مرحباً بكم في عالم مهرجان ثايبوسام، احتفال حيوي ومتعدد الأوجه متجذر بعمق في التقاليد الغنية للثقافة التاميلية. هذا المهرجان ليس مجرد يوم عطلة، بل هو تعبير قوي عن الإيمان والتفاني والتكفير عن الذنوب، ويجذب آلاف المصلين من جميع أنحاء العالم. يُحتفل بثايبوسام تخليداً لذكرى انتصار الخير على الشر، وتحديداً هزيمة "سورابادما" الشرير على يد إله الحرب الهندوسي المهيب "كارتيكيا"، المعروف أيضاً بأسماء "موروغان" أو "سكاند" بين التاميل.
يتزامن هذا المهرجان عادةً مع اكتمال القمر في شهر "تاي" (Thai) من التقويم التاميلي، وهو الشهر العاشر في هذا التقويم القمري الشمسي. يقع شهر "تاي" عادةً في الفترة ما بين يناير وفبراير وفقاً للتقويم الغريغوري. يُعرف اليوم المحدد للاحتفال بيوم "بوسام" (Pusam)، وهو اسم نجمة "بوشيا" (Pushya) في الأبراج الفلكية الهندوسية، عندما يكون القمر في أقرب نقطة من هذه النجمة، مما يضيف بعداً فلكياً وروحياً خاصاً للمناسبة.
القصة الأسطورية: انتصار الفيل الإلهي
في قلب مهرجان ثايبوسام تكمن القصة الأسطورية للإله كارتيكيا، الابن الأصغر للإله شيفا والإلهة بارفاتي. يجسد كارتيكيا الشجاعة والحكمة والجمال، وهو قائد جيوش الآلهة. كان الطاغية الشرير "سورابادما"، وهو أسورا (شيطان) يمتلك قوى هائلة، قد ألحق الدمار بالكون ويرهب الآلهة والبشر على حد سواء. لم يتمكن أي إله آخر من هزيمته بسبب مباركة خاصة حصل عليها.
لذلك، وُلِد كارتيكيا بقدرات إلهية ليقضي على هذا الشر. في يوم الاحتفال بثايبوسام، يُعتقد أن والدته بارفاتي قد منحته "الفيل" (Vel) المقدس، وهو رمح إلهي لا يُقهر يرمز إلى القوة المطلقة والنور الإلهي القادر على تبديد الظلام والجهل. بهذا الفيل، خاض كارتيكيا معركته ضد سورابادما وانتصر عليه، محققاً السلام والنظام الكوني. يمثل هذا الانتصار تجسيداً لقهر الأنا والجهل والشر بالمعرفة والوعي والقوة الإلهية.
احتفال عالمي بلمسة تاميلية
يُعد مهرجان ثايبوسام عطلة وطنية في العديد من البلدان التي تحتضن جاليات تاميلية كبيرة ونابضة بالحياة. من أبرز هذه الدول:
- ماليزيا: يُحتفل به بحماس كبير، خاصة في كهوف باتو (Batu Caves) خارج كوالالمبور، حيث يتجمع مئات الآلاف من المصلين. تُزين التماثيل الضخمة للإله موروغان الموقع، وتصبح السلالم المؤدية إلى الكهوف مشهداً مذهلاً من الألوان والتفاني.
- سريلانكا: حيث تُعد الثقافة التاميلية جزءاً لا يتجزأ من النسيج الاجتماعي، ويشهد المهرجان مواكب حاشدة وصلوات في المعابد في جميع أنحاء الجزيرة.
- جمهورية موريشيوس: كدولة ذات تعددية ثقافية ودينية، تحتفل الجالية التاميلية بثايبوسام بأجواء من التآزر والاحتفال المشترك.
ومع ذلك، شهدت سنغافورة تغييرات في وضع المهرجان؛ فقد تمت إزالة مهرجان "ثايبوسام" من قائمة الأعياد الوطنية في إطار مراجعة أوسع للسياسات الحكومية بهدف تحسين القدرة التنافسية للاقتصاد من خلال تقليل عدد العطلات الرسمية، مع الحفاظ على الاعتراف بأهميته الثقافية والدينية للجالية التاميلية.
طقوس التفاني والتكفير: "الكافادي"
أحد أبرز مظاهر مهرجان ثايبوسام وأكثرها إثارة للإعجاب هو تقليد حمل "الكافادي". كلمة "كافادي" (Kavadi) تعني "العبء" أو "الحمل" باللغة التاميلية، وهي بنية خشبية أو معدنية مزينة بشكل متقن بالزهور وريش الطاووس (الطاووس هو طائر الإله كارتيكيا ومركبته)، والتي يرفعها المتعبدون على أكتافهم. لا يقتصر الأمر على حمل الكافادي، بل يتبعها رقصة تُعرف بـ "كافادي أتام". يمثل حمل الكافادي نذراً يُقدم للإله موروغان (كارتيكيا) طلباً للمساعدة، أو وفاءً لوعود قُطعت، أو للتكفير عن الذنوب.
يتطلب هذا الفعل إعداداً روحياً وجسدياً صارماً، يشمل الصيام والامتناع عن الشهوات (مثل اللحوم والكحول والعلاقات الجنسية) لمدة تتراوح بين 24 إلى 48 يوماً قبل المهرجان. يهدف هذا "الفيراتام" (Vratam)، أو نذر التقشف، إلى تطهير الجسد والعقل والروح قبل الاقتراب من الإله. يظهر المتعبدون الذين يحملون الكافادي مستويات مذهلة من التحمل الجسدي والروحي، فبعضهم يختار اختراق جلودهم بأسياخ صغيرة أو خطافات يعلقون بها الأوعية أو الفاكهة كنوع من التقشف الطوعي والتفاني العميق.
بالإضافة إلى الكافادي، يحمل العديد من المصلين "باال كودام" (Paal Kudam)، وهي أوعية صغيرة مملوءة بالحليب تُقدم كقرابين للإله. تُقام المواكب الصاخبة التي يشارك فيها الآلاف، ويُسمع فيها ترديد الترانيم والصلاة على إيقاع الموسيقى التقليدية، مثل "الناداسوارام" (Nadaswaram) و"الثافيل" (Thavil)، مما يخلق أجواءً روحانية وحيوية فريدة تعكس قوة الإيمان والوحدة المجتمعية.
أسئلة متكررة حول مهرجان ثايبوسام
- ما هو المعنى الروحي لمهرجان ثايبوسام؟
- يرمز مهرجان ثايبوسام إلى انتصار القوى الإلهية على الشر، وتحديداً انتصار الإله كارتيكيا على الطاغية سورابادما. كما أنه يمثل يومًا للتكفير عن الذنوب، والتعبير عن الشكر، والبحث عن النعم الإلهية من خلال التقشف والتفاني.
- ما هي أهمية "الفيل" في مهرجان ثايبوسام؟
- "الفيل" هو الرمح الإلهي الذي تلقاه كارتيكيا من والدته الإلهة بارفاتي. يرمز إلى قوة الإله المطلقة، وقدرته على تدمير الشر، وإزالة العقبات، وتنوير طريق المتعبدين بالمعرفة والحكمة.
- لماذا يتم حمل "الكافادي"؟
- يُحمل "الكافادي" كشكل من أشكال النذر أو التضحية للإله موروغان (كارتيكيا)، إما لطلب المساعدة في التغلب على الصعوبات، أو للوفاء بوعد قُطع، أو للتكفير عن خطايا الماضي. إنه عمل تفاني عميق يتطلب استعداداً روحياً وجسدياً كبيراً.
- في أي البلدان يتم الاحتفال بثايبوسام كعطلة وطنية؟
- يُحتفل بثايبوسام كعطلة وطنية في ماليزيا وسريلانكا وجمهورية موريشيوس. في سنغافورة، تم إلغاء وضع العطلة الوطنية للمهرجان، لكن الجالية التاميلية لا تزال تحتفل به بحماس.