يُعد "شات بوجا"، أو كما يُعرف أحيانًا بـ"مها بارفا" (المهرجان العظيم)، احتفالاً هندوسيًا مهيبًا يضرب بجذوره عميقًا في التاريخ والثقافة الدينية لشبه القارة الهندية. يُميز هذا المهرجان، الذي يتجلى فيه الاحترام العميق للطبيعة والكون، بطقوسه الدقيقة التي تُمارس عادةً على مدار أربعة أيام متتالية، ويعكس جوهر التقاليد القديمة المتمثلة في التكريم المباشر للمصادر الكونية للحياة.

يتمركز محور "شات بوجا" حول تكريم إله الشمس "سوريا ديفتا" (Surya Devta)، الذي يُعتبر مانح الحياة والصحة والرخاء في الفلسفة الهندوسية، إلى جانب الإلهة "تشاثي ماييا" (Chhathi Maiya)، المعروفة بأنها إلهة الأطفال والسعادة والعافية، وغالبًا ما تُربط بالإلهة أوشا (آلهة الفجر). يُعتقد أن الاحتفال بهذين الكيانين الكونيين يجلب البركات للأسرة، ويحقق الأمنيات، ويمنح النقاء وطول العمر، ويزيل المعوقات من الحياة، مقدمًا شكرًا على استمرار دورة الحياة على الأرض.

الانتشار الجغرافي والأهمية الثقافية

على الرغم من كونه مهرجانًا هندوسيًا، فإن "شات بوجا" يتجاوز الحدود الدينية في بعض الأحيان، حيث يشارك فيه أيضًا أفراد من ديانات أخرى، مما يؤكد طابعه الثقافي الشامل. يُحتفل به بشكل خاص في ولايات مثل بيهار، وجارخاند، وأوتار براديش في الهند، بالإضافة إلى مناطق تيراي في نيبال، ومناطق من شرق الهند الأخرى، وفي المجتمعات الهندية المنتشرة حول العالم. يعكس المهرجان العلاقة الحميمة بين الإنسان والطبيعة، ويُعد تعبيرًا جماعيًا عن الامتنان للقوى الكونية التي تحافظ على الحياة.

طقوس الأيام الأربعة المقدسة

يُعرف هذا المهرجان بصرامته وانضباطه الشديدين، حيث يؤدي المصلون، المعروفون باسم "فراتين" (Vratin)، سلسلة من الطقوس المتقنة التي تُظهر إيمانهم وتفانيهم العميق. تتضمن هذه الطقوس صيامات صارمة، بعضها دون ماء (نيرجالا فرات)، والاستحمام المقدس في الأنهار أو المسطحات المائية، خاصة نهر الغانج، وتقديم القرابين:

• اليوم الأول: ناهاي خاي (Nahay Khay)
  يبدأ المهرجان بالاستحمام المقدس في نهر أو بركة، ويُتبع بتناول وجبة واحدة فقط من الأرز والعدس والقرع المُعد خصيصًا، والذي يُعتقد أنه يساعد على تنقية الجسد والروح استعدادًا للصيام الصارم.
• اليوم الثاني: لوهاندا وخارنا (Lohanda and Kharna)
  يصوم المصلون طوال اليوم، ولا يتناولون الطعام أو الماء حتى غروب الشمس. عند الغروب، يقومون بعبادة إله الشمس "سوريا" والقمر "شاندرا"، ثم يتناولون وجبة بسيطة من الأرز مع السكر (راسياو) وكعكة القمح (بوري) والزنجبيل المالح. يُعد هذا التحضير لجزء الصيام الرئيسي.
• اليوم الثالث: سانديا أرغيا (Sandhya Arghya)
  يُعتبر هذا اليوم هو الأكثر أهمية، حيث يصوم المصلون صيامًا صارمًا دون ماء (نيرجالا فرات) لمدة 36 ساعة. في المساء، يتجمعون عند ضفاف الأنهار أو البرك ويقدمون "الأرغيا" (القرابين) لغروب الشمس. تشمل القرابين الفواكه الموسمية، و"ثيكوا" (حلوى قمح خاصة)، وغيرها من الأطعمة المُعدة بدقة في سلال من الخيزران. يُعتقد أن تقديم القرابين للشمس الغاربة يرمز إلى دورة الحياة والموت، والتجديد.
• اليوم الرابع: أوشا أرغيا وباران (Usha Arghya and Paran)
  في فجر اليوم الرابع، يتوجه المصلون مرة أخرى إلى ضفاف المياه لتقديم "الأرغيا" لشروق الشمس. بعد ذلك، يتناولون القرابين (البراشاد) ويُنهون صيامهم الطويل، مما يرمز إلى اكتمال رحلة التطهير الروحية وتلقي بركات إله الشمس والإلهة تشاثي ماييا.

الجانب الفريد في "شات بوجا"

ما يُميز "شات بوجا" عن العديد من المهرجانات الهندوسية الأخرى هو غياب عبادة الأصنام بالمعنى التقليدي. فبدلاً من ذلك، تُقدم العبادة مباشرةً إلى إله الشمس كمصدر للضوء والطاقة، وإلى "تشاثي ماييا" ككيان كوني مرتبط بالنمو والخصوبة. يُعد هذا الاحتفال نموذجًا للاتصال المباشر مع العناصر الطبيعية ومظاهرها الإلهية، ويُظهر قيمة عميقة للماء والشمس كمقومات أساسية للحياة.

أسئلة شائعة حول "شات بوجا"

ما هو الهدف الرئيسي من الاحتفال بشات بوجا؟

الهدف الرئيسي هو تكريم إله الشمس "سوريا ديفتا" والإلهة "تشاثي ماييا" طلبًا لبركات الصحة الجيدة، والرخاء، وطول العمر لأفراد الأسرة، خاصة الأطفال، وتحقيق الأمنيات الخاصة والشكر على وفرة الحياة.

ما هي المدة التي يستغرقها احتفال شات بوجا؟

يُحتفل بشات بوجا عادةً على مدار أربعة أيام متتالية، تبدأ طقوسه من اليوم الأول "ناهاي خاي" وتنتهي في فجر اليوم الرابع "أوشا أرغيا".

هل يختلف شات بوجا عن المهرجانات الهندوسية الأخرى؟

نعم، يختلف شات بوجا بشكل ملحوظ عن العديد من المهرجانات الهندوسية الأخرى لتركيزه على العبادة المباشرة لإله الشمس والإلهة "تشاثي ماييا" من خلال القرابين في المسطحات المائية، بدلاً من عبادة الأصنام التقليدية. كما يتميز بصرامة الصيام وتركيزه على النقاء الروحي.