يُعدّ عيد يسوع المسيح الملك، الذي أقرّه قداسة البابا بيوس الحادي عشر في عام 1925، إضافةً حديثة ومحورية إلى التقويم الليتورجي الغربي للكنيسة الكاثوليكية الرومانية. لم يكن إنشاء هذا العيد مجرد قرار لاهوتي بحت، بل جاء استجابةً لتحديات عصرها؛ ففي خضم تزايد النزعات القومية العلمانية وظهور الأنظمة الشمولية بعد الحرب العالمية الأولى، أراد البابا بيوس الحادي عشر، من خلال رسالته البابوية "كواس بريماس" (Quas Primas) الصادرة عام 1925، أن يؤكد السيادة المطلقة للمسيح على جميع ممالك الأرض، لا سيما في مواجهة الأيديولوجيات التي سعت لتقويض سلطة الله والكنيسة. هذا العيد يذكّر المؤمنين بأن سلطة المسيح تتجاوز الحدود الروحية لتشمل كل جوانب الحياة البشرية والاجتماعية.
في عام 1970، وضمن سياق الإصلاحات الليتورجية الواسعة التي أعقبت المجمع الفاتيكاني الثاني، تم نقل موعد الاحتفال بعيد يسوع المسيح الملك إلى الأحد الأخير من "الزمن العادي" في التقويم الروماني الكاثوليكي. هذا التعديل لم يكن عشوائيًا، بل كان يهدف إلى إبراز العيد كذروة واختتام للسنة الليتورجية، ممهدًا للدخول في زمن المجيء استعدادًا لعيد الميلاد. وبفضل هذا التغيير، يُقام الاحتفال في الكنيسة الرومانية الكاثوليكية بشكل عام خلال النصف الثاني من شهر نوفمبر، وتحديدًا بين يومي 20 و26 نوفمبر من كل عام، اعتمادًا على موقع الأحد الأخير.
التنوع في الاحتفال بعيد المسيح الملك عبر الطوائف
على الرغم من أن عيد المسيح الملك نشأ ضمن الكنيسة الكاثوليكية الرومانية، إلا أن الاحتفال به لم يقتصر عليها. لقد تبنّت العديد من الكنائس البروتستانتية هذا العيد ضمن تقاويمها الليتورجية، وذلك بفضل إدراج قراءاته ومواضيعه في "التقويم الليتورجي المشترك" (Revised Common Lectionary)، وهو نظام للقراءات الكتابية يُستخدم على نطاق واسع في كنائس مثل الكنيسة الأسقفية (الأنجليكانية)، اللوثرية، الميثودية، والعديد من الكنائس المشيخية. هذا يعكس إيمانًا مشتركًا بسيادة المسيح المطلقة وكونه ملكًا على الكون.
مواعيد احتفالية مختلفة
ليس كل المسيحيين يحتفلون بعيد المسيح الملك في نفس التاريخ أو ضمن نفس التقليد الزمني:
- الكاثوليك التقليديون: هؤلاء المؤمنون، الذين يفضلون الالتزام بالطقوس والتقويم الليتورجي الذي كان ساريًا قبل إصلاحات المجمع الفاتيكاني الثاني (المعروف باسم الشكل الاستثنائي للطقس الروماني أو قداس تريدنتين)، لم يتأثروا بقرار الكنيسة الكاثوليكية بتغيير موعد الاحتفال. لذا، فهم لا يزالون يحتفلون بعيد المسيح الملك في موعده الأصلي، وهو الأحد الأخير من شهر أكتوبر، كما كان مقررًا عند تأسيس العيد. هذا الالتزام يعكس تمسكهم بالتقاليد الليتورجية القديمة.
- الكنيسة الأرثوذكسية الروسية: في التقليد الأرثوذكسي، يُقام الاحتفال بيوم المسيح الملك في يوم الأحد الأخير من السنة الطقسية الأرثوذكسية. هذا التوقيت يضفي بعدًا رمزيًا عميقًا، إذ يمثل المسيح ملكًا على كل الأزمنة والأجيال، وهو تتويج لمسيرة الخلاص التي ترويها السنة الليتورجية بأكملها.
أسئلة شائعة حول عيد المسيح الملك
- متى تم تأسيس عيد المسيح الملك ومن قبل من؟
- تم تأسيس عيد يسوع المسيح الملك من قبل البابا بيوس الحادي عشر عام 1925، وذلك في سياق رسالته البابوية "كواس بريماس".
- لماذا تم تغيير موعد الاحتفال بعيد المسيح الملك في الكنيسة الكاثوليكية؟
- تم تغيير موعده في عام 1970 كجزء من الإصلاحات الليتورجية التي تلت المجمع الفاتيكاني الثاني، ليكون في الأحد الأخير من الزمن العادي، ليُبرز دوره كختام للسنة الليتورجية.
- هل يحتفل البروتستانت بعيد المسيح الملك؟
- نعم، العديد من الكنائس البروتستانتية تحتفل به، خاصة تلك التي تستخدم "التقويم الليتورجي المشترك"، مثل الكنائس الأنجليكانية واللوثرية والميثودية.
- ما هو الفرق بين احتفال الكاثوليك التقليديين وغيرهم؟
- الكاثوليك التقليديون يلتزمون بالتقويم الليتورجي القديم ويحتفلون به في الأحد الأخير من أكتوبر، بينما تحتفل غالبية الكاثوليك الرومان به في الأحد الأخير من الزمن العادي (أواخر نوفمبر).

English
español
français
português
русский
العربية
简体中文 
