يُعد اليوم العالمي للسكري، الذي يُحتفى به سنويًا في 14 نوفمبر، مناسبة محورية لتسليط الضوء على مرض السكري، وهو حالة صحية مزمنة تؤثر على مئات الملايين من الأشخاص في جميع أنحاء العالم. يهدف هذا الحدث العالمي إلى ما هو أبعد من مجرد زيادة الوعي؛ فهو يسعى إلى تعميق فهم الجمهور لعوامل الخطر المرتبطة بالسكري، وأعراضه المبكرة، ومضاعفاته المحتملة التي قد تكون وخيمة إذا لم يُدار المرض بفعالية. كما يركز بشكل كبير على تعزيز الخيارات الصحية لنمط الحياة وتشجيع الوصول إلى خيارات العلاج والرعاية بأسعار معقولة ومتاحة للجميع، لضمان مستقبل صحي أفضل.
لماذا 14 نوفمبر؟ تاريخ عميق ورمز عالمي
لم يُختر الرابع عشر من نوفمبر للاحتفال بيوم السكري العالمي عشوائيًا، بل يحمل هذا التاريخ دلالة تاريخية وعلمية بالغة الأهمية. إنه يوافق عيد ميلاد فريدريك بانتينغ، الطبيب الكندي الذي شارك في اكتشاف الإنسولين عام 1921، وهو الاكتشاف الذي غيّر مسار حياة الملايين وأنقذها من موت محقق بسبب السكري. لقد بدأ الاحتفال بهذا اليوم في عام 1991 بمبادرة من الاتحاد الدولي للسكري (IDF) ومنظمة الصحة العالمية (WHO) استجابةً للارتفاع المقلق في معدلات الإصابة بالسكري حول العالم. وفي عام 2006، اعترفت الأمم المتحدة رسميًا بهذا اليوم بموجب قرارها رقم 61/225، ليصبح يومًا عالميًا معترفًا به، مؤكدةً على خطورة المرض وتأثيره على الصحة العامة والتنمية.
الرمز المميز لليوم العالمي للسكري هو الدائرة الزرقاء. هذه الدائرة ليست مجرد شعار، بل هي رمز عالمي يمثل الوحدة والتضامن لمجتمع السكري العالمي. اللون الأزرق يعكس لون سماء الأمم المتحدة، مما يربط الحملة بمظلة أوسع من العمل العالمي في مجال الصحة.
فهم السكري: تحدٍ عالمي متعدد الأوجه
السكري ليس مرضًا واحدًا، بل هو مجموعة من الحالات المزمنة التي تؤثر على كيفية استخدام الجسم للسكر (الجلوكوز) للحصول على الطاقة. تشير إحصاءات الاتحاد الدولي للسكري إلى أن ما يقرب من 1 من كل 10 بالغين حول العالم يعيشون حاليًا مع مرض السكري، وهو عدد يتزايد بشكل مطرد. هناك أنواع رئيسية للسكري، لكل منها خصائصه وتحدياته:
- السكري من النوع الأول: وهو حالة مناعة ذاتية ناتجة عن تدمير الجهاز المناعي للخلايا المنتجة للإنسولين في البنكرياس، مما يتطلب حقن الإنسولين مدى الحياة.
- السكري من النوع الثاني: وهو الأكثر شيوعًا، وينتج عادةً عن مقاومة الجسم للإنسولين أو عدم إنتاجه ما يكفي منه. يرتبط غالبًا بعوامل نمط الحياة مثل السمنة وقلة النشاط البدني.
- سكري الحمل: وهو نوع من السكري يظهر أثناء الحمل ويختفي عادةً بعد الولادة، ولكنه يزيد من خطر الإصابة بالسكري من النوع الثاني لاحقًا في الحياة.
عدم إدارة السكري بشكل فعال يمكن أن يؤدي إلى مضاعفات صحية خطيرة وطويلة الأمد، تشمل أمراض القلب والأوعية الدموية، تلف الكلى (الفشل الكلوي)، فقدان البصر (الاعتلال الشبكي السكري)، تلف الأعصاب (الاعتلال العصبي السكري)، وحتى بتر الأطراف.
قيادة الجهود العالمية: دور الاتحاد الدولي للسكري
يقود الاتحاد الدولي للسكري (IDF) بفاعلية هذه الحملة العالمية، مدعومًا بشبكة واسعة من المنظمات الصحية، الحكومات، والجهات الفاعلة المدنية على الصعيدين المحلي والدولي. يتغير موضوع اليوم العالمي للسكري كل عام ليُسلط الضوء على جوانب محددة من المرض أو قضايا رئيسية تحتاج إلى اهتمام، مثل "الأسرة والسكري" أو "الوصول إلى رعاية السكري". لكن الهدف الشامل يبقى ثابتًا: تعزيز التثقيف، وتعميق الوعي، وتحفيز العمل المشترك نحو الوقاية من السكري وإدارته الفعالة. من خلال المشاركة النشطة في الفعاليات التوعوية، حملات جمع التبرعات لدعم الأبحاث، وحملات وسائل التواصل الاجتماعي التي تصل إلى الملايين، يمكن للأفراد والمجتمعات المساهمة بشكل ملموس في نشر الوعي وتقديم الدعم اللازم للمصابين بالسكري، محطمين بذلك الحواجز ومقدمين الأمل.
تأثير مستدام: كسر الوصمة وبناء مستقبل صحي
إن تأثير اليوم العالمي للسكري لا يقتصر على يوم واحد فقط، بل يمتد ليشكل دافعًا مستمرًا للأفراد والمجتمعات لاتخاذ إجراءات وقائية وإدارية تجاه السكري. يساعد هذا اليوم بشكل كبير في الحد من الوصمة الاجتماعية التي غالبًا ما ترتبط بالمرض، من خلال توفير منصة آمنة للأفراد لمشاركة قصصهم الشخصية وتجاربهم في التعايش مع السكري. هذه القصص الملهمة لا تزيد من الوعي فحسب، بل تُعزز الشعور بالانتماء والتضامن بين المصابين وأسرهم. من خلال هذه الحملة العالمية الموحدة، يمكننا العمل جنبًا إلى جنب لتعزيز أنماط الحياة الصحية، وتوفير الدعم النفسي والطبي الشامل للمصابين بالسكري، وبناء مستقبل تقل فيه أعباء هذا المرض. دعونا ننتهز هذه الفرصة الثمينة لتثقيف أنفسنا والآخرين بعمق حول مرض السكري، ونتخذ خطوات ملموسة نحو عالم أكثر صحة وعدالة للجميع.
الأسئلة الشائعة حول اليوم العالمي للسكري
- ما هو اليوم العالمي للسكري؟
- هو حملة توعية عالمية تُقام سنويًا في 14 نوفمبر لزيادة الوعي بمرض السكري، الوقاية منه، وإدارته، ودعم المصابين به.
- لماذا يُحتفل باليوم العالمي للسكري في 14 نوفمبر تحديدًا؟
- يصادف هذا التاريخ عيد ميلاد فريدريك بانتينغ، أحد مكتشفي الإنسولين، والذي كان لاكتشافه دور محوري في علاج مرض السكري وإنقاذ حياة الملايين.
- ماذا يرمز شعار الدائرة الزرقاء لليوم العالمي للسكري؟
- الدائرة الزرقاء هي الرمز العالمي لليوم العالمي للسكري، وتمثل الوحدة والتضامن بين مجتمعات السكري حول العالم، ويعكس اللون الأزرق لون سماء الأمم المتحدة، في إشارة إلى جهود الصحة العالمية.
- ما هي الأنواع الرئيسية لمرض السكري؟
- الأنواع الرئيسية هي السكري من النوع الأول (ناتج عن تدمير مناعي لخلايا الإنسولين)، السكري من النوع الثاني (ناتج عن مقاومة الإنسولين أو نقص إنتاجه)، وسكري الحمل (يظهر أثناء الحمل).
- كيف يمكن للأفراد المساهمة في حملة اليوم العالمي للسكري؟
- يمكن للأفراد المساهمة من خلال تثقيف أنفسهم والآخرين، المشاركة في الفعاليات المحلية، دعم حملات جمع التبرعات، ومشاركة المعلومات الموثوقة على وسائل التواصل الاجتماعي، وتشجيع نمط حياة صحي.

English
español
français
português
русский
العربية
简体中文 




