تشارلز سومنر ، سياسي ومحامي أمريكي (ت ١٨٧٤)
كان تشارلز سومنر (6 يناير 1811 – 11 مارس 1874) شخصية محورية في المشهد السياسي الأمريكي في القرن التاسع عشر، اشتهر بكونه رجل دولة أمريكي بارز وعضوًا في مجلس الشيوخ عن ولاية ماساتشوستس. بصفته محاميًا أكاديميًا وخطيبًا لاذعًا، كرس سومنر حياته للقضية المناهضة للعبودية، متحولًا إلى أحد أشرس المدافعين عن حقوق الإنسان والمساواة في عصره. لقد لعب دورًا حاسمًا كقائد للقوات المناهضة للعبودية في ولايته، ثم ارتقى ليصبح زعيمًا بارزًا للجمهوريين الراديكاليين في مجلس الشيوخ الأمريكي خلال فترة الحرب الأهلية الأمريكية وما تلاها من إعادة الإعمار.
كان سومنر يعتقد اعتقادًا راسخًا بأن العبودية هي "قوة العبيد" التي تفسد الحكومة الفيدرالية وتهدد مبادئ الجمهورية الأمريكية. وقد سعى جاهداً لإنهاء نفوذ مالكي العبيد الجنوبيين الذين كانوا يهدفون إلى إدامة وتوسيع نظام العبودية في الأراضي الجديدة. خلال فترة إعادة الإعمار التي أعقبت الحرب الأهلية، ناضل سومنر بلا كلل لتقليص قوة الكونفدرالية السابقة وضمان الحقوق المتساوية للمحررين حديثًا، مؤمنًا بأن هذا هو السبيل الوحيد لإعادة بناء أمة موحدة ومبادئها الديمقراطية.
مسيرته السياسية المبكرة وتغير انتماءاته الحزبية
عكست مسيرة سومنر السياسية المبكرة، التي شهدت تغيرات في انتمائه الحزبي، التقلبات والتحديات التي واجهت القوى المناهضة للعبودية في الولايات المتحدة. ففي ثلاثينيات وأربعينيات القرن التاسع عشر، كانت التحالفات المناهضة للعبودية تتشكل وتتفكك مع تصاعد وتيرة النقاش حول العبودية. انتقل سومنر بين عدة أحزاب، مثل حزب اليمين وحزب التربة الحرة، سعيًا منه لإيجاد منصة سياسية تتماشى مع مبادئه. وفي نهاية المطاف، استقر انتماؤه في خمسينيات القرن التاسع عشر مع تأسيس الحزب الجمهوري، وهو الحزب الذي أصبح مرتبطًا به بشكل وثيق والذي وفر له القاعدة اللازمة لتعزيز رؤيته المناهضة للعبودية. كرس سومنر طاقاته الهائلة لتدمير "قوة العبيد" التي رأى أنها تهدد جوهر الديمقراطية الأمريكية من خلال توسيع نفوذ مالكي العبيد الجنوبيين على الحكومة الفيدرالية.
حادثة الضرب المروعة في مجلس الشيوخ
في 22 مايو 1856، شهدت قاعة مجلس الشيوخ الأمريكي حادثة عنف غير مسبوقة تركت أثرًا عميقًا في المشهد السياسي الأمريكي. بعد أن ألقى سومنر خطابًا ناريًا مناهضًا للعبودية بعنوان "الجريمة ضد كانساس"، تعرض لهجوم وحشي من قبل عضو الكونجرس الديمقراطي بريستون بروكس من ولاية كارولينا الجنوبية. في خطابه، لم يكتفِ سومنر بمهاجمة مشروع قانون كانساس-نبراسكا الذي سمح بتوسيع العبودية، بل وجه إهانات شخصية حادة للعديد من أعضاء مجلس الشيوخ الجنوبيين. وصف سومنر السناتور أندرو بتلر من ساوث كارولينا، ابن عم مهاجمه، بأنه "قواد للعبودية"، وسخر من سكتته الدماغية وما تلاها من إعاقة في الكلام، مستهدفًا بذلك التشكيك في أخلاقه وذكائه ووطنيته. نتيجة لذلك، قام بروكس بضرب سومنر بعصا حتى كاد يقتله، تاركًا إياه مصابًا بجروح خطيرة. أصبحت هذه الحادثة، التي نالت تغطية إعلامية واسعة، رمزًا للاستقطاب المتزايد والعنف المتفاقم الذي كان يمزق البلاد في الفترة التي سبقت الحرب الأهلية.
على الرغم من خطورة إصابته، والتي أبعدته عن مجلس الشيوخ لسنوات عديدة، فإن ولاية ماساتشوستس لم تقم فقط بالاحتفاظ بمقعده شاغرًا كاحتجاج على العنف، بل أعادت انتخابه، مما جعل مكتبه الفارغ في مجلس الشيوخ تذكيرًا صارخًا بالجريمة والعواقب الوخيمة للعبودية. ساهمت هذه الواقعة بشكل كبير في تعميق الانقسام بين الشمال والجنوب، مما ألقى بظلاله على الجو الاجتماعي والسياسي الساخن والعنيف بشكل متزايد في ذلك الوقت.
دوره خلال الحرب الأهلية وإعادة الإعمار
خلال الحرب الأهلية، برز سومنر كزعيم قوي للفصيل الجمهوري الراديكالي في مجلس الشيوخ. كان هذا الفصيل ينتقد الرئيس أبراهام لينكولن لكونه معتدلاً للغاية في تعامله مع الجنوب ومسألة العبودية، مطالبين بإنهاء فوري للعبودية ومعاملة أكثر صرامة للولايات الكونفدرالية المتمردة. تخصص سومنر في الشؤون الخارجية، وعمل عن كثب مع لينكولن لضمان حياد بريطانيا وفرنسا، ومنعهما من التدخل إلى جانب الكونفدرالية، وهو ما كان ضروريًا لانتصار الاتحاد.
بصفته الزعيم الراديكالي الرئيسي في مجلس الشيوخ أثناء إعادة الإعمار، كافح سومنر بشدة لتوفير حقوق مدنية وحقوق تصويتية متساوية للمحررين. كان يؤمن بأن مبدأ "موافقة المحكومين" هو مبدأ أساسي للجمهورية الأمريكية، ولذلك يجب أن يُمنح كل مواطن، بغض النظر عن عرقه، الحق في المشاركة السياسية الكاملة. كما سعى لمنع الكونفدراليين السابقين من استعادة السلطة السياسية، خشية أن يعكسوا المكاسب التي تحققت من انتصار الاتحاد في الحرب الأهلية. بالتعاون مع زعيم مجلس النواب ثاديوس ستيفنز، حارب سومنر خطط إعادة الإعمار التي وضعها الرئيس أندرو جونسون، والتي اعتبرها متساهلة للغاية مع الجنوب، وسعى لفرض برنامج جمهوري راديكالي يضمن حقوق السود ويُعيد هيكلة المجتمع الجنوبي بشكل جذري.
الصدام مع الرئيس يوليسيس جرانت وتدهور نفوذه
على الرغم من دعوته القوية لضم ألاسكا في مجلس الشيوخ، اتخذ سومنر موقفًا معارضًا لضم جمهورية الدومينيكان، التي كانت تُعرف آنذاك باسم عاصمتها سانتو دومينغو. رأى سومنر في محاولة الرئيس يوليسيس جرانت لضم سانتو دومينغو عام 1870 خطوة إمبريالية ومكلفة، وقد أدت معارضته الشديدة إلى هزيمة المعاهدة في مجلس الشيوخ. هذا الصدام أدى إلى قطيعة حادة بين سومنر وجرانت، وندد سومنر بجرانت بعبارات قاسية، معتبرًا المصالحة مستحيلة. في عام 1871، رد الرئيس جرانت ووزير خارجيته هاميلتون فيش على سومنر؛ فمن خلال مؤيدي جرانت في مجلس الشيوخ، تم إعفاء سومنر من منصبه كرئيس للجنة العلاقات الخارجية، وهو منصب كان يتمتع فيه بنفوذ كبير.
أصبح سومنر مقتنعًا بأن جرانت كان طاغية فاسدًا وأن نجاح سياسات إعادة الإعمار يتطلب قيادة وطنية جديدة. عارض سومنر بشدة إعادة انتخاب جرانت من خلال دعمه للمرشح الجمهوري الليبرالي هوراس جريلي في عام 1872. أدت هذه المواجهة إلى فقدان سومنر الكثير من نفوذه داخل الحزب الجمهوري. بعد أقل من عامين، توفي سومنر وهو لا يزال في منصبه.
إرث تشارلز سومنر
كان تشارلز سومنر شخصية مثيرة للجدل في عصره. حتى سيرة حياته الحائزة على جائزة بوليتزر لعام 1960 التي كتبها ديفيد هربرت دونالد وصفته بأنه "أناني متعجرف" و"زعيم سياسي غير فعال" مقارنة بزميله الأكثر براغماتية هنري ويلسون. ومع ذلك، وعلى الرغم من هذه الانتقادات، فقد تم تذكر سومنر بشكل إيجابي في النهاية، حيث أشار كاتب السيرة دونالد نفسه إلى مساهماته الكبيرة والمؤثرة في مكافحة العنصرية خلال عصر إعادة الإعمار. لقد كان سومنر مدافعًا لا يتزعزع عن المساواة العرقية والحقوق المدنية، وقد شكلت جهوده جزءًا حيويًا من النضال من أجل إعادة تعريف الأمة الأمريكية على أسس أكثر عدلاً وشمولية. وتقديرًا لإرثه، سُميت العديد من الأماكن في الولايات المتحدة باسمه.
الأسئلة المتكررة حول تشارلز سومنر
- من كان تشارلز سومنر؟
- كان تشارلز سومنر رجل دولة أمريكي بارز وعضوًا في مجلس الشيوخ عن ولاية ماساتشوستس (1851-1874). اشتهر بكونه قائدًا لقوى مكافحة العبودية في ولايته وزعيمًا للجمهوريين الراديكاليين خلال الحرب الأهلية الأمريكية وإعادة الإعمار.
- ما هو خطاب "الجريمة ضد كانساس"؟
- هو خطاب ناري مناهض للعبودية ألقاه تشارلز سومنر في مجلس الشيوخ عام 1856. انتقد فيه مشروع قانون كانساس-نبراسكا ووجه إهانات شخصية لبعض أعضاء مجلس الشيوخ الجنوبيين، مما أدى إلى حادثة الاعتداء عليه.
- ما هي حادثة الاعتداء على سومنر في مجلس الشيوخ؟
- في 22 مايو 1856، وبعد خطابه "الجريمة ضد كانساس"، تعرض سومنر لهجوم وحشي من قبل عضو الكونجرس بريستون بروكس الذي ضربه بعصا في قاعة مجلس الشيوخ. أدت الحادثة إلى إصابة سومنر بجروح خطيرة وزادت من الاستقطاب الوطني حول قضية العبودية.
- ما هو الدور الذي لعبه خلال الحرب الأهلية؟
- خلال الحرب الأهلية، كان سومنر زعيمًا للجمهوريين الراديكاليين، ودعا إلى إنهاء العبودية فورًا واتخذ موقفًا متشددًا تجاه الجنوب. كما كان له دور فعال في الشؤون الخارجية، حيث عمل على منع التدخل الأوروبي (خاصة بريطانيا وفرنسا) لصالح الكونفدرالية.
- ما هو موقفه خلال فترة إعادة الإعمار؟
- خلال إعادة الإعمار، كان سومنر في طليعة المدافعين عن حقوق المدنيين وحقوق التصويت للمحررين (العبيد المحررين حديثًا). عارض خطط الرئيس أندرو جونسون المتساهلة وسعى لفرض برنامج جمهوري راديكالي يضمن المساواة ويمنع الكونفدراليين السابقين من استعادة السلطة.
- لماذا اختلف مع الرئيس يوليسيس جرانت؟
- اختلف سومنر مع الرئيس جرانت حول قضية ضم سانتو دومينغو (جمهورية الدومينيكان حاليًا). عارض سومنر بشدة خطة الضم، مما أدى إلى هزيمتها في مجلس الشيوخ وإلى قطيعة تامة بين الرجلين. ردًا على ذلك، قام جرانت وأنصاره بإقالة سومنر من رئاسة لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ.
- كيف يُذكر تشارلز سومنر اليوم؟
- على الرغم من شخصيته المثيرة للجدل والنقد الذي وجه له في حياته وحتى بعد وفاته، يُذكر تشارلز سومنر اليوم بشكل إيجابي كمدافع قوي عن حقوق الإنسان والمساواة العرقية. تُعتبر مساهماته في مكافحة العبودية وتأكيد الحقوق المدنية خلال فترة إعادة الإعمار جزءًا أساسيًا من تاريخ الولايات المتحدة.