جان بيدل بوكاسا ، جنرال وسياسي من وسط أفريقيا ، الرئيس الثاني لجمهورية أفريقيا الوسطى (ت. 1996)

جان بيديل بوكاسا، المولود في 22 فبراير 1921 والمتوفى في 3 نوفمبر 1996، يُعد واحدًا من أبرز الشخصيات وأكثرها إثارة للجدل في تاريخ إفريقيا الوسطى. قاد البلاد عبر فترتين متميزتين، الأولى كرئيس لجمهورية إفريقيا الوسطى والثانية كإمبراطور للدولة التي أسسها، الإمبراطورية الإفريقية الوسطى، تاركًا وراءه إرثًا معقدًا يمزج بين الطموح السلطوي والوحشية المزعومة التي شهدتها المنطقة خلال فترة حكمه الطويلة والمضطربة.

النشأة والصعود إلى السلطة

بدأت مسيرة بوكاسا السياسية بانقلاب عسكري عرف باسم "انقلاب سان سيلفستر"، والذي وقع في الساعات الأولى من الأول من يناير عام 1966. في هذا الانقلاب السريع والدراماتيكي الذي تزامن مع احتفالات رأس السنة الجديدة، أطاح بوكاسا، الذي كان حينها قائدًا للجيش، بحكم سلفه ديفيد داكو، أول رئيس لجمهورية إفريقيا الوسطى ومؤسسها. وبذلك، تولى بوكاسا زمام السلطة كرئيس ثانٍ للجمهورية، وهو المنصب الذي شغله لما يقرب من أحد عشر عامًا، حيث حكم البلاد بقبضة من حديد، محولًا إياها فعليًا إلى ديكتاتورية عسكرية على الرغم من الواجهة الجمهورية.

إمبراطورية إفريقيا الوسطى والتتويج الأسطوري

في خطوة مثيرة للجدل وغير مسبوقة، أعلن بوكاسا نفسه إمبراطورًا لـ "إمبراطورية إفريقيا الوسطى" في الرابع من ديسمبر عام 1976، مستلهمًا ذلك من شخصيات تاريخية كبرى مثل نابليون بونابرت الذي كان يكن له إعجابًا شديدًا. وتوج نفسه في حفل مهيب وباهظ التكاليف أقيم في الرابع من ديسمبر 1977، والذي قيل إنه استنزف ما يقرب من ربع ميزانية البلاد السنوية، في دولة كانت تعاني من الفقر المدقع. ورغم الأبهة والفخامة التي أحاطت بهذا الحدث الذي كلف ملايين الدولارات، إلا أن اللقب الإمبراطوري لبوكاسا، الذي نصّب نفسه إمبراطورًا، لم يحظَ بالاعتراف الدبلوماسي الدولي قط من قبل أي دولة رئيسية، وظلت إفريقيا الوسطى، بحكم الواقع، تحت وطأة حكمه الديكتاتوري الاستبدادي.

الانهيار والسقوط من العرش

لم يدم حكم الإمبراطورية طويلاً، فقد استمر لما يزيد قليلاً عن ثلاث سنوات، وتحديدًا حتى 21 سبتمبر 1979. جاءت نهايته بعد سلسلة من الأحداث المأساوية التي هزت الضمير العالمي، أبرزها مزاعم تورطه في قتل مئات من أطفال المدارس في أبريل 1979، كانوا قد احتجوا سلميًا على فرض بوكاسا لزي مدرسي باهظ الثمن، وبعض الروايات تشير إلى تورطه المباشر في عمليات القتل. هذه الأحداث أثارت غضبًا دوليًا واسع النطاق وأدت إلى تدخل عسكري فرنسي حاسم، عُرف باسم "عملية باراكودا"، أطاح به وأعاد سلفه ديفيد داكو إلى سدة الرئاسة، مستعيدًا بذلك جمهورية إفريقيا الوسطى وواضعًا حدًا لحكم بوكاسا الذي استمر قرابة ثلاثة عشر عامًا.

المحاكمات، الإدانات، والسنوات الأخيرة

بعد الإطاحة به، لجأ بوكاسا إلى فرنسا، لكنه حُكم عليه بالإعدام غيابيًا في جمهورية إفريقيا الوسطى. في خطوة مفاجئة وغير متوقعة، عاد بوكاسا إلى بلاده في عام 1986، ليواجه محاكمة جديدة بتهم خطيرة شملت الخيانة والقتل والتعذيب. وفي عام 1987، تمت تبرئته من تهمة أكل لحوم البشر، وهي تهمة بشعة ألصقت به وأثارت جدلاً واسعًا، لكنه أُدين بقتل أطفال المدارس وجرائم أخرى متعددة أدت إلى تلطخ سمعته إلى الأبد. خُفف حكم الإعدام الصادر بحقه لاحقًا إلى السجن المؤبد في الحبس الانفرادي. ومع ذلك، وبطريقة لم يتوقعها الكثيرون، أُطلق سراحه في عام 1993 في ظل عفو عام. أمضى بوكاسا سنواته الأخيرة في حياة خاصة بمدينة بانغي، عاصمة جمهورية إفريقيا الوسطى، بعيدًا عن الأضواء، حتى وافته المنية في نوفمبر 1996، منهيًا بذلك فصلاً فريدًا ومضطربًا في تاريخ القارة الإفريقية.

أسئلة شائعة حول جان بيديل بوكاسا

من هو جان بيديل بوكاسا؟
جان بيديل بوكاسا كان قائدًا سياسيًا وعسكريًا لجمهورية إفريقيا الوسطى، وشغل منصب الرئيس الثاني للجمهورية قبل أن ينصب نفسه إمبراطورًا لإمبراطورية إفريقيا الوسطى. يُعرف بكونه شخصية مثيرة للجدل في تاريخ البلاد.
ما هي إمبراطورية إفريقيا الوسطى؟
هي دولة أعلنها جان بيديل بوكاسا عام 1976 خلفًا لجمهورية إفريقيا الوسطى، وحكمها بوكاسا كإمبراطور بوكاسا الأول. استمرت الإمبراطورية حتى عام 1979، ولم تحصل على اعتراف دولي واسع.
ما هي أبرز الجرائم التي اتُهم بها بوكاسا؟
اتُهم بوكاسا بالعديد من الجرائم الخطيرة، بما في ذلك الخيانة والقتل، وأبرزها التورط في قتل مئات من أطفال المدارس عام 1979. كما وُجهت إليه تهمة أكل لحوم البشر، والتي تمت تبرئته منها لاحقًا.
هل حصل لقبه الإمبراطوري على اعتراف دولي؟
لا، لم يحقق اللقب الإمبراطوري لبوكاسا الذي نصّب نفسه إمبراطورًا أي اعتراف دبلوماسي دولي من قبل الدول الكبرى أو المنظمات الدولية.
ماذا حدث بعد الإطاحة ببوكاسا؟
بعد الإطاحة به في عام 1979 من خلال تدخل عسكري فرنسي، تمت استعادة جمهورية إفريقيا الوسطى، وعاد سلفه ديفيد داكو إلى منصب الرئاسة.
متى توفي بوكاسا؟
توفي جان بيديل بوكاسا في 3 نوفمبر 1996 بمدينة بانغي، عاصمة جمهورية إفريقيا الوسطى، بعد أن أُطلق سراحه من السجن وعاش سنواته الأخيرة بعيدًا عن الأضواء.