تُعد الخطوط الجوية كانتاس المحدودة (Qantas Airways Limited)، التي تُعرف اختصارًا بـ "كانتاس"، الناقل الرسمي والمفخرة الجوية لأستراليا، حيث تتميز بكونها أكبر شركة طيران في البلاد من حيث حجم الأسطول التشغيلي، وعدد الرحلات الدولية، والوجهات التي تغطيها حول العالم. تتمتع كانتاس بتاريخ عريق يجعلها ثالث أقدم شركة طيران عاملة في العالم، إذ تأسست في شهر نوفمبر من عام 1920، بينما بدأت رحلات الركاب الدولية في تقديم خدماتها المعتادة اعتبارًا من مايو 1935. اسمها "كانتاس" هو في الأصل اختصار لعبارة "خدمات الطيران في الإقليم الشمالي وكوينزلاند" (Queensland and Northern Territory Aerial Services)، وهو يعكس مناطق كوينزلاند والإقليم الشمالي التي كانت تخدمها في بداياتها. وقد لُقبت الشركة شعبيًا بـ "الكنغر الطائر"، وهو لقب أيقوني يعكس هويتها الأسترالية الفريدة وقدرتها على التنقل السريع. يقع المقر الرئيسي لشركة كانتاس في ضاحية ماسكوت بسيدني، بالقرب من مركز عملياتها الرئيسي في مطار سيدني، وهي عضو مؤسس في تحالف الطيران العالمي الرائد Oneworld، الذي يربطها بشبكة واسعة من الشركات الجوية حول العالم. اعتبارًا من مارس 2014، كانت كانتاس تستحوذ على 65 بالمائة من السوق المحلية الأسترالية، وتنقل 14.9 بالمائة من جميع المسافرين من وإلى أستراليا، مما يؤكد مكانتها المهيمنة. ولتوسيع نطاق خدماتها، تدير كانتاس عدة شركات طيران فرعية، مثل "QantasLink" التي تخدم المراكز الإقليمية وبعض المسارات الرئيسية داخل أستراليا، كما تمتلك "Jetstar"، وهي شركة طيران منخفضة التكلفة تُشغل خدمات دولية من أستراليا وخدمات محلية ضمن أستراليا ونيوزيلندا، بالإضافة إلى امتلاكها حصصًا في عدد من شركات الطيران الأخرى التي تحمل علامة Jetstar التجارية.

تاريخ عريق: من النشأة إلى الريادة

تُعد كانتاس، بلا شك، أكبر وأبرز شركة طيران في أستراليا، وتعود جذورها إلى مدينة وينتون بولاية كوينزلاند، حيث تأسست في 16 نوفمبر 1920. سُجلت الشركة في البداية باسم "كوينزلاند والإقليم الشمالي لخدمات الطيران المحدودة" (Queensland and Northern Territory Aerial Services Limited) على يد رواد الطيران بول ماكجينيس والسير هدسون فيش والسير فيرجوس ماكماستر، الذي تولى منصب رئيس مجلس الإدارة. كما لعب آرثر بيرد دورًا حيويًا ككبير مهندسي الطائرات في بدايات الشركة. ومع مرور الوقت، غادر ماكجينيس كانتاس لمتابعة اهتمامات أخرى، بينما بقي هدسون فيش مخلصًا للشركة، حيث شغل مناصب المدير العام والمدير الإداري، وتقاعد لاحقًا في عام 1966 وهو يحمل لقب السير هدسون فيش KBE DFC، رئيس كانتاس.

التوسع المبكر والخدمات الرائدة

في الأيام الأولى، لم تقتصر عمليات الشركة على رحلات نقل الركاب التقليدية، بل شملت أيضًا خدمات سيارات الأجرة الجوية ورحلات المتعة، إلى جانب خدمات البريد الجوي المدعومة حكوميًا من قبل الحكومة الأسترالية، والتي كانت تربط خطوط السكك الحديدية في غرب كوينزلاند، مما ساهم في تعزيز التواصل في المناطق النائية. بين عامي 1926 و 1928، قامت كانتاس بإنجاز ملحوظ ببناء العديد من طائراتها في لونج ريتش، وأجرت الرحلة الافتتاحية لخدمة الأطباء الطائرين الملكية الأسترالية (Royal Flying Doctor Service) التي انطلقت من كلونكوري، لتضع بذلك حجر الأساس لخدمات إنسانية بالغة الأهمية. وفي عام 1934، شهدت الشركة خطوة توسعية كبيرة بتأسيس "Qantas Empire Airways Limited (QEA)" بالتعاون مع الخطوط الجوية الإمبراطورية البريطانية، لتدشين عهد جديد من السفر الدولي. بدأت الرحلات الدولية فعليًا في مايو 1935، مع تمديد الخدمة من داروين إلى سنغافورة. ومع أن الحرب العالمية الثانية عطلت السفر الجوي بشكل كبير حتى عام 1943، إلا أن كانتاس واصلت توسيع عملياتها لاحقًا، بما في ذلك تقديم خدمات القوارب الطائرة.

التأميم والدخول في العصر الذهبي

في عام 1947، جرى تأميم QEA، حيث قامت حكومة العمال الأسترالية بشراء جميع الأسهم، لتصبح الشركة ملكًا وطنيًا. في نفس العام، استلمت الشركة طائرات لوكهيد L-749 كونستليشن الأيقونية، وتولت تشغيل الطريق الرئيسي الحيوي إلى لندن. وفي عام 1958، حققت كانتاس إنجازًا تاريخيًا لتصبح ثاني شركة طيران في العالم تُكمل رحلة حول العالم، حيث حلقت غربًا من أستراليا إلى لندن عبر آسيا والشرق الأوسط، مما رسخ مكانتها كقوة عالمية في صناعة الطيران.

حقبة الطائرات النفاثة والابتكار

شهد عام 1956 طلب كانتاس على طائرة الركاب بوينج 707-138، وتم تسليم أول طائرة منها في يونيو 1959، لتبدأ معها حقبة الطيران النفاث في الشركة. انطلقت أول خدمة نفاثة تشغلها كانتاس في 29 يوليو 1959 من سيدني إلى سان فرانسيسكو عبر نادي وهونولولو، مما فتح آفاقًا جديدة للسفر عبر المحيط الهادئ. وفي 5 سبتمبر 1959، أصبحت كانتاس ثالث شركة طيران تحلق بطائرات نفاثة عبر شمال المحيط الأطلسي، مؤكدة ريادتها التكنولوجية. وفي خطوة لتنويع أعمالها، افتتحت الشركة فندق وينتوورث المكون من 450 غرفة في سيدني عام 1966. وفي عام 1967، قدمت الشركة طلبات شراء لطائرة بوينج 747 الضخمة، وفي نفس العام، غيرت "كانتاس إمباير إيرويز" اسمها رسميًا إلى "الخطوط الجوية كانتاس" (Qantas Airways)، وهو الاسم الذي نعرفه اليوم. عندما دمر إعصار تريسي مدينة داروين في عيد الميلاد عام 1974، حققت كانتاس رقمًا قياسيًا عالميًا في إجلاء أكبر عدد من الأشخاص على متن طائرة واحدة على الإطلاق، حيث قامت بإجلاء 673 شخصًا في رحلة واحدة بطائرة بوينج 747، مما يبرز دورها الحيوي في أوقات الأزمات. وفي مارس 1979، شغلت كانتاس رحلتها الأخيرة بطراز بوينج 707، وحتى تسليم أول طائرة بوينج 767 في عام 1985، كانت الشركة الوحيدة في العالم التي لديها أسطول يتكون من نوع واحد فقط من الطائرات، وهي طائرات البوينج 747 الأيقونية.

التحديث، الخصخصة، والتوسع الاستراتيجي

شهد عام 1989 تحديثًا كبيرًا لأسطول طائرات البوينج 747 مع وصول طرازات بوينج 747-400 الجديدة الأكثر تقدمًا. وسجلت رحلة تسليم أول طائرة 747-400 رقمًا قياسيًا عالميًا للطائرات التجارية، حيث حلقت لمسافة 18,001 كم (11,185 ميل) من لندن إلى سيدني دون توقف، وهو إنجاز مذهل في مجال الطيران. في أغسطس 1992، قامت الحكومة الأسترالية ببيع شركة الخطوط الجوية الأسترالية المحلية (Australian Airlines) لشركة كانتاس، مما أتاح لكانتاس الوصول إلى السوق المحلية الأسترالية لأول مرة في تاريخها، منهية بذلك فصلًا طويلاً بين عملياتها الدولية والمحلية. تمت خصخصة كانتاس على مرحلتين: الأولى كانت ببيع 25% من أسهمها للخطوط الجوية البريطانية في عام 1993، أما الـ 75% المتبقية فقد تم بيعها في طرح عام خلال منتصف عام 1995. وفي خطوة استراتيجية أخرى، طلبت كانتاس 12 طائرة إيرباص A380-800 في عام 2000، وسرعان ما أصبحت ثالث شركة طيران في العالم تستلم طائرات A380 العملاقة، بعد الخطوط الجوية السنغافورية وطيران الإمارات، مما يعكس طموحها في قيادة قطاع الطيران. بعد التوسع السريع لشركة "فيرجن بلو" في أكتوبر 2001، أنشأت كانتاس شركة طيران فرعية جديدة منخفضة التكلفة، هي "جيت ستار إيرويز" (Jetstar Airways)، لتدخل بذلك بقوة في سوق الطيران الاقتصادي. وفي 13 ديسمبر 2004، أقلعت أول رحلة لشركة "جيت ستار آسيا إيرويز" (Jetstar Asia Airways) من مركزها في سنغافورة متجهة إلى هونج كونج، مما يمثل دخول كانتاس الاستراتيجي إلى سوق الطيران الآسيوي منخفض التكلفة.

كانتاس في الألفية الجديدة

قبل 29 أكتوبر 2011، كانت كانتاس تُشغل عددًا كبيرًا من الرحلات الجوية الدولية من وإلى مراكز رئيسية مثل مطار شانغي بسنغافورة، ومطار أوكلاند، ومطار بريزبان، ومطار لوس أنجلوس الدولي، ومطار لندن هيثرو، مما يبرز اتساع شبكتها العالمية. خلال تلك الفترة، كانت كانتاس واحدة من أكثر شركات الطيران ربحية في العالم، مما يعكس كفاءتها التشغيلية ونجاحها التجاري. وفي عام 2008، شهد 19 سبتمبر احتفالًا كبيرًا بتسليم أول طائرة إيرباص A380 لشركة كانتاس، والتي بدأت أولى رحلاتها على هذا الطراز من ملبورن إلى لوس أنجلوس، لتُرسخ مكانتها كلاعب رئيسي في تشغيل أكبر طائرات الركاب في العالم.

الأسئلة الشائعة (FAQs)

ماذا يعني اختصار "كانتاس"؟

اختصار "كانتاس" (Qantas) يعني "خدمات الطيران في الإقليم الشمالي وكوينزلاند" (Queensland and Northern Territory Aerial Services)، وهو يرمز إلى مناطق أستراليا التي بدأتها الشركة في خدمتها.

متى تأسست كانتاس ومن هم مؤسسوها؟

تأسست كانتاس في 16 نوفمبر 1920 في وينتون، كوينزلاند، على يد رواد الطيران بول ماكجينيس، والسير هدسون فيش، والسير فيرجوس ماكماستر.

ما هو لقب "الكنغر الطائر" لكانتاس؟

لقب "الكنغر الطائر" (The Flying Kangaroo) هو لقب شعبي وأيقوني لكانتاس، يرمز إلى هويتها الأسترالية وقدرتها على التنقل السريع والقفز بين القارات، تمامًا كالكنغر الذي يُعد رمزًا لأستراليا.

ما هي أبرز الشركات التابعة لكانتاس؟

أبرز الشركات التابعة لكانتاس هي "QantasLink" التي تُشغل رحلات إقليمية وداخلية، و "Jetstar" وهي شركة طيران منخفضة التكلفة تُقدم خدمات دولية ومحلية، بالإضافة إلى حصص في شركات طيران أخرى تحمل علامة Jetstar.

هل كانتاس جزء من تحالف عالمي؟

نعم، كانتاس عضو مؤسس في تحالف الطيران العالمي "Oneworld"، الذي يوفر لركابها شبكة واسعة من الوجهات والفوائد عبر شركات الطيران الأعضاء.