جوزيف باربيرا ، رسام ومخرج ومنتج أمريكي ، شارك في تأسيس Hanna-Barbera (مواليد 1911)
يُعدّ جوزيف رولاند باربيرا (وُلِد في 24 مارس 1911 وتوفي في 18 ديسمبر 2006) اسماً لا يُمحى من سجلات تاريخ صناعة الرسوم المتحركة الأمريكية. كان مبدعاً متعدّد المواهب؛ رساماً للرسوم المتحركة، ومخرجاً، ومنتجاً، وفناناً للقصص المصورة، ورساماً كاريكاتورياً، والأهم من ذلك أنه كان أحد المؤسسين المشاركين لاستوديو الإنتاج الأسطوري "هانا-باربيرا" الذي ترك بصمة عميقة في ثقافة البوب العالمية. اسمه باللغة الإيطالية يُنطق [barˈbɛːra]، وهو ما يعكس جذوره الإيطالية التي ساهمت في إثراء رؤيته الإبداعية.
رحلة البدايات: من نيويورك إلى قلب صناعة الرسوم المتحركة
وُلِد باربيرا في مدينة نيويورك لأبوين مهاجرين من إيطاليا، ونشأ في بيئة غنية بالتنوع الثقافي، وهو ما ربما صقل لديه القدرة على رؤية العالم من زوايا مختلفة. في سن مبكرة، بدأ مسيرته المهنية في مجال الرسوم المتحركة، حيث انضم إلى استوديوهات "فان بورين" في عام 1927، وهي إحدى شركات الرسوم المتحركة المبكّرة التي كانت ترسم ملامح الصناعة. بعد ذلك، انتقل إلى "تيريتونز" في عام 1929، حيث صقل مهاراته وتعمق فهمه لهذا الفن الناشئ. كانت هذه الفترة بمثابة أساس متين لخبرته التي ستساهم لاحقاً في صياغة مستقبل الترفيه العائلي.
شراكة العمر: جوزيف باربيرا وويليام هانا في مترو غولدوين ماير
في عام 1937، اتخذ باربيرا خطوة محورية في حياته المهنية بانتقاله إلى كاليفورنيا، القلب النابض لصناعة الترفيه والسينما. هناك، وأثناء عمله في استوديوهات "مترو غولدوين ماير" (MGM) الشهيرة، التقى بويليام هانا. كان هذا اللقاء بمثابة شرارة أطلقت واحدة من أنجح الشراكات الإبداعية في تاريخ الرسوم المتحركة. سرعان ما بدأ الرجلان تعاونهما الفني الذي اشتهر عالمياً بإنتاج سلسلة الرسوم المتحركة الخالدة "توم وجيري". هذه السلسلة، التي كانت تتميز ببراعة الرسوم المتحركة، وسرعة الوتيرة، والفكاهة المرئية، لم تكتفِ بتحقيق سبع جوائز أوسكار لأفلامها القصيرة، بل رسخت مكانة باربيرا وهانا كعبقريين في هذا المجال، وقدّما إرثاً لا يُنسى من الضحك والمرح.
ولادة أسطورة: استوديوهات هانا-باربيرا للرسوم المتحركة
مع مطلع عام 1957، جاءت لحظة فارقة في مسيرة باربيرا وهانا. فبعد أن قررت "مترو غولدوين ماير" حل قسم الرسوم المتحركة لديها، لم يتردد الصديقان والشريكان في اتخاذ خطوة جريئة: تأسيس استوديو الرسوم المتحركة الخاص بهما، والذي عُرف باسم "هانا-باربيرا". كان هذا القرار بداية حقبة ذهبية للرسوم المتحركة التلفزيونية، حيث غيّر الاستوديو ببراعة مفهوم إنتاج الرسوم المتحركة ليناسب شاشات التلفزيون المتنامية. بفضل رؤيتهما الثاقبة وقدرتهما على التكيف مع متطلبات الإنتاج التلفزيوني السريعة والميزانيات المحدودة، نجح الاستوديو في أن يصبح الاستوديو الأكثر نجاحاً في هذا المجال. فقد أنتجوا مجموعة هائلة من البرامج التي حفرت أسماءها في ذاكرة الأجيال، مثل "فلينستون" (The Flintstones) الذي كان أول مسلسل رسوم متحركة يُعرض في وقت الذروة ويُقدم قصصاً عائلية بصبغة ما قبل التاريخ، و"يوغي بير" (Yogi Bear) الدب الذكي، و"سكوبي دو" (Scooby-Doo) الذي يُعتبر رمزاً للغموض والمغامرة مع فريق الشباب، بالإضافة إلى "توب كات" (Top Cat) و"السنافر" (The Smurfs) و"هاكلبيري هاوند" (Huckleberry Hound)، و"جيتسونز" (The Jetsons) الذي تخيل المستقبل بطريقة ممتعة ومبهرة. هذه الأعمال لم تكن مجرد برامج ترفيهية، بل شكلت جزءاً أساسياً من النسيج الثقافي للعائلات حول العالم، وقدمت شخصيات كرتونية لا تُنسى.
تحولات الملكية والإرث المستمر
في عام 1967، شهدت استوديوهات هانا-باربيرا تغيراً في ملكيتها، حيث تم بيعها لشركة "تافت برودكاستينغ" (Taft Broadcasting) بمبلغ 12 مليون دولار، وهي صفقة تعكس القيمة الهائلة التي وصل إليها الاستوديو. وعلى الرغم من هذا التغيير، ظل ويليام هانا وجوزيف باربيرا على رأس الشركة، محافظين على دفة الإبداع والإنتاج، ومواصلين الإشراف على الأعمال الجديدة. استمرت هذه الحالة حتى عام 1991، عندما تم بيع الاستوديو مرة أخرى لـ "نظام تيرنر للبث" (Turner Broadcasting System)، وهو ما أدخل أعمالهما ضمن مظلة إعلامية أوسع. في عام 1996، شهدت الصناعة دمجاً كبيراً، حيث اندمجت "تيرنر" مع "تايم وورنر" (Time Warner)، التي كانت تمتلك أيضاً شركة "وارنر براذرز" (Warner Bros.). ورغم هذه التغييرات الهيكلية الكبيرة، بقي هانا وباربيرا مستشارين قيمين للشركة، مواصلين تقديم خبرتهما ورؤيتهما التي لا تقدر بثمن، مما ضمن استمرار الإشراف على إرثهما الإبداعي.
إنجازات وجوائز لا تُحصى
على مدار مسيرتهما المهنية المشتركة، أخرج هانا وباربيرا سبعة أفلام من جوائز الأوسكار (عن أعمالهما في سلسلة "توم وجيري" القصيرة التي حازت على إشادة النقاد والجمهور)، كما فازا بثماني جوائز إيمي المرموقة، وهو ما يؤكد على جودة وإبداع أعمالهما الاستثنائية وتأثيرهما العميق في صناعة الترفيه. تجاوزت عروضهما الكرتونية كونها مجرد رسوم متحركة لتصبح أيقونات ثقافية راسخة في الوعي الجمعي العالمي. لم تقتصر شخصياتهما المحبوبة على الشاشة الصغيرة فحسب، بل ظهرت في وسائط إعلامية أخرى مثل الأفلام السينمائية، والكتب المصورة، والألعاب الإلكترونية، مما وسّع نطاق تأثيرها بشكل كبير وجعلها جزءاً لا يتجزأ من ذكريات الملايين.
تأثير عالمي لا يضاهى
في أوج نجاحها خلال الستينيات، استقطبت عروض "هانا-باربيرا" أكثر من 300 مليون شخص حول العالم، لتصبح ظاهرة عالمية حقيقية تتجاوز الحدود الجغرافية والثقافية. تم ترجمة هذه العروض إلى أكثر من 28 لغة، مما سمح لثقافات مختلفة بالاستمتاع بفكاهتها وقصصها وشخصياتها الفريدة. لقد أثر جوزيف باربيرا، بشراكته المثمرة مع ويليام هانا، على أجيال عديدة، وشكّل جزءاً لا يتجزأ من ذكريات الطفولة لملايين الأشخاص، تاركاً إرثاً فنياً وإبداعياً خالداً يستمر في إلهام المبدعين وإمتاع الجماهير حتى يومنا هذا، مؤكداً على مكانته كأحد عمالقة الرسوم المتحركة.
الأسئلة المتكررة (FAQs)
- من هو جوزيف رولاند باربيرا؟
- كان جوزيف رولاند باربيرا رساماً أمريكياً للرسوم المتحركة، ومخرجاً، ومنتجاً، وفناناً للقصص المصورة، ورساماً كاريكاتورياً، وهو المؤسس المشارك لاستوديو الرسوم المتحركة وشركة الإنتاج الشهيرة "هانا-باربيرا" الذي أنتج العديد من البرامج التلفزيونية الأيقونية.
- متى تأسست استوديوهات هانا-باربيرا؟
- تأسست استوديوهات هانا-باربيرا في عام 1957، بعد أن قررت شركة مترو غولدوين ماير (MGM) حل قسم الرسوم المتحركة الخاص بها، مما دفع جوزيف باربيرا وويليام هانا لتأسيس شركتهما الخاصة.
- ما هي أشهر أعمال هانا-باربيرا؟
- اشتهرت استوديوهات هانا-باربيرا بإنتاج العديد من المسلسلات الكرتونية الأيقونية مثل "توم وجيري" (الذي بدأ قبل تأسيس الاستوديو رسمياً لكنه كان نتاجاً لشراكة باربيرا وهانا)، و"فلينستون" (The Flintstones)، و"يوغي بير" (Yogi Bear)، و"سكوبي دو" (Scooby-Doo)، و"توب كات" (Top Cat)، و"جيتسونز" (The Jetsons)، وغيرها الكثير التي شكلت جزءاً من ثقافة البوب.
- كم عدد جوائز الأوسكار التي فاز بها هانا وباربيرا؟
- أخرج جوزيف باربيرا وشريكه ويليام هانا سبعة أفلام قصيرة فائزة بجوائز الأوسكار، وكلها كانت ضمن سلسلة "توم وجيري" التي لا تزال تُعرض حتى اليوم.
- ماذا حدث لاستوديوهات هانا-باربيرا في النهاية؟
- تم بيع استوديوهات هانا-باربيرا لشركة تافت برودكاستينغ في عام 1967، ثم لنظام تيرنر للبث في عام 1991، والذي بدوره اندمج مع تايم وورنر (مالكي وارنر براذرز) في عام 1996. بقي هانا وباربيرا مستشارين قيمين للشركة بعد هذه التغييرات، مما سمح لهما بمواصلة الإشراف على إرثهما.