لمحة عن جون ويليام جوفمان: عالم ومدافع استثنائي
جون ويليام جوفمان (21 سبتمبر 1918 - 15 أغسطس 2007) كان شخصية بارزة جمعت بين شغف البحث العلمي والالتزام بالدفاع عن الصحة العامة. بروفيسور فخري في البيولوجيا الجزيئية والخلوية بجامعة كاليفورنيا في بيركلي، امتدت مسيرته المهنية لأكثر من ستة عقود، تاركًا بصمة عميقة في مجالات متنوعة من الفيزياء النووية وعلم الدهون إلى سياسات الصحة العامة.
ريادته في علم الدهون السريري
يُعد جوفمان أحد الرواد الحقيقيين في مجال علم الدهون السريري، وهو الفرع الطبي الذي يدرس الدهون في الدم وعلاقتها بالأمراض. في إنجاز علمي محوري، اكتشف جوفمان بالتعاون مع فرانك تي. ليندغرين البروتينات الدهنية، وهي جزيئات معقدة تحمل الدهون (مثل الكوليسترول والدهون الثلاثية) عبر مجرى الدم. وقد أثبت الفريق الذي قاده جوفمان في مختبر دونر بجامعة كاليفورنيا في بيركلي بشكل قاطع الدور المحوري لهذه البروتينات الدهنية في التسبب بأمراض القلب والشرايين، مما مهد الطريق لفهم أعمق لأحد أكثر الأمراض فتكًا في العالم. تقديرًا لجهوده الرائدة، كرمته "مجلة علم الدهون السريري" في عام 2007، بعد وفاته، بلقب "والد علم الدهون السريري"، وهو تكريم يعكس مدى تأثيره ودوره التأسيسي في هذا المجال.
إسهاماته في الفيزياء النووية ومشروع مانهاتن
قبل انخراطه العميق في علم الدهون والبيولوجيا، كانت أبحاث جوفمان الأولى تركز على الفيزياء والكيمياء النووية، وشملت مشاركة وثيقة في مشروع مانهاتن، البرنامج السري الذي أدى إلى تطوير الأسلحة النووية خلال الحرب العالمية الثانية. خلال هذه الفترة، اكتشف جوفمان العديد من النظائر المشعة، أبرزها اليورانيوم-233 وقابليته للانشطار، وهو اكتشاف كان له أهمية كبيرة في تطوير التكنولوجيا النووية. كان جوفمان من أوائل ثلاثة أشخاص عملوا مع البلوتونيوم في التاريخ، وقد قام بناءً على طلب من ج. روبرت أوبنهايمر، بتطوير عملية مبكرة لفصل البلوتونيوم عن نواتج الانشطار، مسهمًا بذلك في التقنيات الأساسية لمعالجة المواد النووية. لاحقًا، شغل منصب رئيس قسم البحوث الطبية الحيوية في مختبر ليفرمور الوطني، حيث كان في طليعة الأبحاث التي تربط بين تشوهات الكروموسومات وخطر الإصابة بالسرطان، وهو مجال يجمع بين اهتماماته النووية والبيولوجية.
الإشعاع ومخاطر السرطان: دعوته إلى نموذج "الخط اللاعتباري"
لعب جوفمان دورًا أساسيًا في توعية المجتمع العلمي لفيزياء الصحة بمدى مخاطر السرطان الناتجة عن التعرض للإشعاع المؤين. كان من أبرز الداعمين لاعتماد نموذج "الخط اللاعتباري" (LNT) كوسيلة لتقدير المخاطر الفعلية للإصابة بالسرطان من مستويات الإشعاع المنخفضة، وكأساس للمبادئ التوجيهية الدولية للحماية من الإشعاع. ينص هذا النموذج على أن أي جرعة من الإشعاع، مهما كانت صغيرة، تحمل بعض المخاطر، وأن المخاطر تزداد خطيًا مع زيادة الجرعة. ومع ذلك، وعلى الرغم من دعمه لنموذج LNT كأداة عملية للحماية، كانت استنتاجاته البحثية الخاصة تشير إلى أن العلاقة بين الجرعة والاستجابة (أي بين كمية الإشعاع والتأثير البيولوجي) لم تكن مجرد علاقة خطية، بل كانت "فوق خطية" (Supra-linear)، مما يعني أن الجرعات المنخفضة قد تكون لها آثار أكبر نسبيًا مما كان يُفترض في بعض النماذج الخطية البسيطة. هذا التفريق الدقيق يعكس عمق تفكيره النقدي والتزامه بالدقة العلمية.
مدافع عن الصحة العامة ومحذر من الطاقة النووية
في المراحل اللاحقة من حياته، تحول جون جوفمان ليصبح مدافعًا صريحًا وحازمًا، محذرًا من المخاطر المحتملة المرتبطة بالطاقة النووية وتأثيرات الإشعاع على صحة الإنسان. منذ عام 1971 فصاعدًا، ترأس لجنة المسؤولية النووية، وهي منظمة تهدف إلى رفع الوعي حول قضايا السلامة النووية والإشعاع. تقديرًا "لعمله الرائد في الكشف عن الآثار الصحية للإشعاع المنخفض المستوى"، لا سيما على سكان منطقة كارثة تشيرنوبيل، حصل جوفمان على جائزة الحق في العيش (Right Livelihood Award) المرموقة. في كتابه الصادر عام 1996، أثار جوفمان جدلاً واسعًا بادعائه بأن التعرض للأشعة السينية الطبية كان مسؤولاً عن ما يقرب من 75 بالمائة من حالات سرطان الثدي في الولايات المتحدة. وقد ربط هذا التقدير بزيادة ملحوظة في معدلات الإصابة بسرطان الثدي بعد برامج فحص التصوير الشعاعي للثدي (الماموغرام) في الولايات المتحدة وفرنسا، مما دفع إلى إعادة تقييم المخاطر والفوائد المحتملة لإجراءات التصوير الطبي.
أسئلة شائعة حول جون ويليام جوفمان
- من هو جون ويليام جوفمان؟
- كان جون ويليام جوفمان عالمًا ومدافعًا أمريكيًا، وبروفيسورًا فخريًا في البيولوجيا الجزيئية والخلوية بجامعة كاليفورنيا في بيركلي، معروفًا بإسهاماته في علم الدهون والفيزياء النووية والدفاع عن الصحة العامة.
- ما هي أبرز إسهاماته في علم الطب؟
- كان رائدًا في علم الدهون السريري، حيث اكتشف البروتينات الدهنية وأثبت دورها في أمراض القلب. كما أجرى أبحاثًا رائدة حول العلاقة بين تشوهات الكروموسومات والسرطان.
- ما هو دوره في مشروع مانهاتن؟
- شارك جوفمان في مشروع مانهاتن، حيث اكتشف اليورانيوم-233 وقابليته للانشطار، وكان من أوائل من عملوا مع البلوتونيوم، وابتكر عملية مبكرة لفصل البلوتونيوم عن نواتج الانشطار.
- ما هو نموذج الخط اللاعتباري (LNT) الذي دعمه؟
- هو نموذج يفترض أن أي جرعة من الإشعاع المؤين، مهما كانت صغيرة، تحمل خطرًا للإصابة بالسرطان، وأن الخطر يزداد خطيًا مع زيادة الجرعة. دعمه جوفمان كأساس للمبادئ التوجيهية للحماية من الإشعاع.
- لماذا أصبح مدافعًا عن قضايا الطاقة النووية؟
- في وقت لاحق من حياته، تولى جوفمان دورًا كمدافع يحذر من الأخطار التي تنطوي عليها الطاقة النووية والإشعاع المنخفض المستوى على صحة الإنسان.
- ما هي أبرز الجوائز التي حصل عليها؟
- حصل على جائزة الحق في العيش (Right Livelihood Award) عن "عمله الرائد في الكشف عن الآثار الصحية للإشعاع المنخفض المستوى" على سكان منطقة كارثة تشيرنوبيل.
- ماذا كانت ادعاءاته بخصوص الأشعة السينية الطبية؟
- في كتابه الصادر عام 1996، ادعى جوفمان أن التعرض للأشعة السينية الطبية كان مسؤولاً عن حوالي 75 بالمائة من حالات سرطان الثدي في الولايات المتحدة.

English
español
français
português
русский
العربية
简体中文 