بياتريس ليلي ، ممثلة ومغنية وكاتبة كندية-إنجليزية (د. 1989)
بياتريس غلاديس ليلي (29 مايو 1894 - 20 يناير 1989)، المعروفة على نطاق واسع باسم بيا ليلي، كانت أيقونة بريطانية-كندية في عالم الفن الاستعراضي، حيث تألقت كممثلة، مغنية، وفنانة كوميدية لا تُنسى. وُلدت ليلي في تورنتو بكندا، ورحلت عن عالمنا في إنجلترا، لتترك وراءها إرثًا فنيًا غنيًا يمتد لعقود، وتميزت بأسلوبها الفريد الذي جمع بين الأناقة الراقية والفكاهة الساخرة والعبثية المحببة، مما جعلها نجمة بارزة على خشبة المسرح وعلى الشاشة في كلا جانبي المحيط الأطلسي.
بداياتها الفنية وصعودها للنجومية
بدأت بيا ليلي رحلتها الفنية في سن مبكرة جدًا، حيث صعدت على خشبة المسرح كطفلة بصحبة والدتها وشقيقتها في عروض فودفيل. هذا الانغماس المبكر في الأجواء المسرحية صقل موهبتها ومهّد لها الطريق نحو الشهرة. كانت لندن هي بوابتها الحقيقية إلى النجومية، ففي عام 1914، سجلت ظهورها الأول في مسارح "وست إند" المرموقة، وهو المعقل التاريخي للمسرح البريطاني، وذلك في إحدى المسرحيات الاستعراضية التي كانت تحظى بشعبية جارفة آنذاك. لم يمر وقت طويل حتى اكتسبت ليلي شهرة واسعة في مجال المسرحيات الاستعراضية (Revues) والكوميديا الخفيفة، التي سمحت لها بإظهار تنوع مواهبها. تميزت عروضها بقدرتها الفائقة على محاكاة الأنماط المسرحية القديمة والمبالغ فيها ببراعة فكاهية لاذعة، إلى جانب تقديم أغاني ورسومات كوميدية سخيفة لا تُنسى، مما رسخ مكانتها كواحدة من أبرز نجمات عصرها.
"ملكة العبث": أسلوبها الكوميدي الفريد
كانت بيا ليلي معروفة بلقب "ملكة العبث" (The Queen of Nonsense)، وهو لقب استحقه عن جدارة بفضل أسلوبها الكوميدي الفريد الذي جمع بين الرقي والسخرية والجنون المرح. كانت بارعة في استخدام لغة الجسد، وتعبيرات الوجه الدقيقة، ونبرة الصوت المتنوعة لتقديم شخصيات كوميدية لا تُنسى. غالبًا ما كانت تسخر من التقاليد المسرحية الجامدة والمبالغات الفنية، محولة إياها إلى لحظات ضحك ذكية ومبتكرة. أغانيها السخيفة ورسوماتها الكوميدية كانت تعتمد على المفاجأة والذكاء، مقدمةً نوعًا من الفكاهة التي تتجاوز مجرد الإضحاك لتلامس روح الدعابة الخفيفة والعبثية الجميلة، وتظهر تناقضًا بين مظهرها الأنيق وسلوكها المرح والجنوني على المسرح، مما جعل جمهورها يقع في غرامها.
مسيرة عابرة للمحيطات وتعاونات بارزة
لم تقتصر موهبة بيا ليلي على المسارح البريطانية فحسب، بل سرعان ما عبرت المحيط الأطلسي لتجذب انتباه الجمهور الأمريكي. ففي عام 1924، قدمت أول عروضها في نيويورك، لتخطو بذلك أولى خطواتها نحو مسيرة فنية عالمية. وبعد عامين فقط من ظهورها الأول في نيويورك، تألقت في أول أدوارها السينمائية، موسعةً بذلك نطاق تأثيرها الفني لتشمل الشاشة الكبيرة. استمرت ليلي في تقديم عروضها بنجاح باهر في كل من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، لتصبح نجمة عابرة للقارات ومطلوبة على مدار العام. وقد ارتبط اسمها بالعديد من الأعمال الفنية الخالدة ومع كبار المبدعين في مجال المسرح والموسيقى، مثل المسرحيات الاستعراضية التي قدمها المنتج الشهير أندريه شارلوت، الذي ساهم في إطلاق شهرتها. كما تعاونت مع الكاتب المسرحي والملحن المبدع نويل كوارد، الذي كتب لها العديد من الأغاني والفقرات الكوميدية، وكذلك مع الملحن الأسطوري كول بورتر، الذي غنت من ألحانه مجموعة من أشهر أغانيها. هذه التعاونات أثرت مسيرتها ومنحتها الفرصة لإظهار تنوع مواهبها الفنية.
شراكات فنية لا تُنسى
خلال مسيرتها الفنية الطويلة، شاركت بيا ليلي خشبة المسرح والشاشة مع عدد من ألمع نجوم عصرها، وشكلت معهم ثنائيات فنية لا تُنسى. من أبرز هؤلاء النجوم كانت الممثلة البريطانية الكوميدية المرموقة جيرترود لورانس، التي غالبًا ما كانت تشاركها العروض الاستعراضية، حيث كان التناغم بينهما يولد سحرًا خاصًا على المسرح ويعكس صداقة قوية خارج الأضواء. كما تعاونت ليلي بشكل متكرر مع الكوميدي الأمريكي الشهير بيرت لار، المعروف بدوره كـ "الأسد الجبان" في فيلم "ساحر أوز" الأيقوني، ومع الممثل والكوميدي جاك هالي، الذي اشتهر بدور "الرجل الصفيح" في الفيلم ذاته. هذه الشراكات الفنية أضافت عمقًا وتنوعًا لأعمالها وعززت مكانتها في عالم الكوميديا، مقدمةً لجمهورها لحظات لا تُنسى من الترفيه.
مساهماتها خلال الحرب العالمية الثانية
لم تكن بيا ليلي فنانة ترفيهية فحسب، بل كانت أيضًا وطنية ملتزمة، وقد برز ذلك بوضوح خلال أحلك الفترات التاريخية. فخلال الحرب العالمية الثانية، لعبت دورًا محوريًا كفنانة متأصلة في صفوف القوات المسلحة، حيث كرست وقتها وجهدها لتقديم عروض ترفيهية للجنود والمصابين في المستشفيات والمواقع العسكرية في جميع أنحاء بريطانيا. كانت هذه العروض بمثابة جرعة من الأمل والبهجة والضحك في زمن يسوده اليأس والشدة، ورفعت من الروح المعنوية للجنود بشكل كبير، مما أظهر جانبًا إنسانيًا عميقًا في شخصيتها ومسيرتها الفنية، وعزز مكانتها كشخصية محبوبة ومقدرة.
مسيرتها اللاحقة وتكريمها
واصلت بيا ليلي تألقها في سنواتها اللاحقة، حيث استمرت في إبهار الجماهير بأدائها المتقن وحضورها المسرحي الكاريزمي. وفي عام 1953، بلغت قمة التكريم المهني بحصولها على جائزة توني المرموقة، وهي أرقى جائزة في عالم المسرح الأمريكي، وذلك عن أدائها المتميز في المسرحية الاستعراضية الناجحة "أمسية مع بياتريس ليلي" (An Evening with Beatrice Lillie). لم تكن هذه الجائزة مجرد تكريم لمسيرتها الطويلة وعطاءاتها الفنية، بل كانت اعترافًا بعبقريتها الفنية وقدرتها على إبقاء الجمهور مفتونًا بذكائها وحضورها المسرحي الفريد حتى مراحل متقدمة من حياتها. استمرت ليلي في الأداء بشكل متقطع حتى السبعينات، تاركةً بصمة لا تُمحى في قلوب وعقول جمهورها.
إرثها وتأثيرها الدائم
تركت بيا ليلي بصمة لا تُمحى في عالم الكوميديا والفن الاستعراضي، حيث يُنظر إليها على أنها واحدة من أعظم الفنانات الكوميديات في القرن العشرين. بفضل أسلوبها الذي جمع بين السخرية الراقية والعبثية الجذابة، ألهمت أجيالًا من الفنانين، وساهمت في تشكيل مفهوم الكوميديا الحديثة. إرثها لا يزال حاضرًا في الذاكرة الفنية، وشخصيتها الفريدة تظل مصدر إلهام لكل من يقدر الفكاهة الذكية والأداء المسرحي الآسر، مما يضمن لها مكانة خالدة في تاريخ الفنون الاستعراضية.
الأسئلة المتكررة حول بياتريس ليلي
- من هي بياتريس ليلي؟
- بياتريس غلاديس ليلي، المعروفة باسم بيا ليلي، كانت ممثلة ومغنية وفنانة كوميدية بريطانية-كندية المولد، اشتهرت بأسلوبها الفكاهي الفريد وأدائها المسرحي الآسر على مسارح وست إند وبرودواي.
- ما هو اللقب الذي اشتهرت به بيا ليلي؟
- اشتهرت بلقب "ملكة العبث" (The Queen of Nonsense) بفضل أسلوبها الكوميدي الذي جمع بين الرقي والسخرية والجنون المرح، وتعبيرات الوجه ولغة الجسد البارعة.
- ما هي أبرز أعمالها الفنية أو تعاوناتها؟
- ارتبط اسمها بمسرحيات أندريه شارلوت الاستعراضية، وأعمال الكاتب نويل كوارد، وأغاني الملحن كول بورتر. كما فازت بجائزة توني المرموقة عن مسرحية "أمسية مع بياتريس ليلي" عام 1953.
- هل شاركت بيا ليلي في جهود الحرب العالمية الثانية؟
- نعم، خلال الحرب العالمية الثانية، كانت فنانة متأصلة في القوات، حيث قدمت عروضًا ترفيهية للجنود والمصابين في المستشفيات والمواقع العسكرية لرفع معنوياتهم.
- مع من كانت بيا ليلي تتشارك الأداء غالبًا؟
- كثيرًا ما كانت تقترن مع فنانين بارزين مثل الممثلة جيرترود لورانس، والكوميدي بيرت لار (الأسد الجبان)، والممثل جاك هالي (الرجل الصفيح)، خاصة في الأعمال الاستعراضية.