يُعد غوستاف "غاس" لاسكاريس أفراكوتوس، المولود في 14 يناير 1938 والمتوفى في 1 ديسمبر 2005، شخصية محورية في تاريخ وكالة المخابرات المركزية الأمريكية (CIA)، حيث اشتهر بدوره كضابط عمليات بارع ورئيس فرقة العمل الأفغانية التابعة للوكالة. طوال مسيرته المهنية التي امتدت لعقود، ترك أفراكوتوس بصمة لا تُمحى على عدد من العمليات السرية الأكثر حساسية في فترة الحرب الباردة، لا سيما في اليونان وأفغانستان.
مسيرته المبكرة ودوره في اليونان
انضم غاس أفراكوتوس إلى وكالة المخابرات المركزية في أغسطس عام 1962، ليجد نفسه بعد عام واحد فقط، في عام 1963، منتقلًا للعمل في اليونان. شهدت هذه الفترة تقلبات سياسية عميقة في البلاد، فبعد الانقلاب اليوناني عام 1967 وتولي مجلس عسكري يميني متطرف للسلطة، أصبح أفراكوتوس نقطة الاتصال الرئيسية بين وكالة المخابرات المركزية والنظام الجديد. خلال سنوات قضاها في اليونان، عمل أفراكوتوس عن كثب مع المجلس العسكري، في فترة كانت تتسم بالحساسية الشديدة والاضطراب السياسي، مما منحه فهمًا عميقًا لديناميكيات المنطقة والعمليات السرية. استمرت هذه العلاقة الوثيقة حتى عودته إلى الولايات المتحدة في عام 1978.
مهندس عملية "سايكلون" في أفغانستان
بعد عودته إلى الولايات المتحدة، واصل أفراكوتوس عمله في وكالة المخابرات المركزية حتى أواخر عام 1982، عندما انتقل إلى مكتب الشرق الأدنى بالوكالة. هذا المنصب الجديد منحه مسؤولية الإشراف على عمليات الوكالة في أفغانستان، في وقت كانت فيه المنطقة على شفا تحولات جيوسياسية عميقة. في العام التالي، أصبح رئيسًا بالنيابة لمجموعة عمليات جنوب آسيا، وهو دور وضعه في قلب واحدة من أهم العمليات السرية في تاريخ وكالة المخابرات المركزية: "عملية سايكلون". كانت هذه العملية برنامجًا سريًا ضخمًا يهدف إلى تسليح وتمويل المجاهدين الأفغان في حربهم ضد الغزو السوفيتي لأفغانستان. أدرك أفراكوتوس أهمية هذه الحرب كساحة معركة حاسمة في الحرب الباردة، وعمل بلا كلل لدعم المقاومة الأفغانية.
تنسيق الدعم وبناء التحالفات
لإنجاح عملية "سايكلون"، اضطلع أفراكوتوس بدور حيوي في تأمين الأسلحة والذخائر للمجاهدين من مصادر متعددة حول العالم. لم يقتصر دوره على التنسيق اللوجستي، بل امتد ليشمل بناء تحالف دولي واسع النطاق. عمل أفراكوتوس بشكل وثيق مع النائب عن تكساس، تشارلي ويلسون، وهو شخصية سياسية ذات نفوذ وحماس، لتشكيل شبكة من المؤيدين الدوليين الذين التزموا بتمويل وتسليح وتدريب المجاهدين. هذا التحالف غير المسبوق، الذي جمع بين الدعم الأمريكي والموارد من دول أخرى، لعب دورًا حاسمًا في موازين القوى في الصراع الأفغاني، وساعد في إلحاق خسائر فادحة بالقوات السوفيتية.
سنواته الأخيرة ومغادرته الوكالة
في عام 1989، غادر أفراكوتوس وكالة المخابرات المركزية بعد نقله إلى قسم إفريقيا بالوكالة، وهو موقع كان يُعتبر غامضًا نسبيًا داخل المنظمة. جاء هذا النقل في أعقاب كتابته مذكرة قوية تعارض تورط وكالة المخابرات المركزية في قضية إيران-كونترا، وهي فضيحة سياسية كبرى. بعد مغادرته الوكالة، عمل أفراكوتوس في القطاع الخاص، أولاً مع شركة المقاولات الدفاعية TRW Inc.، ثم مع News Corporation. ولكنه عاد مجددًا للعمل مع وكالة المخابرات المركزية بصفة متعاقد بين عامي 1997 و2003، مما يدل على استمرار خبرته وقيمته للوكالة.
تراثه والاعتراف العام
على الرغم من دوره المحوري في عدد من العمليات السرية الحاسمة، ظل غاس أفراكوتوس شخصية غير معروفة إلى حد كبير للجمهور العام لسنوات عديدة. تغير هذا الوضع بشكل جذري في عام 2003، عندما نشر الصحفي جورج كرايل كتاب "حرب تشارلي ويلسون: القصة الاستثنائية لأكبر عملية سرية في التاريخ". هذا الكتاب، الذي وثق تورط الولايات المتحدة في الحرب السوفيتية الأفغانية، كشف النقاب عن التفاصيل الدقيقة لدور أفراكوتوس وأهميته. وبعد أربع سنوات، في عام 2007، تحول الكتاب إلى فيلم سينمائي بعنوان "حرب تشارلي ويلسون"، حيث جسد الممثل الشهير فيليب سيمور هوفمان شخصية أفراكوتوس ببراعة، مما جلب قصته وشخصيته إلى دائرة الضوء العالمية، وعزز مكانته كواحد من العقول المدبرة وراء كواليس السياسة الخارجية الأمريكية في فترة الحرب الباردة.
الأسئلة الشائعة (FAQs)
- من هو غوستاف "غاس" لاسكاريس أفراكوتوس؟
- كان غاس أفراكوتوس ضابط عمليات أمريكيًا ورئيس فرقة العمل الأفغانية لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية، واشتهر بدوره في العمليات السرية خلال الحرب الباردة، لا سيما في اليونان وعملية "سايكلون" في أفغانستان.
- ما هو دوره في اليونان؟
- بعد انضمامه إلى وكالة المخابرات المركزية في عام 1962 وانتقاله إلى اليونان في عام 1963، أصبح أفراكوتوس نقطة الاتصال الرئيسية بين الوكالة والمجلس العسكري اليوناني اليميني المتطرف الذي تولى السلطة في عام 1967، واستمر في هذا الدور حتى عام 1978.
- ما هي "عملية سايكلون"؟
- كانت "عملية سايكلون" برنامجًا سريًا لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية يهدف إلى تسليح وتمويل وتدريب المجاهدين الأفغان لمقاومة الغزو السوفيتي لأفغانستان في الثمانينيات، وكان أفراكوتوس مهندسًا رئيسيًا لهذه العملية.
- كيف تورط تشارلي ويلسون مع أفراكوتوس؟
- عمل غاس أفراكوتوس عن كثب مع النائب الأمريكي تشارلي ويلسون لبناء تحالف دولي قوي لتأمين التمويل والأسلحة والتدريب للمجاهدين الأفغان، مما كان حاسمًا لنجاح "عملية سايكلون".
- لماذا غادر غاس أفراكوتوس وكالة المخابرات المركزية؟
- غادر أفراكوتوس وكالة المخابرات المركزية في عام 1989 بعد نقله إلى قسم إفريقيا، وهو ما يُعتبر نقلًا تأديبيًا، إثر كتابته مذكرة تعارض تورط الوكالة في فضيحة إيران-كونترا.
- كيف أصبح أفراكوتوس معروفًا للجمهور؟
- لم يكن أفراكوتوس معروفًا على نطاق واسع حتى نشر كتاب جورج كرايل "حرب تشارلي ويلسون" عام 2003، والذي وثق دوره في أفغانستان. ثم تحول الكتاب إلى فيلم سينمائي عام 2007، حيث جسد فيليب سيمور هوفمان شخصيته، مما جلب قصته إلى الجمهور العالمي.

English
español
français
português
русский
العربية
简体中文