الحرب العالمية الثانية: انقلاب المقاومة الفرنسية في الجزائر ، حيث قام 400 مواطن فرنسي مدني بتحييد الفيلق التاسع عشر للجيش الفيشي بعد 15 ساعة من القتال ، واعتقل العديد من الجنرالات الفيشيين ، مما سمح بالنجاح الفوري لعملية الشعلة في الجزائر العاصمة.

الحرب العالمية الثانية، التي غالبًا ما يُشار إليها بالاختصار "الحرب العالمية الثانية" أو "الحرب الكبرى"، كانت صراعًا عالميًا لا مثيل له في تاريخ البشرية، امتد من عام 1939 إلى عام 1945. لقد كانت حقبة عصفت بالعديد من الدول حول العالم، وشملت تقريبًا جميع القوى العظمى التي انقسمت إلى تحالفين عسكريين متناقضين: قوى الحلفاء وقوى المحور. لم تكن هذه مجرد حرب بين جيوش، بل كانت حربًا شاملة شارك فيها بشكل مباشر أكثر من 100 مليون فرد من أكثر من 30 دولة، حيث لم تتردد الأطراف الرئيسية في توجيه كامل قدراتها الاقتصادية والصناعية والعلمية لخدمة المجهود الحربي، مما أزال أي حدود واضحة بين الموارد المدنية والعسكرية.

في هذا الصراع، لعبت الطائرات دورًا محوريًا، حيث سهلت القصف الاستراتيجي للمراكز السكانية وأدت إلى الاستخدامين الوحيدين للأسلحة النووية في تاريخ الحروب. لكن التكلفة البشرية كانت باهظة؛ فقد كانت الحرب العالمية الثانية بحق أكثر الصراعات دموية في تاريخ البشرية، حيث أودت بحياة ما يقدر بنحو 70 إلى 85 مليون شخص، غالبيتهم العظمى من المدنيين. سقط عشرات الملايين ضحايا للإبادة الجماعية، بما في ذلك المحرقة اليهودية (الهولوكوست) المروعة، فضلاً عن المجاعات والمجازر والأمراض التي تفشت في أتون الحرب. وبعد هزيمة قوى المحور، تم احتلال ألمانيا واليابان، وشهدت المحاكمات الدولية لقادة هذه الدول بتهم ارتكاب جرائم حرب بداية جديدة لمفهوم العدالة الدولية.

جذور الصراع وتمدده

على الرغم من أن الأسباب الدقيقة للحرب العالمية الثانية لا تزال محل نقاش بين المؤرخين، إلا أن هناك إجماعًا على أن مجموعة معقدة من العوامل ساهمت في اندلاعها. من بين هذه العوامل تبرز الحرب الإيطالية الإثيوبية الثانية، والحرب الأهلية الإسبانية، والحرب الصينية اليابانية الثانية، والصراعات الحدودية السوفيتية اليابانية، إلى جانب التوترات الأوروبية المتزايدة التي لم تُحل بشكل كامل منذ الحرب العالمية الأولى. يُعتقد عمومًا أن الشرارة التي أشعلت الحرب كانت في 1 سبتمبر 1939، عندما اجتاحت ألمانيا النازية، بقيادة أدولف هتلر، بولندا. ردًا على ذلك، أعلنت المملكة المتحدة وفرنسا الحرب على ألمانيا في 3 سبتمبر، لتنطلق بذلك عجلة الصراع.

قبل ذلك بفترة وجيزة، وتحديدًا في أغسطس 1939، كانت ألمانيا والاتحاد السوفيتي قد أبرمتا "ميثاق مولوتوف-ريبنتروب"، وهو اتفاقية عدم اعتداء تضمنت بروتوكولات سرية لتقسيم بولندا وتحديد "مناطق نفوذهما" في فنلندا وإستونيا ولاتفيا وليتوانيا ورومانيا. من أواخر عام 1939 إلى أوائل عام 1941، وفي سلسلة سريعة من الحملات العسكرية والمعاهدات، غزت ألمانيا أو سيطرت على جزء كبير من أوروبا القارية، مشكلةً بذلك تحالف المحور مع إيطاليا واليابان (لتنضم إليهما دول أخرى لاحقًا). بعد بدء الحملات في شمال إفريقيا وشرق إفريقيا، وسقوط فرنسا في منتصف عام 1940، استمرت الحرب بشكل رئيسي بين قوى المحور الأوروبي والإمبراطورية البريطانية، وشملت صراعات ضارية في البلقان، ومعركة بريطانيا الجوية الحاسمة، والهجوم الألماني الخاطف (البلتز) على المملكة المتحدة، ومعركة الأطلسي التي هدفت للسيطرة على طرق الإمداد البحرية. وفي 22 يونيو 1941، قادت ألمانيا قوى المحور الأوروبي في غزو هائل للاتحاد السوفيتي، فاتحةً بذلك الجبهة الشرقية، التي ستصبح أكبر مسرح بري للحرب في التاريخ وأكثرها دموية.

في المقابل، كانت اليابان، التي تسعى للهيمنة على آسيا والمحيط الهادئ، في حالة حرب مع جمهورية الصين منذ عام 1937. وفي ديسمبر 1941، شنت اليابان هجمات شبه متزامنة على الأراضي الأمريكية والبريطانية في جنوب شرق آسيا والمحيط الهادئ الأوسط، كان أبرزها الهجوم المفاجئ على الأسطول الأمريكي في بيرل هاربور. هذا الهجوم دفع الولايات المتحدة لإعلان الحرب ضد اليابان، وسرعان ما أعلنت قوى المحور الأوروبية الحرب على الولايات المتحدة تضامنًا. تمكنت اليابان في البداية من السيطرة على جزء كبير من غرب المحيط الهادئ، لكن تقدمها توقف في عام 1942 بعد خسارة معركة ميدواي البحرية الحاسمة. وفي الوقت نفسه، بدأت قوى المحور في أوروبا تواجه انتكاسات، حيث هُزمت ألمانيا وإيطاليا في شمال إفريقيا وفي معركة ستالينجراد المدمرة في الاتحاد السوفيتي.

شكلت الانتكاسات الكبرى في عام 1943 - بما في ذلك سلسلة من الهزائم الألمانية على الجبهة الشرقية، وغزوات الحلفاء لجزيرة صقلية والبر الرئيسي الإيطالي، والهجمات المضادة الحاسمة للحلفاء في المحيط الهادئ - نقطة تحول، حيث فقدت قوى المحور زمام المبادرة وأُجبرت على التراجع الاستراتيجي على جميع الجبهات. في عام 1944، غزا الحلفاء الغربيون فرنسا التي كانت تحت الاحتلال الألماني، بينما استعاد الاتحاد السوفيتي خسائره الإقليمية وتقدم نحو ألمانيا وحلفائها. وخلال عامي 1944 و1945، عانت اليابان من انتكاسات متتالية في البر الرئيسي لآسيا، بينما شل الحلفاء البحرية اليابانية واستولوا على جزر رئيسية في غرب المحيط الهادئ، مقتربين تدريجياً من الأراضي اليابانية.

نهاية الحرب وتشكيل عالم جديد

وصلت الحرب في أوروبا إلى نهايتها مع تحرير الأراضي التي احتلتها ألمانيا، وغزو ألمانيا نفسها من قبل الحلفاء الغربيين والاتحاد السوفيتي. بلغت هذه المرحلة ذروتها بسقوط برلين في أيدي القوات السوفيتية، وانتحار أدولف هتلر، واستسلام ألمانيا غير المشروط في 8 مايو 1945. أما في آسيا، فبعد "إعلان بوتسدام" الصادر عن الحلفاء في 26 يوليو 1945، والذي طالب اليابان بالاستسلام الفوري، ورفض اليابان لهذه الشروط، اتخذت الولايات المتحدة قرارًا تاريخيًا بإسقاط أول قنبلتين ذريتين على مدينتي هيروشيما اليابانية في 6 أغسطس، وناغازاكي في 9 أغسطس. وفي مواجهة الغزو الوشيك للأرخبيل الياباني، واحتمال وقوع المزيد من الهجمات النووية، وإعلان الاتحاد السوفيتي دخوله الحرب ضد اليابان عشية غزو منشوريا، أعلنت اليابان في 15 أغسطس نيتها الاستسلام، ثم وقعت وثيقة الاستسلام الرسمية في 2 سبتمبر 1945، لتتوج بذلك الانتصار الكامل للحلفاء في آسيا وتُسدل الستار على هذه الحرب المدمرة.

لقد غيرت الحرب العالمية الثانية المشهد السياسي والبنية الاجتماعية للعالم بشكل جذري. ففي أعقاب الدمار الواسع النطاق، تم تأسيس منظمة الأمم المتحدة (UN) بهدف تعزيز التعاون الدولي ومنع النزاعات المستقبلية، حيث أصبحت القوى العظمى المنتصرة - وهي الصين وفرنسا والاتحاد السوفيتي والمملكة المتحدة والولايات المتحدة - أعضاء دائمين في مجلس الأمن التابع لها. برز الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة كقوتين عظميين متنافستين، مما مهد الطريق لحرب باردة استمرت ما يقرب من نصف قرن، صراع إيديولوجي وجيوسياسي بارد. في أعقاب الدمار الأوروبي، تضاءل تأثير القوى الاستعمارية التقليدية، مما أدى إلى موجة واسعة من إنهاء الاستعمار في إفريقيا وآسيا. تحركت معظم البلدان التي دُمرت صناعاتها نحو الانتعاش الاقتصادي والتوسع، وبدأ التكامل السياسي والاقتصادي، خاصة في أوروبا، كمحاولة جماعية لإحباط الأعمال العدائية في المستقبل، وإنهاء العداوات التاريخية، وصياغة شعور بالهوية المشتركة والسلام الدائم.

عملية الشعلة: غزو الحلفاء لشمال إفريقيا الفرنسية

عملية الشعلة (Torch)، التي نُفذت بين 8 نوفمبر 1942 و16 نوفمبر 1942، كانت غزو الحلفاء لشمال إفريقيا الفرنسية خلال الحرب العالمية الثانية. هذه العملية مثلت حلاً وسطًا استراتيجيًا، فقد حققت الهدف البريطاني المتمثل في تحقيق النصر في شمال إفريقيا، بينما سمحت للقوات المسلحة الأمريكية بفرصة الانخراط في القتال ضد ألمانيا النازية على نطاق محدود ومحسوب. كانت هذه العملية بمثابة أول مشاركة جماعية واسعة النطاق للقوات الأمريكية في المسرح الأوروبي شمال الأفريقي، وشهدت أيضًا أول هجوم جوي كبير يُنفذ من قبل الولايات المتحدة.

على الرغم من أن المستعمرات الفرنسية في شمال إفريقيا كانت متحالفة رسميًا مع ألمانيا عبر حكومة فيشي الفرنسية الموالية لألمانيا، إلا أن ولاءات السكان المحليين والقوات الفرنسية هناك كانت مختلطة ومعقدة. أشارت التقارير الاستخباراتية للحلفاء إلى إمكانية دعمهم للحلفاء في حالة الغزو. بناءً على هذه المعلومات، خطط الجنرال الأمريكي دوايت أيزنهاور، القائد الأعلى لقوات الحلفاء في مسرح عمليات البحر الأبيض المتوسط، لهجوم ثلاثي المحاور. استهدفت هذه الهجمات الدار البيضاء (في الغرب)، ووهران (في الوسط)، والجزائر العاصمة (في الشرق). كانت الخطة تهدف بعد تأمين هذه المدن إلى التحرك السريع في تونس لمحاصرة قوات المحور (التي عُرفت بفيلق إفريقيا) في شمال إفريقيا من الغرب، بالتزامن مع تقدم قوات الحلفاء من مصر في الشرق، وبالتالي القضاء عليها.

عند تنفيذ العملية، واجهت فرقة العمل الغربية التابعة لعملية الشعلة، والتي استهدفت الدار البيضاء، مقاومة غير متوقعة من القوات الفرنسية التابعة لفيشي، بالإضافة إلى سوء الأحوال الجوية العاصفة التي أعاقت التقدم. ومع ذلك، تمكنت الدار البيضاء، التي كانت القاعدة البحرية الأطلسية الفرنسية الرئيسية، من الاستيلاء عليها بعد حصار قصير نسبيًا. أما فرقة العمل المركزية، التي كانت تستهدف وهران، فقد تعرضت بعض سفنها لأضرار عند محاولتها الهبوط في المياه الضحلة، لكنها نجحت في إغراق أو طرد السفن الفرنسية المدافعة. استسلمت وهران في النهاية بعد قصف مكثف من قبل البوارج البريطانية. في الجزائر العاصمة، شهدت المدينة محاولة انقلاب ناجحة قامت بها المقاومة الفرنسية المحلية المؤيدة للحلفاء، وحتى على الرغم من رفع التأهب المتأخر في قوات فيشي، واجهت فرقة العمل الشرقية معارضة أقل نسبيًا وتمكنت من الدفع إلى الداخل وإجبار القوات الفرنسية على الاستسلام في اليوم الأول من الغزو.

دفع نجاح عملية الشعلة الأدميرال فرانسوا دارلان، قائد القوات الفرنسية الفيشية الذي كان متواجدًا في الجزائر العاصمة آنذاك، إلى التعاون مع الحلفاء. مقابل تعيينه "كمفوض سام" (مفوض سام للمدنية والعسكرية)، احتفظ العديد من مسؤولي فيشي بوظائفهم. ومع ذلك، اغتيل دارلان بعد فترة وجيزة، وبدأت القوات الفرنسية الحرة، بقيادة الجنرال شارل ديغول، في الهيمنة تدريجياً على الحكومة الفرنسية في شمال إفريقيا، مما غير مسار الولاءات في المنطقة بشكل كبير.

أسئلة شائعة حول الحرب العالمية الثانية وعملية الشعلة

ما هي الأسباب الرئيسية لاندلاع الحرب العالمية الثانية؟
كانت الأسباب معقدة ومتعددة، وشملت التوترات المتصاعدة في أوروبا بعد الحرب العالمية الأولى، والعدوانية التوسعية لألمانيا النازية بقيادة هتلر، والطموحات الإمبريالية لليابان وإيطاليا. كما ساهمت صراعات إقليمية مثل الحرب الإيطالية الإثيوبية، والحرب الأهلية الإسبانية، والحرب الصينية اليابانية الثانية في تأجيج الأوضاع.
متى بدأت الحرب العالمية الثانية ومتى انتهت؟
بدأت الحرب العالمية الثانية في 1 سبتمبر 1939 بغزو ألمانيا لبولندا، وانتهت رسميًا في 2 سبتمبر 1945 بتوقيع اليابان وثيقة الاستسلام بعد إلقاء القنبلتين الذريتين على هيروشيما وناغازاكي.
من هم الأطراف الرئيسية في الحرب العالمية الثانية؟
كانت الأطراف الرئيسية هي الحلفاء، ويشملون المملكة المتحدة، الولايات المتحدة، الاتحاد السوفيتي، الصين، وفرنسا. وفي المقابل، كانت قوى المحور تتألف بشكل أساسي من ألمانيا، إيطاليا، واليابان، بالإضافة إلى دول أخرى كانت متحالفة معهم.
ما هو تقدير عدد ضحايا الحرب العالمية الثانية؟
تُعد الحرب العالمية الثانية أكثر الصراعات دموية في تاريخ البشرية، حيث قُدر عدد الوفيات بما يتراوح بين 70 إلى 85 مليون شخص، غالبيتهم العظمى من المدنيين، نتيجة للقتال المباشر، والإبادة الجماعية (مثل الهولوكوست)، والمجاعات، والأمراض.
ما هي عملية الشعلة وما أهميتها؟
عملية الشعلة كانت غزو الحلفاء لشمال إفريقيا الفرنسية في نوفمبر 1942. كانت مهمة لأنها فتحت جبهة ثانية ضد قوات المحور، سمحت للقوات الأمريكية بأول مشاركة قتالية واسعة النطاق في مسرح الحرب الأوروبي، ومهدت الطريق لتحرير شمال إفريقيا واستكمال غزو إيطاليا لاحقًا.
ما هي أبرز النتائج والتغيرات التي نتجت عن الحرب العالمية الثانية؟
نتج عن الحرب العالمية الثانية تشكيل الأمم المتحدة، بروز الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي كقوتين عظميين وبداية الحرب الباردة، تراجع القوى الاستعمارية التقليدية وموجة واسعة من إنهاء الاستعمار في آسيا وإفريقيا، وإعادة بناء الاقتصادات المدمرة، وظهور حركات التكامل الاقتصادي والسياسي، خاصة في أوروبا.