دونالد ماثيسون ساذرلاند ، طبيب وسياسي كندي ، وزير الدفاع الوطني الكندي الخامس (ت. 1970)

شخصية بارزة في المشهد السياسي الكندي، كان دونالد ماثيسون ساذرلاند (المولود في 3 ديسمبر 1879 والمتوفى في 4 يونيو 1970) طبيبًا وسياسيًا مخضرمًا شهدت مسيرته المهنية تقلبات عديدة عكست التحولات الكبرى التي شهدتها كندا في أوائل القرن العشرين.

بدايات المسيرة السياسية وأزمة التجنيد عام 1917

بدأت طموحات ساذرلاند السياسية تأخذ شكلًا ملموسًا عندما ترشح لمنصب عام لأول مرة في الانتخابات الفيدرالية المثيرة للجدل عام 1917. في تلك الفترة، كانت كندا تموج بأزمة التجنيد الإلزامي، وهي قضية قسمت البلاد بشدة بين الناطقين بالإنجليزية والفرنسية، وأدت إلى دعوات للتعبئة العسكرية في خضم الحرب العالمية الأولى. خاض ساذرلاند هذه الانتخابات بصفته "ليبراليًا لورييه"، وهو مصطلح يشير إلى الليبراليين الذين أيدوا موقف رئيس الوزراء السابق ويلفريد لورييه الرافض للتجنيد الإلزامي الذي فرضته حكومة روبرت بوردن الائتلافية. رغم حملته النشطة، واجه ساذرلاند هزيمة في دائرة أكسفورد نورث الانتخابية، لكن هذه التجربة شكلت خطوته الأولى في عالم السياسة الفيدرالية.

تحول الولاء السياسي والنجاح البرلماني

لم تكن هزيمة عام 1917 نهاية طموحاته السياسية. فبعد بضع سنوات، وبحلول عام 1921، كان ساذرلاند قد اتخذ قرارًا سياسيًا حاسمًا بتغيير ولائه الحزبي، منضماً إلى صفوف حزب المحافظين. هذا التحول عكس المرونة السياسية والتحولات الأيديولوجية التي كانت سائدة في تلك الحقبة. وقد أثمر هذا التغيير عن نجاح لافت في الانتخابات العامة لعام 1925، حيث تمكن ساذرلاند من الفوز بمقعد دائرة أكسفورد نورث، ليصبح بذلك عضوًا في مجلس العموم الكندي ممثلًا لحزب المحافظين، محققًا بذلك حلمه بدخول البرلمان.

قضية كينغ بينغ والنكسة المؤقتة

لم تدم هذه الفترة البرلمانية طويلًا، فقد شهدت كندا أزمة دستورية وسياسية تعرف بقضية "كينغ بينغ" في عام 1926. هذه الأزمة، التي دارت حول صلاحيات الحاكم العام ورئيس الوزراء ويليام ليون ماكنزي كينغ، أدت إلى حل البرلمان وإجراء انتخابات عامة مبكرة. في خضم هذه الأحداث المتسارعة والاضطرابات السياسية، وجد ساذرلاند نفسه يواجه هزيمة انتخابية، مما أدى إلى عودة الليبراليين بقيادة ماكنزي كينغ إلى السلطة مرة أخرى، وخسارة ساذرلاند لمقعده البرلماني.

العودة إلى السلطة والأدوار الوزارية خلال الكساد الكبير

بحلول عام 1930، عاد ساذرلاند بقوة إلى المشهد السياسي، حيث أسفرت الانتخابات العامة في ذلك العام عن فوز كاسح لحزب المحافظين بقيادة آر بي بينيت، والذي تولى رئاسة الوزراء في فترة عصيبة من تاريخ كندا. مع عودته إلى البرلمان، حظي ساذرلاند بثقة بينيت، وعُين وزيرًا للدفاع الوطني، وهي حقيبة وزارية مهمة في أي حكومة. ولكن الأوضاع الاقتصادية العالمية كانت تتدهور بسرعة، مع تداعيات الكساد الكبير الذي ضرب العالم بأسره، وكندا لم تكن بمنأى عن آثاره المدمرة على الاقتصاد والمجتمع. لمواجهة هذه التحديات الجسيمة، أطلق رئيس الوزراء بينيت في عام 1934 ما عُرف بـ "الصفقة الجديدة" الخاصة به، مستلهمًا في ذلك جزئيًا من "الصفقة الجديدة" الشهيرة لفرانكلين ديلانو روزفلت في الولايات المتحدة، والتي هدفت إلى تخفيف وطأة الأزمة الاقتصادية وتقديم حلول اجتماعية. في إطار هذه التغييرات، نُقل ساذرلاند ليتولى حقيبة وزارية أخرى ذات أهمية بالغة في ذلك الوقت، حيث عُين وزيرًا للمعاشات والصحة الوطنية، مما يعكس الأولوية المتزايدة للقضايا الاجتماعية والرعاية الصحية في ظل الأزمة.

نهاية مسيرته البرلمانية

على الرغم من الجهود المبذولة والإصلاحات المقترحة، لم تكن "الصفقة الجديدة" لبينيت كافية لتهدئة غضب الناخبين وإرضائهم، الذين كانوا يعانون بشدة من تداعيات الكساد. وهكذا، شهدت الانتخابات العامة لعام 1935 هزيمة ساحقة لحكومة بينيت المحافظة، ونتج عنها خسارة دونالد ماثيسون ساذرلاند لمقعده البرلماني، لينهي بذلك فصلًا مهمًا من مسيرته السياسية في مجلس العموم الكندي.

الأسئلة الشائعة (FAQs)

من هو دونالد ماثيسون ساذرلاند؟
كان دونالد ماثيسون ساذرلاند (1879-1970) طبيبًا وسياسيًا كنديًا، شغل مناصب برلمانية ووزارية في الحكومة الفيدرالية الكندية خلال أوائل القرن العشرين.
ما هي أبرز مراحل حياته السياسية؟
بدأ مسيرته كليبرالي في انتخابات 1917، ثم تحول إلى حزب المحافظين وفاز بمقعد برلماني في 1925، وعاد إلى البرلمان في 1930 حيث شغل حقائب وزارية كوزير للدفاع الوطني ثم وزير للمعاشات والصحة الوطنية، قبل أن يخسر مقعده في 1935.
لماذا غير انتماءه السياسي؟
التحولات السياسية كانت شائعة في كندا خلال تلك الحقبة. انتقل ساذرلاند من الليبراليين إلى المحافظين بحلول عام 1921، على الأرجح بسبب تغير قناعاته السياسية أو بحثًا عن فرص أفضل في المشهد السياسي المتغير.
ما هو دور أزمة التجنيد عام 1917 في مسيرته؟
أزمة التجنيد عام 1917، التي قسمت كندا حول المشاركة في الحرب العالمية الأولى، كانت المحفز لترشحه الأول لمنصب عام كـ "ليبرالي لورييه" المعارض للتجنيد، لكنه لم ينجح في الفوز بالمقعد آنذاك.
ما هي حقائبه الوزارية؟
شغل دونالد ماثيسون ساذرلاند منصبين وزاريين في حكومة آر بي بينيت: وزير الدفاع الوطني (من 1930) ووزير المعاشات والصحة الوطنية (من 1934).
ما هي قضية كينغ بينغ؟
قضية كينغ بينغ كانت أزمة دستورية في كندا عام 1926، حيث رفض الحاكم العام اللورد بينغ طلب رئيس الوزراء ماكنزي كينغ بحل البرلمان، مما أدى إلى استقالة كينغ ثم عودته للسلطة بعد انتخابات عامة فاز بها الليبراليون.
كيف أثر الكساد الكبير على مسيرته؟
وصل ساذرلاند إلى الوزارة خلال فترة الكساد الكبير، وشغل منصبًا وزاريًا حيويًا (وزير المعاشات والصحة الوطنية) لمعالجة مشكلات الأزمة الاجتماعية. لكن فشل حكومة بينيت في إرضاء الناخبين بسبب استمرار تداعيات الكساد أدى إلى هزيمتها في انتخابات 1935 وخسارته لمقعده البرلماني.