًا بانتصار الإرادة الشعبية وتأكيدًا على حق الشعوب في تقرير مصيرها وبناء دولتها المستقلة على أسس العدل والكرامة.

كيف تحتفل الجزائر بيوم استقلالها؟

يُحتفل بيوم الاستقلال الجزائري بصفته عيدًا وطنيًا يُعلي من قيمة الحرية والسيادة، وتعم الفرحة والفخر الوطني جميع ربوع البلاد. تتجلى مظاهر الاحتفال في فعاليات متنوعة وعميقة الأثر:

• تُنظم الاستعراضات العسكرية المهيبة في العاصمة، حيث تستعرض القوات المسلحة الجزائرية قوتها وجاهزيتها، إحياءً لذكرى أولئك الذين ضحوا بأرواحهم من أجل الوطن.
• تُزين الشوارع والساحات والمباني الرسمية والمنازل بالأعلام الوطنية ذات الألوان الخضراء والبيضاء والحمراء، في مشهد يعكس الوحدة والاعتزاز بالهوية الجزائرية.
• تقام الفعاليات الثقافية والفنية المتنوعة، من الحفلات الموسيقية التي تُقدم الأغاني الوطنية الحماسية، إلى المعارض الفنية التي تستعرض صورًا ووثائق من فترة الثورة، والمسرحيات التي تروي قصص الأبطال.
• يُلقي كبار المسؤولين كلمات وخطابات رسمية تُجدد العهد للشهداء، وتُبرز الإنجازات التي تحققت منذ الاستقلال، وتُشجع الأجيال الجديدة على مواصلة مسيرة البناء والتنمية.
• تُبث الأفلام الوثائقية والبرامج التلفزيونية الخاصة التي تُسلط الضوء على تاريخ الثورة الجزائرية ونضالات الشعب، لترسيخ الوعي التاريخي لدى الشباب وتذكيرهم بالثمن الباهظ للحرية.
• تجتمع العائلات الجزائرية في هذا اليوم، حيث يتبادلون التهاني والذكريات، ويتناولون الأطباق التقليدية في أجواء من الألفة والاحتفال، مؤكدين على الترابط الاجتماعي وقوة الروابط الأسرية.

الاستقلال: إرث للأجيال

إن يوم الاستقلال هو أكثر من مجرد ذكرى؛ إنه مناسبة لتجديد الالتزام بالمبادئ التي قامت عليها الثورة الجزائرية: العدالة، الوحدة، السيادة الوطنية. إنه يدعو للتأمل في التحديات التي تجاوزتها الجزائر بعد الاستقلال والإنجازات التي حققتها في بناء دولة حديثة ونهضة شاملة. هذا اليوم يمثل تذكيرًا دائمًا بأن الحرية ليست عطية، بل حق تُنتزع بالدم والعرق، وأن الحفاظ عليها وصونها يتطلب يقظة دائمة، وعملاً متواصلاً، وتشبثًا بقيم الوحدة والوطنية في مواجهة أي تحديات مستقبلية.

الأسئلة الشائعة حول يوم الاستقلال الجزائري

متى تحتفل الجزائر بيوم استقلالها؟

تحتفل الجزائر بيوم استقلالها في الخامس من يوليو من كل عام، وهو يوم عطلة وطنية رسمية في البلاد.

ماذا يمثل تاريخ 5 يوليو للجزائريين؟

يمثل 5 يوليو الإعلان الرسمي لاستقلال الجزائر عام 1962، بعد حرب تحرير طويلة ومريرة ضد الاستعمار الفرنسي. وهو تتويج لنضال وتضحيات عظيمة قدمها الشعب الجزائري.

متى بدأت الثورة الجزائرية التي أدت إلى الاستقلال؟

انطلقت ثورة التحرير الجزائرية الكبرى في الأول من نوفمبر عام 1954، واستمرت حتى إعلان الاستقلال في عام 1962.

ما هي اتفاقيات إيفيان؟ وما علاقتها بالاستقلال؟

اتفاقيات إيفيان هي اتفاقيات وُقعت في 18 مارس 1962 بين الحكومة الفرنسية والحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية، وقد مهدت هذه الاتفاقيات الطريق لإنهاء حرب الجزائر، وتنظيم استفتاء تقرير المصير الذي أدى إلى استقلال الجزائر.