هاتي مكدانيل ممثلة أمريكية (ت 1952)

تُعد هاتي مكدانيل، التي وُلدت في 10 يونيو 1893 وتُوفيت في 26 أكتوبر 1952، اسمًا محفورًا بأحرف من نور في تاريخ الفن الأمريكي، لا سيما كرمز للريادة في مواجهة الصعاب. لم تكن مجرد ممثلة؛ بل كانت فنانة متعددة المواهب جمعت بين التمثيل والغناء وكتابة الأغاني والكوميديا، لتترك بصمة لا تُمحى على الرغم من التحديات الهائلة التي واجهتها كامرأة أمريكية من أصل أفريقي في عصر كان يعج بالفصل العنصري والتمييز.

صعدت مكدانيل سلم المجد التاريخي عندما أصبحت أول أمريكية من أصل أفريقي على الإطلاق تفوز بجائزة الأوسكار. هذا الإنجاز جاء تقديرًا لدورها الأيقوني في شخصية "مامي" في فيلم "ذهب مع الريح" (Gone with the Wind) عام 1939، حيث نالت جائزة الأوسكار لأفضل ممثلة مساعدة. لم يكن هذا الفوز مجرد تكريم شخصي لها، بل كان لحظة فارقة في تاريخ هوليوود ونقطة مضيئة في مسيرة النضال من أجل الاعتراف بالمواهب السوداء.

مسيرة فنية غنية ومتعددة الأوجه

وُلدت هاتي مكدانيل في ويتشيتا، كانساس، لعائلة تضم إحدى عشرة طفلاً. كان والدها عبدًا مُحررًا خدم في الحرب الأهلية الأمريكية، وكانت والدتها عاملة منزلية. انتقلت العائلة لاحقًا إلى دنفر، كولورادو، حيث بدأت هاتي تظهر مواهبها الفنية مبكرًا. تأثرت هاتي بأشقائها الأكبر سنًا الذين عملوا في مجال الترفيه، وبدأت مسيرتها الفنية في بداية القرن العشرين كمغنية في عروض المينسترل والمسارح المتجولة.

تألق في الموسيقى والإذاعة

قبل أن تقتحم عالم السينما، كانت هاتي مكدانيل نجمة في مجال الموسيقى والإذاعة. بين عامي 1926 و1929، سجلت 16 أغنية بلوز، أظهرت فيها صوتها القوي وحضورها الآسر. كانت كذلك رائدة في عالم الإذاعة، حيث حققت إنجازًا تاريخيًا كونها أول امرأة سوداء تغني على الراديو في الولايات المتحدة الأمريكية. فتحت هذه الخطوات الباب أمام الكثيرين بعدها، ومكنتها من بناء قاعدة جماهيرية واسعة قبل أن تنتقل إلى لوس أنجلوس في عام 1931 لتواجه تحديات الكساد الكبير.

نجمة الشاشة الكبيرة

على الرغم من ظهورها في أكثر من 300 فيلم، إلا أن سجلات الشاشة الرسمية لم تمنحها سوى 83 اعتمادًا فقط. كان هذا يعكس الواقع المرير الذي كان يواجهه الممثلون السود في ذلك الوقت، حيث كانت العديد من أدوارهم ثانوية أو غير معتمدة. لكن دورها في فيلم "ذهب مع الريح" عام 1939 غير كل شيء. في هذا الفيلم، جسدت مكدانيل شخصية "مامي" الخادمة الأمينة التي تعكس تعقيدات الحياة في الجنوب الأمريكي خلال الحرب الأهلية. قوبل الدور بإشادة واسعة، ولكنه أثار أيضًا جدلاً بين منظمات الحقوق المدنية التي رأت فيه تكريسًا لصور نمطية قديمة عن الأمريكيين الأفارقة.

صراع مع العنصرية والفصل العنصري

على الرغم من موهبتها الفذة ونجاحها الهائل، لم تسلم هاتي مكدانيل من ويلات العنصرية والفصل العنصري طوال حياتها المهنية وحتى بعد مماتها. كانت هذه الممارسات متغلغلة في المجتمع الأمريكي آنذاك، وخاصة في الجنوب.

حرمان من الاحتفال والتقدير

كانت إحدى أبرز فصول معاناتها هي حرمانها من حضور العرض الأول لفيلم "ذهب مع الريح" في أتلانتا. أقيم العرض في قاعة مخصصة للبيض فقط، وعلى الرغم من جهود المنتج ديفيد أو. سيلزنيك للسماح لها بالحضور، إلا أن القوانين الصارمة للفصل العنصري حالت دون ذلك. هذه الحادثة كانت تذكيرًا مؤلمًا بأن الإنجاز الفني لم يكن كافيًا لتجاوز الحواجز العرقية.

لم تتوقف المعاناة عند هذا الحد؛ ففي حفل توزيع جوائز الأوسكار في لوس أنجلوس، حيث توجت بجائزتها التاريخية، أُجبرت هاتي على الجلوس على طاولة منفصلة في جانب الغرفة، بعيدًا عن زملائها البيض. كانت هذه اللحظة، التي كان من المفترض أن تكون قمة مجدها، مشوبة بمرارة التمييز.

إرث لا يمحى وتكريم بعد الوفاة

توفيت هاتي مكدانيل في عام 1952 إثر إصابتها بسرطان الثدي. حتى في مماتها، لاحقتها ظلال العنصرية؛ فقد رُفض طلبها الأخير بأن تُدفن في مقبرة هوليوود الشهيرة، وذلك لأن المقبرة كانت مخصصة للبيض فقط في ذلك الوقت. دُفنت في النهاية في مقبرة أنجلوس راونديشن، ولكن في عام 1999، قام مالكو مقبرة هوليوود التذكارية (الاسم الجديد لمقبرة هوليوود) بوضع نصب تذكاري كبير لتخليد ذكراها في الموقع الذي كانت تتمنى أن تُدفن فيه، إقرارًا بإرثها الكبير وتصحيحًا لخطأ تاريخي.

توالت التكريمات لهاتي مكدانيل بعد وفاتها، مؤكدة مكانتها كأيقونة:

• لديها نجمتان في ممشى المشاهير بهوليوود: إحداهما لمساهماتها في السينما، والأخرى لمساهماتها في الراديو.
• في عام 1975، تم إدراجها في قاعة مشاهير صانعي الأفلام السوداء، وهو اعتراف مهم بدورها في تمهيد الطريق للأجيال اللاحقة من الفنانين السود.
• في عام 2006، أصبحت أول فائزة سوداء بجائزة الأوسكار يتم تكريمها بطابع بريد أمريكي، في إشارة إلى تأثيرها الثقافي الواسع.
• في عام 2010، أُدرجت في قاعة مشاهير نساء كولورادو، تكريمًا لجذورها وإسهاماتها.

إن قصة هاتي مكدانيل ليست مجرد سيرة ذاتية لفنانة، بل هي شهادة على القوة والمرونة في مواجهة الظلم، وإلهام دائم لكل من يسعى لتحقيق أحلامه رغم كل التحديات.

الأسئلة المتكررة (FAQs)

من هي هاتي مكدانيل؟

هاتي مكدانيل (1893-1952) كانت ممثلة ومغنية وكاتبة أغاني وكوميدية أمريكية، واشتهرت بأنها أول أمريكية من أصل أفريقي تفوز بجائزة الأوسكار.

ما هو الدور الذي فازت عنه هاتي مكدانيل بجائزة الأوسكار؟

فازت هاتي مكدانيل بجائزة الأوسكار لأفضل ممثلة مساعدة عن دورها في شخصية "مامي" في الفيلم الشهير "ذهب مع الريح" عام 1939.

لماذا كان فوز هاتي مكدانيل بالأوسكار تاريخيًا؟

كان فوزها تاريخيًا لأنها كانت أول أمريكية من أصل أفريقي، رجلاً أو امرأة، تفوز بجائزة الأوسكار في أي فئة، مما كسر حاجزًا كبيرًا في صناعة السينما.

هل واجهت هاتي مكدانيل تمييزًا عنصريًا؟

نعم، عانت هاتي مكدانيل من العنصرية والفصل العنصري طوال حياتها المهنية. فقد مُنعت من حضور العرض الأول لفيلم "ذهب مع الريح" في أتلانتا بسبب الفصل العنصري، وجلست على طاولة منفصلة في حفل توزيع جوائز الأوسكار.

ما هي إنجازات هاتي مكدانيل الأخرى بجانب التمثيل؟

بالإضافة إلى التمثيل، كانت هاتي مكدانيل مغنية بلوز بارعة وسجلت 16 أغنية، وكانت أيضًا شخصية إذاعية وتلفزيونية رائدة، وتُعد أول امرأة سوداء تغني في الراديو بالولايات المتحدة.

ماذا حدث لرغبة هاتي مكدانيل الأخيرة في الدفن؟

رُفضت رغبتها الأخيرة في أن تُدفن في مقبرة هوليوود لأنها كانت مقبرة مخصصة للبيض فقط في ذلك الوقت. ومع ذلك، تم تكريمها لاحقًا بنصب تذكاري في المقبرة ذاتها بعد سنوات.