يُعدّ عيد الصعود مناسبةً دينيةً بارزةً ومحوريةً تحتفل بها الكنائس المسيحية في شتى أنحاء العالم، وهو يخلّد ذكرى حادثةٍ فريدةٍ ومؤثرةٍ تُشير إلى الارتفاع الجسدي والنفسي للنبي عيسى عليه السلام، ابن مريم البتول، إلى السماوات العليا بعد قيامته المجيدة من بين الأموات. هذه اللحظة الروحانية العظمى تُشكل تتويجًا لرحلة يسوع المسيح على الأرض، وتُعدّ بمثابة عودته المظفرة إلى مكانته الإلهية بجوار الآب السماوي. يُعرف هذا العيد أيضًا بأسماءٍ متعددةٍ تعكس دلالاته المقدسة وتوقيته، حيث يُشار إليه بـ "يوم الصعود" أو "الخميس المقدس" أو حتى "صعود الخميس"، نظرًا لأنه غالبًا ما يقع يوم خميس وفقًا للتقويم الليتورجي.

تُشكّل هذه الحادثة، التي تُروى تفاصيلها في أسفار العهد الجديد، ولا سيما في أعمال الرسل وإنجيل لوقا، حلقةً أساسيةً في عقيدة الخلاص المسيحية. فقد حدث صعود السيد المسيح بعد مرور أربعين يومًا على قيامته من القبر، وهي فترةٌ قضاها في الظهور لتلاميذه وأتباعه، مؤكدًا لهم حقيقة قيامته ومُرسخًا تعاليمه النهائية قبل رحيله. يُنظر إلى الصعود لا كفراقٍ، بل كتحوّلٍ في وجوده، حيث ينتقل من الشكل الجسدي المرئي على الأرض إلى الوجود الروحي المُمَجّد في السماء، مع وعْدٍ بالعودة الثانية في نهاية الأزمنة.

الدلالة اللاهوتية لعيد الصعود وأهميته

يُعتبر عيد الصعود لحظةً ذات عمقٍ لاهوتيٍ هائلٍ بالنسبة للمؤمنين، فهو يرمز إلى عدة مفاهيم جوهرية في الإيمان المسيحي:

• تأكيد مجد المسيح: يُظهر الصعود أن يسوع المسيح لم يَعُد مجرد إنسان، بل هو الإله المتجسد الذي نال التمجيد التام، وعاد إلى عرشه الأبدي بجوار الآب.
• إكمال مهمة الفداء: يُشير إلى اكتمال عمل المسيح الكفاري على الأرض، من ولادته وتجسده، مرورًا بصلبه وقيامته، وصولًا إلى صعوده، مُعلنًا بذلك النصر النهائي على الخطيئة والموت.
• شفاعة المسيح: يُعتقد أن المسيح، بعد صعوده، يجلس عن يمين الآب ليشفع في المؤمنين، مقدمًا لهم غفران الخطايا والبركات الروحية.
• التحضير للحلول الروحي: يُمهد الصعود الطريق لحلول الروح القدس (يُحتفل به بعد عشرة أيام في عيد العنصرة)، حيث يُرسل المسيح الروح القدس ليُعين المؤمنين ويُقوّيهم ويُرشِدهم.
• الأمل في الخلود: يُقدم الصعود رجاءً للمؤمنين في الحياة الأبدية، حيث يُشير إلى أن البشرية قادرةٌ على الصعود إلى السماء مع المسيح، وذلك بفضل نعمته.

يُحتفل بهذا العيد بالصلوات والقداسات الخاصة التي تُركز على التسبيح والتهليل لانتصار المسيح ومجده، ويُعتبر يومًا للاحتفال بيسوع المسيح ملكًا ومخلصًا وربًا على كل الخليقة.

التسميات الشائعة لعيد الصعود

لِفهمٍ أعمق لهذا العيد، إليك تفصيلٌ لِأبرز تسمياته:

• يوم الصعود (Ascension Day): هو الاسم الأكثر شيوعًا ووضوحًا، ويُشير مباشرةً إلى الحدث الأساسي الذي يُحتفل به، وهو صعود المسيح.
• الخميس المقدس (Holy Thursday) أو صعود الخميس (Ascension Thursday): غالبًا ما يقع عيد الصعود يوم خميس، وذلك لأنه يُحتفل به بعد أربعين يومًا بالضبط من أحد الفصح (عيد القيامة)، الذي يقع دائمًا يوم أحد. هذا التحديد الزمني يُضفي عليه صبغةً خاصةً بين أيام الأسبوع.

الأسئلة الشائعة حول عيد الصعود

ما هو عيد الصعود؟

عيد الصعود هو مناسبة مسيحية تُخلّد ذكرى ارتقاء النبي عيسى عليه السلام جسديًا إلى السماء بعد أربعين يومًا من قيامته من الأموات، مما يرمز إلى عودته إلى مكانته الإلهية وتمجيده.

متى يُحتفل بعيد الصعود؟

يُحتفل بعيد الصعود دائمًا بعد أربعين يومًا من أحد الفصح (عيد القيامة). بما أن الفصح يقع يوم أحد، فإن عيد الصعود يقع دائمًا يوم خميس، ويُشار إليه بـ "خميس الصعود" أو "الخميس المقدس".

ما أهمية عيد الصعود في العقيدة المسيحية؟

يُعد عيد الصعود حجر الزاوية في الإيمان المسيحي لأنه يؤكد مجد المسيح وكمال عمل الفداء، ويُمهد الطريق لحلول الروح القدس، ويُعطي المؤمنين رجاءً في الحياة الأبدية والاتحاد بالمسيح في السماء.